الجمعة 2025/1/3 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 8.95 مئويـة
نيوز بار
قوس درامـي
قوس درامـي
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب عبدالحليم مهودر
النـص :

 

 

 

أتحدّثُ لكم عن أبي، رجلٌ عصامي، يسكنُ في قرية مع والدتي، أنا إبنهُ الوحيد. لقد ذهبتُ إلى المدينة لإكمال دراستي فاستهوتني المدينةُ، عملتُ وسكنتُ بها ثم تزوّجت. استقرّت ملامحُ المدينةِ في نفسي فلا أطيقُ فراقها، هكذا أعلمتُ أبي.

أنا مؤلفٌ مسرحيّ.

أبي بقيَ متمسّكاً بالقريةِ حتى بعدَ أن توفيت أمي.

عندما حلَّ الفيضانُ واجتاحَ القريةَ كانَ لزاماً عليَّ أن أنقلُهُ من هناكَ، خصوصاً وأنهُ كانَ كبيراً في السنّ وقد فقدَ كلّ شيء، بيتهُ قد تهدّم وأرضهُ غمرتها المياه.

أجبرتُهُ على الانتقال.

كلّ شيء ضاعَ، لم يبقَ ما تبكي عليه.

لا أستطيعُ أن أترككَ.

أنا المستعجلُ وهو المتثاقلُ..!

كانَ خائفاً من أنَّ المدينةَ تكسرُ وقارَهُ، ودَّ لو كانَ ميتاً..  كانَ مُقَدَّرٌ لي أن أكون ابناً للأرضِ إلاّ أنها رفضتني.

أبي حَكَمَت الظروفُ.

كنتُ راضياً في عيشي، تجتاحني رائحةُ الأرض وتملأ عيني الخضرةُ والماءُ، الماء؛ آه أيها الماكر: نخشاكَ ونتبعك.

لا أستطيع أن أتظاهر بالرضا يا ولدي؛ أبيت إلا أن نرحل لا أستطيع أن أتركك.

أرضي أمٌّ راعيةٌ حنونة سيظلُّ طيفُها يراودني إلى آخر العمر، كيف تريدني أن أفارق أرض أجدادي وهذا الماء وخلود الحكايات..؟

لابدّ من هذا الأمر..

في الطريق تعطّلت السيارة، ما أن هبَّ الناسُ نحونا حتى فاجأني إنه يعرف شخصاً نسيتُ إسمه!

عندما استفسرَ منهم عن هذا الرجل، أجابهُ أحدهم أنَّهُ جدي.

قالَ لهم: أخبروه أنَّ عاصي نزلَ بالقربِ منكَ.

عندما أعلموا هذا الجدّ جاءَ يركضُ حافي القدمين وأخذا يتبادلان الحديث.

المهم، أصلحتُ السيارة ووصلنا للبيت.

تعجَّبَ من التلفزيون، ولم يقتنع أنني أُكلّمُ شخصاً بالهاتف وهو بعيد عني. أما استعمال المرافق الصحية فكانت مشكلةُ المشاكل، يرفضُ أن يأكل على الطاولة، يضعُ الصينيةَ على الأرض .

كانت حيرتُهُ وذهولُهُ كبيرين ولم يستطع أن يخرج من ذات القرية التي تلبَّستهُ.

ألَّفتُ مسرحيةً عن هذا الرجل الذي لم يزر المدينةَ . كانت فكرة استهوت أحد المخرجين.

اقترحَ عليَّ المخرج أن أجلب أبي في يوم العرض الأول .

كانَ المخرجُ لديه رغبةً أن يُقدّمَ أبي للجمهور في نهايةِ العرض المسرحي.

 عندما سكنّا في فندقٍ كانَ قلقهُ وخوفهُ أشدّ، يخاف أن يستعمل أيّ شيء ويسأل قبلَ أن يلمس المناشفَ، الصابون، الثلاجة، وقد ارتبكَ عندما جلسنا في المطعم.

أخيراً جلسنا أنا وهو خلفَ الكواليس.

عندما سحبهُ المخرجُ بعدَ انتهاء العرض المسرحي بصعوبةٍ أفلتَ يدي.

تفاجأ أنَّ أكثر من خمسمائةِ شخصٍ قد وقفوا يصفقونَ له.

لا يعرفُ الإنحناء..

لكنهُ رفعَ يدهُ وحيّا الجمهور.

 

 

استعنت بالذكاء الاصطناعي عن القوس الدرامي..

يستخدم في دراسة الأدب والسينما للأشارة إلى هيكل درامي يتكون من عناصر رئيسية وهي المقدمة والذروة والعقدة والنهاية .

يتبع القوس الدرامي أو السردي تطور الأحداث يتناول الصعود والهبوط والتوتر والتحليل مما يخلق تجربة مثيرة ومشوقة للقارئ أو المشاهد.

المشـاهدات 176   تاريخ الإضافـة 03/11/2024   رقم المحتوى 55272
أضف تقييـم