الاكتواء بمرارة الاسى والحرمان المجموعة السردية ( ساعات اللا وقت ) شوقي كريم حسن |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص : اياد خضير عمل ادبي من مائة واثنان وسبعون صفحة بالحجم المتوسط ، الصادرة عن الصحيفة العربية / بغداد .. العنوان هو احدى المسرودات، ذاكرا في الاهداء الحرب والتي سلبتنا اعمارنا وانها خرابات اقدمها مقتل الباشا نوري السعيد معتذرا عن ابشع جريمة قتل تعرض عليها. 1ـــ ( صهيل القطارات المارة ... مسرودة ما مسرودة ) المسرودة الاولى في المجموعة ، أبتدأ السارد شوقي كريم حسن باستذكارنا عن القطارات والتي كنا نتلذذ بالسفر بها ذاكراً ( يا ريل صيح بقهر.. صيحة حزن يا ريل ) اغنية سومرية غناها المطرب ( ياس خضر ) ( القطارات العتيقة المشبعة بالحكايات الغريبة الطافحة بين العربات مثل سيول ماء خال من الطعم مفعم بالرائحة ، حين تمر ثاقبة آذان جدران الليل بعويلها الموقظ لمواجع الارواح ، تصاب القلوب بكدرة الاحزان التي لا يمكن التمييز بينها ومعرفة اسرار مكوثها وسط ركام التذكر ومرارته ) ص9 كلمات حزينة نابعة من قلب موجوع جاءت نتيجة الاستذكار بالمرارة التي عشناها ابان ستينيات وسبعينيات القرن الماضي والتي كانت شديدة القسوة في حياتنا اليومية تحمل في طياتها أبرز العناصر السردية في المعمار الفني للمسرودة ، والتي اسهمت في بناء تلك القصص كاشفاً عن التقلبات الفنية التي وظفها السارد شوقي كريم حسن والدالة على وسائل التعبير الجمالية والتي أعتدنا على قراءتها في كتاباته الكثيرة .. هذه المسرودة يستذكر الحرب التي مزقت النفوس وسببت الخراب ذاكرا امه المحنية الظهر والتي فقدت ( خمسة اولاد التهمتهم وحوش الحرب واحد تلو الآخر ) ص10 مسرودة ( صهيل القطارات المارة ) تحمل الالم في حوارها مع النفس ، السارد شوقي كريم حسن يشبه الكلمات بأمثلة من الواقع المر والذي ابتلى به الانسان من جور سنين مليئة بالتيه . ( الليل غائب الاتساع ، الثقيل مثل ازيز الرصاص المطشوش فوق رؤوسنا التي تشبه مقابر مكتظة بالأنين ، وانكسارات القلوب ، وثغيب الارواح ، جعلني أهيم حباً بصراخ القطارات ) ص13 كان يتمنى أن يسير في دروب الرغبات راح يتحدث مع نفسه أسئلة واجوبة معبأة بالمرارة وأحياناً بأسئلة لا يجد لها جواب والتي سدت امامه كل مسببات الوجود التي كان يأمل ان يعيشها قائلا : ( أبقتني مثل كلب ينبح في ليل موحش وسط فراغ ) ص11 لتنتهي المسرودة بكلمات موجعة اعتدنا قراءتها من قبل السارد شوقي كريم حسن . ( لا فائدة ليل القطارات موحش مليء بالذبول ، وتنهدات الارواح الملتفة بأغطية حكايات لا تمسك بخيوط الانتهاء ) ص14
2ـ ( ساعات الا وقت ) مسرودة ممسرحة . ـ 1ــ ( حشمة الخمول ) المسرودة يتحدث فيها السارد شوفي كريم حسن عن الوقت ومهمته يرويها كائن جيء به من المجهول السماوي ، يتطرق الى هموم أبناء الطين الذين تولعوا في الابتكارات فكان نصيبهم وحسب ما يرويه ( احمد سوسة ) مؤكداً ان ابناء سومر خلقوا من طين .. كانت لغة متماسكة وجذابة يرق لها القلب مليئة بالحزن والالم والمرارة . يقول نعوم تشو مسيكي : ( ان اللغة يجب ان تكون فطرية ، فاللغة في مرحلتها الاولى لا تتعلم بل تكتسب ( تنمو ) تماماً كما الانسان تنموا له ذراعان وليس جناحان ، متى ما توفرت له البيئة المناسبة ) وانا ارى اللغة عند السارد شوقي كريم حسن متكاملة بنموها المستمر من خلال القراءة المستفيضة له طيلة سنوات طويله فطوبى له ... ( ملامح الانثى الشبعادية المحلات بتيجان البردي عميق الاخضرار التي ما اينعت بعد وما حان قطافها ، وهي تلاعب اصابعها بحركات رشيقة متناغمة ، كمن تعزف على الة موسيقية خالية من التوصيف ) ص121 ينتقل بنا السارد شوقي كريم حسن الى محادثة .. أسئلة ويجيب عليها ، كلها عبر وحكم وارشادات فيها الكثير من الصور والتشبيهات يتجول بنا بلغة جميلة فيها الشجن والآهات بعدها ينتقل بنا الى اسئلة وكأننا في جولة او رحلة استكشافية فيها الكثير من العبر يقول .. ( ــ اما مللت الوقوف عند بوابات الانتظار ؟ ــ اما مللت اخفاء العشق الذي عرفته الالسن لتنسج منه حكايات موقد !! ــ أحقاً ما تقول! هذا الذي كنت اطلبه وارجوه حكايات عشق تكررها الالسن لتصنع بهجة نفوس . ــ وأنا ماذا اعني ؟ ) ص124 لتنتهي المسرودة بهذه الكلمات: ( هذا ما أرجوه ، تربعي عرش موقدنا وانصتي لم لا تعرفين من الحكايات الرافضة للتكرار .) ص123 ــ 2 ـ ( حشمة الاستيقاظ ) في هذه المسرودة يستذكر السارد شوقي كريم حسن عشبة الخلود التي سرقتها الحية من انكيدو وظلت تجدد ثوبها مستذكرا بذلك ( الهبش ) الذي خدعته حية ماء فسرقت عشبة حلمه الطائش ، ليعود ذليلاً خائباً واصفاً الموت بأنه فضح المخاوف ، المسرودة حافلة بمرارة الايام أغلبها دخلت دوامة الصراعات النفسية التي عشناها وتذوقنا مرارتها في حقبة مظلمة من تاريخ العراق اجاد السارد ان يدون تلك الارهاصات ورصد كل عينات الوجع ومخلفات الحروب من بين ركام الازمنة اللافحة للمرارة ... ( ما الموت ؟ الموت الذي لا اعرف من اين جاء بقوة سلطانه وهيمنته عارمة الاطلاق مثل سيول الفرات الاخذة قدامها كل ما تصادف ، الموت ذاك السؤال المر الذي احتاج اجابته ليستريح قلبي من مخاوفه ، خائف وذليل ، من يبصرني درب خلاصي حتى ان كان واهماً ) ص124 السارد شوقي كريم حسن جعلنا نتذوق الالم بمرارة الحسرة ، فكانت مسرودته ( حشمة الاستيقاظ ) فيض من الالم والمرارة خصوصا نحن ابناء الجنوب المولعين منذ الصغر بالأم والعذاب نتيجة الفقر والضيم الذي يتلبس العوائل اضافة الى الحروب التي ابتلينا بها والتي حرقت الاخضر واليابس وزرعت بنا اللوعة عن الاشخاص الذين التهمتهم نيران الحروب . يقول الشاعر الفرنسي ( رامبو ) : ( اخيرا وجدت فوضى روحي شيئاً مقدساً ) المسرودة ممسرحة اسئلة واجوبه ، تساؤلات عن حاكم ملأ سلال قصره بثمار الاوهام فاضحا الكهنة اصحاب الرغبات والنوايا ليحقق حلمه ويقف امام الموت لينقذ البشرية من شبح الحرب يتذكر الحية التي كانت سببا حتى اتخذ قرارا ان يقتل كل الافاعي الرقط. لتنتهي المسرودة ( هو الذي ما ترك حرباً الا وأشعل مشاعل استمرارها ، فغني بذكره الحرب حربي والبلاد بلادي .. فتصاعدي يا جذوة الانشاد ) ص126 3ــ ( نباح صامت ... مسرودة ممسرحة ) هذه المسرودة تذكرنا بأوجاعنا والتي تأزمت من خلال القبور المنتشرة على شكل فتحات متعددة الارقام ، كل منا يحفظ فتحة امواته منها القريبة واخرى بعيدة ، المسرودة كتبها السارد على شكل حوار ممسرح بين الاشخاص ، اشخاص يسألون عن فتحة قبور امواتهم من الاشخاص المنتشرين العاملين في المقبرة ، الذين يرشدون من يسال. ( مشاهد مكررة لأفعال حائرة الاجابة ) امرأة ملفعة بسواد داكن ــ عيني يمه بعد روحي روحك فتحة ثلاثين وين صارت تعبت؟ رجل مكسور الظهر تحمله عصاه بصعوبة ، تعود الاندفاع الى امام مذ كان جندياً مسلوب الوقت ، لا يعرف معاني الرفض . ــ خالي ولو انت تعبان بس لازم السؤال فتحة مية وعشرة بعيدة لو قريبة ؟ ــ نص ساعة وتوصل .. بس أتجه الى اليسار وبعدين يمين وبنص اليمين لليسار ، راح تشوف كل شيء امامك.) ص 150 كلام اغلبه باللغة العامية لغة البسطاء اعطت المسرودة نكهة خاصة نتذوقها في القراءة . نتيجة الحروب التي ابتلى بها أناس بسطاء فقدوا أعزاءهم .. كلها مشاهد مؤلمة ، (هناك ار ض محجوزة من أجل حرب قادمة مجهولة التفاصيل ) المسرودة ذات هدف اجتماعي عما يعانيه الاشخاص من جور وظلم واضطهاد فتحات المقابر توهم السائلين سنوات الحرب وجنونها أثرت سلباً على نفسيتهم .. السارد شوقي كريم حسن نجح في تجسيد مسروداته حاملة الهموم والتي يتعامل معها بإخلاص ويزداد التعامل معها عندما يجد القارئ همومه ولغته فيها عندها تكون اكثر ابداعاً وخصوصاً انها خالية من الحشو الزائد الذي يرهق السرد بالترهل . يقول ( جوته ) : ( الاسلوب هو مبدأ التركيب النشط والرفيع ، الذي يتمكن الكاتب النفاذ الى الشكل الداخلي للغته ، والكشف عنه ) تنتهي المشاهد سريعاً بعد نقاش اسئلة واجوبة ، تبين مدى القلق والحسرة تفاصيل الحياة المملة والراكدة والتي اوصلت الحروب والدمار الى النفوس .. ( المشهد يتلاشى سريعاً بعد ان اكتشف ان الكلاب لا تقدر على مفارقة الامكنة التي اعتادتها ، وان كانت مجرد برك ماء آسنة ، وحلوق اسواق صامتة تشير الى الفناء ) أعلان توضيحي نبارك لكم الخبر السعيد الذي يقول: تم فتح مقبرة نموذجية مخفضة الاسعار ، واقع 438/ 317 فتحة .) ص 154ــ 155 يقول تولستوي : ( اذا شعرت بالألم فأنت حي ، ولكن اذا شعرت بألم الاخرين فأنت أنسان ). السارد شوقي كريم حسن في مسرودته ( ساعات اللا وقت ) يدخلنا الى المسرح ويضعنا على خشبته بانتظار تقديم ما في النفوس من الم وحسرة خلال قراءاتنا المستفيضة لروايات وقصص أنه قادر على التحكم العالي في لغته ، بارعاً في النسيج المتماسك لها فنشاهد الصور الجمالية التشبيهية بين السطور ، تشعر بأنه يتجول في حديقة ملؤها الزهور تجعل المتلقي وعلامات التعجب على الجمل والالفاظ ، بعبارة اخرى هي جمل اغلبها من العلامات السيميائية الدالة من خلالها نحدد ما يحمله السارد من ثقافة ليبهرنا بأسلوبه الرشيق ، ونفسيته المتأرجحة بين المرح والحزن بين الابتسامة والدموع مجسداً مقولة افلاطون: ( كما تكون طبائع الشخص يكون اسلوبه ) .
|
المشـاهدات 164 تاريخ الإضافـة 04/10/2024 رقم المحتوى 54357 |