النـص :
بعد جدل ومناظرات وتنافس واختيارات انتهت الانتخابات الأمريكية مؤخرا وفاز ترامب مرة ثانية ليكون الرئيس السابع والأربعين للبيت الأبيض ولكن السؤال الأهم هو لماذا تنال الانتخابات كل هذا الاهتمام العالمي ؟ الجواب ببساطة يكمن في ان أمريكا لديها القوة الكبيرة في التأثير المباشر وغير المباشر على السياسات العالمية
وعلى استقرار العديد من المناطق حول العالم، بما فيها الشرق الأوسط. كما ان تأثير الولايات المتحدة يأتي من كونها قوة اقتصادية وتكنولوجية وعسكرية ودبلوماسية وثقافية رائدة، ولأنها تملك نفوذًا واسعًا في المؤسسات الدولية كالاقتصاد العالمي، والسياسات المتعلقة بالطاقة، ومواقفها بشأن قضايا الأمن القومي والإرهاب والهجرة وقضايا البيئة والتغيرات المناخية إضافة إلى التحالفات الدولية والشراكات الاستراتيجية وغيرها ، اما الرئيس الأمريكي فهو صاحب نفوذ قوي على قرارات بلاده المتعلقة بالتحالفات العسكرية والدبلوماسية، لا سيما إذا كانت النسبة الأكبر في مجلس الشيوخ والبرلمان من ذات الحزب الذي يمثله الرئيس ، اما عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة، فان ذلك يشير إلى تحولات كثيرة سيشهدها العالم بما فيها البلدان التي تشهد صراعات وحروب وازمات كما في الحرب الروسية الاوكرانية او ما يحدث في الشرق الأوسط . فترامب خلال فترة رئاسته السابقة (2017-2021) تبنى سياسة “أمريكا أولاً”، التي شملت انسحاب بلاده من بعض الالتزامات الدولية، مثل الاتفاق النووي الإيراني، وفرض ضغوط شديدة عليها، وطرح خطط جديدة تجاه إسرائيل والقضية الفلسطينية (مثل “صفقة القرن وتشجيع مبادرة التطبيع ). ورغم أنه وعد بتقليص الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، إلا أن سياساته أثرت بشكل كبير على الأوضاع هناك. لكن عودة ترامب الان قد تعني مزيدًا من التصعيد في التعامل مع إيران، مما قد يعيد التوترات التي كانت حاضرة بقوة انذاك .إن توجهات السياسة الأمريكية عموما قائمة على تعزيز التحالفات مع حلفاء تقليديين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مثل إسرائيل والسعودية وعدد من البلدان العربية ومقابل ذلك استخدم الصغط والتشديد مع اقطاب اخرى وفي مقدمتها ايران والجماعات المرتبطة بها. وهذا قد يفتح بابًا لمزيد من التصعيد العسكري أو المواجهات غير المباشرة، لكنه أيضًا قد يوفر دعمًا لبعض الحكومات في المنطقة التي تواجه تحديات داخلية من الجماعات المسلحة أو عدم الاستقرار الاقتصادي. ورغم أن سياسة الجمهوريين تتميز بالتركيز على مكافحة الإرهاب ودعم الاستقرار عبر التحالفات الإقليمية، فإن الاعتماد على النهج العسكري وحده قد يؤدي إلى تصاعد الأزمات لاسيما إن امريكا تعتقد ان ايران كانت عاملا اساسيًا في زعزعة استقرار المنطقة وامتدت عبر فصائلها التابعة إلى بلدان عربية هي العراق وسوريا ولبنان واليمن مما يزيد في حجم وتصاعد الصراعات وهذا الواقع سيجعل الأمور تتجه إلى ضرورة إعادة التوازن والاستقرار الإقليمي واتخاذ التدابير المناسبة وفق متطلبات الحالة وردود الأفعال ومن المرجح اعتماد سياسة اكثر تشددا ضد ايران لتقليص نفوذها وإيقاف المد الذي انتهجته منذ عقود،
لهذه الأسباب وغيرها، تتابع الدول حول العالم الانتخابات الأمريكية لأنها لا تؤثر فقط على الولايات المتحدة بل تمتد تداعياتها لتطال كل ركن من أركان النظام الدولي، مما يجعل نتائجها ذات أهمية عالمية
|