النـص : لجأ الكيان الصهيوني على لسان رئيس وزراءه بنيامين نتنياهو في أكثر من مناسبة إلى توظيف الخطاب المتطرف الذي تطفح به النصوص الدينية في التوراة لتبرير العدوان الذي تشنه إسرائيل على فلسطين ولبنان واليمن، قائلاً في مؤتمر صحفي له ما نصه : (سألاحق أعدائي وسأقضي عليهم) ، والعبارة مستوحاة من أقدس النصوص الدينية المعتمدة عند اليهود، وهو التلمود الذي تُعد محتوياته في الإجمال تعاليم إلزامية وثابتة غير متغيرة، وهي تعاليم تزخر بكـل معاني العنف والاستعلاء والعنصرية والعداء للشعوب، وفي وقت لاحق وجه نتنياهو رسالة إلى الجنود الصهاينة في غزة ، أكثرَ فيها من الاقتباسات التوراتية، لتحريضهم بشكل غير مباشر ضد قطاع غزة قائلا: (أذكر ما فعله بك عماليق)، وهي عبارة مستوحاة من سفر التثنية في كتاب صموئيل، الفصل الخامس عشر، الآية الثالثة: (والآن اذهب وأضرب العماليق ولا تعفوا عنهم، بل أقتل على السواء الرجل والمرأة، الطفل والرضيع، بقراً وغنماً، جملاً وحماراً) ، ونتنياهو بهذا الخطاب يعطي تبريرًا دينيًا لهذه الإبادة، كما جاء في سفر الخروج - العهد القديم ، إذ ان (يهوشع) جاء حاملًا سيف العدل الإلهي ، وهنا لا مكان للجدل حول الإبادة، طالما ان الحكم فيها جاء من محكمة السماء التي يجلس على عرشها الرب، وبالتالي نجد ان نتنياهو - وفقا لهذا الاقتباس - قائدًا لحرب ينفذ من خلالها إرادة الرب ضد (عماليق غزة) الذين يمثلون ذروة الشر في التقاليد اليهودية. وفي موقع آخر من الرسالة، يقول نتنياهو:(كلكم من نسل سلالة الأبطال الذين لم يترددوا ولم يتراجعوا .... والجيش الإسرائيلي وقوات الأمن أمسكوا بسيف درع إسرائيل إلى الأبد، وأنتم تسيرون على خطاهم)، وهذه الاقتباسات المتطرفة التي أدلى بها اعلى سلطة في الكيان الغاصب تهدف إلى تأجيج الحرب الدينية عبر إثارة مشاعر الجمهور اليهودي، كما أنها تشير إلى أن الفكر الصهيوني نما وترعرع في تربة خصبة من الخطاب التلمودي المتطرف، الذي يبيح قتل غير اليهودي، بل أن القتل واجب عند التمكن منه ، حيث تقول نصوص التلمود: (أقتل الصالح من غير اليهود، ومحرم على اليهودي أن يُنجي أحد من باقي الأمم من هلاك أو يخرجه من حفره ،وإذا وقع أممي في حفرة فسدها بحجر)، فضلاً عن ان هذه الاقتباسات وغيرها كثير تحاول ان تضيف بعد تأريخي وعاطفي للنهج العدواني الاسرائيلي، وهي خطابات تنبض بالعنف والعنصرية والحقد، وتعكس بجلاء موقفاً سلبياً تجاه الآخر يتسم بإنكار انسانيته والحط من كرامتـه فالأرواح غير اليهودية (بحسب هذه النصوص) هي ارواح شيطانية وشبيهة بأرواح الحيوانات .مما لا شك فيه بأن إلقاء الضوء على هذه الخطابات وتقصي أبعادها ومنطلقاتها تعطينا بعضاً من ملامح الفكر الصهيوني والخطط المستقبلية له، وكذلك تعرفنا بنفسية العدو الذي نلتحم معه في معركة مصيرية منذ أمد بعيد، لذلك فأن دراسة الجانب العدواني لهذه الشخصية والذي يعدّ جزءاً مهماً من ملامح تلك الشخصية امراً مهماً اليوم أكثر من أي وقت مضى، والحاجة لها في مجتمعنا الاسلامي اكثر إلحاحا ، لان القضية الفلسطينية ما زالت تنزف في قلب العالم الاسلامي قدراً هائلاً من الدمع والدم.
|