النـص :
كانت احدى المدن التي يتمناها الاخرون وكانت مقصد الزوار من ارجاء المعمورة فهي مدينة الجمال والتأريخ والعلم والحضارة ، مدينة تحف بها الخضرة حيث الحدائق والبساتين الغافية على نهر دجلة الذي يقسمها نصفين كان هواؤها نقيا ينعش النفوس والاجساد لكنها مع مرور الوقت اخذت المدينة الوارفة تفقد رونقها وتتراجع شيئا فشيئا حتى باتت اليوم ثالث المدن بين عواصم العالم الاكثر تلوثا وفق ما سجلته وكالة ناسا من مؤشرات حول نسبة التلوث لبغداد فقد تجاوزت المواد المتطايرة حاجز ال 150 ميكروجرام/ متر وهذا من شأنه ان يسبب مخاطر صحية تهدد سكان العاصمة الذين شموا روائح كبريتية قد انتشرت في الفضاء بل لاحظوا ان سماء المدينة قد غطته كتل من الغمام ، وقبل ان نذهب الى اسباب حدوث هذه الظاهرة التي ترتبط بعديد الاسباب منها الملوثات الصناعية وحرق الوقود الاحفوري والاشعاعات المؤينة والاشعاعات الكونية والجزيئات المعلقة وغير ذلك ولكن لابد ان نتسائل من المسؤول عن حدوثها ؟ وهل حدث هذا بالصدفة ؟ ام كانت التوقعات لما يحدث تشير الى هذه النتائج
لم يكن هذا الامرمفاجئا فقد شهدت المدينة في السنين الاخيرة عبثا في معظم المجالات البيئية والتي ساهمت فيها الحكومات المتعاقبة ممثلة بوزارة البيئة التي ضعف دورها وفعل وجودها في تطبيق ابسط القوانين واتخاذ الاجراءات القانونية بحق من يعبث بالبيئة ويجرف بساتينها ويلغي خضرتها ليحولها الى مشاريع استثمارية من حدات سكنية ومصانع ومطاعم ومحلات وغيرها، فما تعرضت له البيئة العراقية من اهمال وممارسات وانتهاك لم يشهد له مثيل في العالم هذا من جانب اما الجانب الاخر فيتحمله المواطن العراقي ولا اريد التعميم هنا بل ان النسبة العظمى منهم فقدوا المواطنة البيئية وقطعوا العلاقة معها بل صاروا يعتدون عليها بمختلف الممارسات التي تسىء الى ارضها ومائها ونظافتها ونقاء هواءها ولعل ابسط الممارسات التي يقومون بها ضد البيئة هي رمي الفضلات في مياه الانهراو اماكن غير مخصصة لذلك او حرقها في مناطق سكنية وتوجد الكثير منها في مناطق قريبة من العاصمة ناهيك عن انبعاثات عوادم المحروقات التي تسببها المركبات لاسيما القديمة منها والتي ينبغي من المعنين في اجهزة المروروضع شروط السلامة البيئية جراء ذلك. ان الاعلام والجهات الحكومية والمواطن تقع عليهم المسؤولية المجتمعية المشتركة في انقاذ البيئة ولابد ان يعمل الجميع للحد من زيادة التلوث والقيام بأعادة التدوير والحفاظ على الموارد الطبيعبة وزيادة المساحاات الخضراء وضرورة التوعية البيئية والتأكيد على المسؤولية المجتمعية والتخلص السليم من النفايات ومعالجة التزايد الكمي لملايين المركبات ووضع خطط توعوية وبرامج تطبيقية لاعتماد النقل العام بهذا يمكننا ان نحد من الخطر المحدق بنا وهي محاولة جادة لاعادة العلاقة الايجابية بين الانسان والبيئة لانقاذ ما يمكن قبل ان تتحول الى فضاء قاتل للبشر .
|