قد يُغضب الفعل "نجح" من لم يتذوق طعم النجاح، لكن من الواضح أن المهرجان في دورته الحالية حقق نجاحًا كبيرًا. ورغم أنني لم أكن من الحاضرين، فإنني كنت من المتابعين للمهرجان عن كثب، وأستطيع أن أشهد بنجاحه من حيث الإعداد، والتنظيم، والتوقيت، والمكان.

لقد وفّر المهرجان منصة شعرية للجميع، وأتاح الفرصة للشعراء، على اختلاف مستوياتهم، لعرض إبداعاتهم أمام جمهور واسع. كان النجاح واضحًا في خلق بيئة شعرية تفاعلية تتيح للجميع التعبير عن أنفسهم، بغض النظر عن تفاوت المستويات الفنية بين الشعراء. كما نجح المهرجان في تقليص الفجوة بين منصة الشعر والجمهور، حيث لم يقتصر دور الحضور على الاستماع، بل شاركوا في نقاشات حول تأثير الشعر في المجتمع ودوره في التعبير عن القضايا الإنسانية والوطنية.

كان المهرجان أيضًا مكانًا لإعلان التضامن مع قضايا الشعوب، مثل الشعبين الفلسطيني واللبناني، مما جعله ليس مجرد حدث أدبي، بل منصة حوارية تفاعلية تجمع بين الثقافة والشعر والتضامن.

فالشعراء المشاركون، مثل محمد بنيس من المغرب، وعبد المعطي حجازي من مصر، وموفق محمد، وعدنان الصائغ، وكاظم الحجاج، وناهض الخياط من العراق، قدموا قصائد تعكس عمق التجربة وخبرة الحياة. بالرغم من أن البعض منهم  قرأ  قصائدا تم استدعاؤها من الذاكرة، إلا أنها  حية وحاضرة. وعلى الجانب الآخر، قدّم الشعراء الشباب قصائد بروح متجددة وطاقات إبداعية، متطلعين إلى آفاق التجديد.

نجح المهرجان في خلق بيئة شعرية متكاملة، جمعت بين القصائد التقليدية التي اتسمت بالوزن والقافية، وبين الشعر الحر الحداثي، مما أتاح للجمهور تذوق أنماط شعرية متنوعة. هذا التناغم بين الكلاسيكي والحداثي جعل المهرجان جسراً يجمع بين ماضي الشعر وحاضره، وخلق تفاعلًا إبداعيًا بين الشعراء على اختلاف أجيالهم.

لكن لا يمكننا تجاهل ملاحظات الجمهور والنقاد حول وجود بعض القصائد التي اتسمت بالسطحية وضعف المستوى الفني، نتيجة ضعف أدوات بعض الشعراء واعتمادهم على أساليب سطحية تفتقر إلى العمق والجمالية الفنية. ومع ذلك، فإن هذه الأمور لا تقع على عاتق المهرجان، بل تعكس مستوى الشعراء أنفسهم. تظل مهمة المهرجان هي توفير الفرصة للجميع، ليعرضوا تجاربهم ويتعلموا من الآخرين، مما يسهم في تطوير الأداء وتحسين مهارات الشعراء.

وفي النهاية، انتهى المهرجان بنجاح

 على أمل لقاء جديد في الدورة السادسة عشرة.

 أبارك للجميع جهودهم في إنجاح المهرجان

مهرجان الجواهري 15 تستمر فعالياته المتعددة.