السبت 2024/12/21 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
غائم
بغداد 11.95 مئويـة
التطرف الديني والتعميم الخاطئ على الفرق والمذاهب الإسلامية
التطرف الديني والتعميم الخاطئ على الفرق والمذاهب الإسلامية
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب رائد الشرقي
النـص :

موضوع حساس يعكس تعقيد الصراعات الدينية عبر التاريخ. ففي كثير من الأحيان، يتم استغلال الدين لتحقيق مصالح شخصية أو سياسية من قبل بعض الأفراد والجماعات. الجهل يعد العدو الأكبر لأي مجتمع، وهو ما يجعل كل جماعة، سواء دينية أو فكرية، تحتوي بطبيعتها على جهلاء. هؤلاء الجهال هم الوقود الذي يعتمد عليه المتطرفون لنشر أفكارهم، كما يستغلهم السياسيون لتنفيذ أجنداتهم. فالجهل يؤدي إلى سوء الفهم والتفسير الخاطئ، مما يفتح الباب لاستغلال الدين كأداة للسيطرة وغسل العقول.المشكلة في الأساس ليست في الدين نفسه، بل في الأفراد المتعصبين الذين يرفضون الحوار والتعايش. التطرف ليس سمة خاصة بدين أو مذهب بعينه، بل هو نتاج للعقلية المتصلبة التي تسعى لفرض أفكارها بالقوة والعنف، معتقدةً أنها تمتلك الحقيقة المطلقة. هذا النوع من التطرف لا يقتصر على جماعة أو دين محدد؛ بل نراه عبر مختلف الأديان والفرق، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو يهودًا أو غيرهم. فعلى سبيل المثال، من قتل الحسين بن علي، وكذلك من قتل الخليفة عثمان بن عفان، استخدموا الدين لتبرير جرائمهم، مما يوضح كيف يمكن للدين أن يتحول إلى سلاح بيد المتطرفين لخدمة مصالحهم الضيقة. هنا يجب أن نؤكد أن المشكلة ليست في الدين بحد ذاته، بل في التأويلات الخاطئة والمتطرفة التي تعطي للدين وجهًا عنيفًا.الإعلام، سواء التقليدي أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يلعب دورًا كبيرًا في إشعال الفتن بين الفرق المختلفة. فحين يقوم شخص جاهل من مذهب ما بمهاجمة أتباع مذهب آخر، يأتي الرد بنفس النبرة، وتبدأ الفتنة. الإعلام يسهل انتشار هذه الرسائل المتطرفة، مما يؤدي إلى التعميم السلبي على جميع أتباع مذهب معين. التعميم بحد ذاته أحد أوجه الجهل؛ فاتهام جميع السنة أو جميع الشيعة بالتطرف بناءً على أفعال أقلية جاهلة يؤدي إلى زيادة العداء والكراهية.لمواجهة هذا التطرف، من الضروري نشر العلم والفهم الصحيح للدين. على المؤسسات الدينية ورجال الدين أن يكونوا في مقدمة من يعمل على توجيه الناس نحو الإسلام كدين سلام وتسامح، وليس كأداة للتفرقة والعنف. كذلك، يجب تعزيز قيم الحوار والتعايش بين الفرق المختلفة. على الجميع أن يدركوا أن الاختلاف في العقيدة أو الرأي أمر طبيعي وصحي، وليس بالضرورة مدعاة للعداء.نحن كعراقيين علينا أن نكون أكثر وعيًا وألا نسمح لأنفسنا بأن نكون أدوات بيد الساسة الذين يستغلون الدين لأغراضهم. من هذا المنطلق، كنت قد أشرت مرارًا إلى ضرورة تعديل اسم جهاز مكافحة الإرهاب ليشمل مكافحة التطرف، حيث أن التطرف والإرهاب هما في نفس الخندق.في النهاية، يبقى التطرف مشكلة اجتماعية أكثر منها دينية. الجهال والمتطرفون موجودون في كل مكان، وفي كل دين وطائفة. لكن المشكلة لا تكمن في الدين، بل في استغلاله وسوء فهمه لتحقيق مصالح ضيقة. علينا كعراقيين أن نتحلى بالوعي، ونتجنب التعميم والكراهية، وأن نعمل دائمًا من أجل مصلحة العراق.

 

المشـاهدات 144   تاريخ الإضافـة 05/10/2024   رقم المحتوى 54401
أضف تقييـم