النـص :
يمثل احترام الثقافات المختلفة وبناء جسور مع الشعوب، مجموعة من القيم والمعتقدات والعادات التي تكوّن وتمنح الشكل والمظهر لمجتمع معين، والتي مجتمعة تشمل ممارسات وقواعد ومعايير العيش والوجود في موطن محدد، وهذه الثقافة تعد شيئا مكتسبا يتم تلقيها وتعلمها من خلال الاطلاع والمتابعة للثقافات الأخرى، ويمثل التعلم والاختلاط واكتساب المهارات الموادر المثلى لنشأتها وتناميها.والثقافة في جوهرها تعبر عن كل ما يضيء العقل ويهذب الذوق ويرصن السلوك، لاسيما اذا اقترنت باحترام الثقافات المختلفة، التي باتت مفهوما أساسيا في عالمنا المعاصر، إذ أصبحَ انتشار الثقافات واسع في مجتمعاتنا وزاد التفاعل نحوها بين الشعوب من خلال مواقع التواصل"السوشل ميديا" التي جعلت من السهل الوصول لأي شيء ولأي ثقافة في أي بلد والتعرف عليها وتقليدها وربما التأثر بها.في الوقت نفسه، ومع تعدد الثقافات وانتشارها يبقى الاحترام (المتبادل) بين الثقافات امرا ضرورياً ومُلِحا للغاية؛ من أجل تحقيق التفاهم والسلام بين المجتمعات، وبخاصة عندما نكون أكثر وعيا وتحضرا، وتكون عقولنا وقلوبنا أكثر إدراكا وحكمة لتقبل الآخرين؛ كي نتمكن من بناء جسور التواصل وتعزيز العلاقات، خاصة اذا فهمنا ان الإطلاع على الثقافات المغايرة وأخذ منها كلُ شيء يثري حياتنا يمكن أن يعلمنا الكثير من الأشياء، على سبيل المثال العادات والتقاليد المشتركة والعادات الغذائية والاجتماعية والفنية التي تعكس تجارب الشعوب المختلفة، يمكن عبرها أن تنشر ثقافتنا بشكل إيجابي، يعكس جمال بلدنا وتغيير الصورة النمطية المأخوذة عنهُ.من زاوية اخرى، هناك طرق عديدة لنشر ثقافتنا ويُعد الفن وسيلة مهمة ورئيسة لنشر الثقافة بشكل جميل يظهر تراثنا، وحضارتنا والوجه المشرق لبلدنا، مثلما ساهمت الأغاني العراقية -في الاونة الأخيرة- بنشر الثقافة العراقية، والتعبير عن الهوية الوطنية والتقاليد الشعبية التي يتمتع بها عراقنا العريق، وان هذا كلهُ يساعد في تعزيز الشعور بالانتماء، الى البلد وحمل رسالة السلام (المضمورة) عنه، فضلا عن أن الأغاني تُعد وسيلة للتواصل بين الأجيال، لاسيما أنها تنقل القيم والمعتقدات من خلال الكلمات واللحن الذي يعبر عن التراث العراقي الأصيل، مما يجعل الثقافة العراقية أكثر وضوحاً وانتشاراً بينَ الشعوب المختلفة.بالجانب الآخر، إن احد أهم الجوانب المهمة لاختلاف الثقافات، يتمثل في كيفية تأثير التواصل بين الأفراد وفروقاتهم الفردية (حتى لو كانت بسيطة) على تقارب الثقافات، مثال ذلك: أشكال التحية، والتعبير عن الاحترام المختلف بين ملابس وملامح ثقافة الشعوب الأخرى، خاصة قد يعلم البعض ان الاتصال البصري لدى بعض الشعوب يعد من علامات الثقة لدى الاشخاص، بينما في ثقافة أخرى يُعد شيء غير مهذب، وهذا بدوره قد يؤدي إلى سوء فهم إذا لم يكون الأفراد على دراية بهذه الإختلافات والتقاطعات. أيضا يمكن أن تسهم الثقافات المختلفة في تعزيز التنوع الابتكاري، وذلك عندما يجتمع أشخاص من خلفيات ثقافية متنوعة، فتكون هناك وجهات نظر وأفكار جديدة وربما مغايرة عما موجود؛ ما يعكس امكانية الوصول إلى حلول إبداعية لبعض المشكلات، او ابتكارات نيرة في مجال معين، لكن من المهم أن نتعامل مع هذه الاختلافات الثقافية بحذر تام، وفهم واع؛ لأنها ممكن أن تسبب صراعات وخلافات وانشقاقات داخلية قد تمتد الى نزاعات خارجية، ما يستدعي استحضار الحوار الثقافي وتعزيز التفاهم بين الشعوب، من أجل تقليل الفجوات، ودعم التعايش السلمي بين الأفراد.في الختام، يُعد احترام الثقافات المختلفة خطوة مهمة نحو عالم اكثر انسجاماً وأجمل نظارة، وهذا يتجلى بتقدير الفوارق، وتقدير التنوع، ويحتم علينا أن نحترم جميع الثقافات، ولا نقلل من شأنها؛ لأن ذلك يغني ثقافتنا ويرفع قيمنا، ويحسن آدميتنا؛ فثقافة احترام الآخر هي حياة تساهم في بناء مجتمع تسوده المحبة ويرفرف في ارجائه السلام.
|