الثلاثاء 2025/12/23 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 12.95 مئويـة
نيوز بار
بين الديمقراطية و الانتخابات
بين الديمقراطية و الانتخابات
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د. حسين عبد القادر المؤيد
النـص :

تعتبر الانتخابات في الديمقراطيات الحقيقية، وسيلة لتحقيق الديمقراطية، أي سلطة الشعب و سيادته على مؤسسات الحكم و قراراتها.و هذا ينطبق حتى على ما سمي في الفكر السياسي الحديث بالتعريف الإجرائي للديمقراطية و الذي صاغه عالم الاقتصاد و السياسة جوزيف شومبيتر المتوفى سنة ١٩٥٠ بقوله عن الديمقراطية في كتابه الرأسمالية و الاشتراكية و الديمقراطية و الذي أصدره عام ١٩٤٢ بأنها طريقة مؤسسية للوصول إلى قرارات سياسية عبر منافسة سلمية على أصوات الناخبين، فالانتخابات طبق هذا التعريف الإجرائي للديمقراطية، و الذي ينظر اليها كنظام حكم من زاوية إجرائية، و ليس كمفهوم فلسفي أو قيمة سياسية، هي وسيلة لها صفة آلية للطريقة المؤسسية للوصول إلى القرارات السياسية. كل الدول الحديثة في العالم التي تعتمد الديمقراطية في أنظمة الحكم، تتعامل مع الانتخابات وفق هذه الرؤية، و لهذا فهي تعطي اهتماما بالغا لما يضمن نقطتين أساسيتين في هذه الآلية و هما : السلامة و العدالة، فسلامة الانتخابات تتحقق بنزاهتها من التلاعب و التزوير و الأخطاء التقنية، و أما عدالة الانتخابات، فهي بمعنيين : الأول، تمثيلها لجميع شرائح الشعب و القوى السياسية المنبثقة عنه، و الثاني، إتاحتها الفرص المتكافئة للمتنافسين.و في ضوء ذلك، من الخطأ منهجيا و عمليا، النظر إلى الانتخابات و التعامل معها كغاية بنحو يختزل الديمقراطية في الانتخابات.لقد وقعت العملية السياسية في العراق بعد ٢٠٠٣ في هذا الخطأ الجسيم، و الذي عملت قوى العملية السياسية المهيمنة عليها، على التركيز عليه لأنه هو الذي يلبي مصالحها، فاختزلت الديمقراطية في العراق، بالانتخابات، و كأن وجود انتخابات مهما كان عليها من ملاحظات، هو الغاية، و هو الذي يبرر دعوى وجود ديمقراطية في العراق، و يبرر اتصاف نظام الحكم في العراق، بصفة الديمقراطية. و قد أغدق الإعلام الرسمي و إعلام القوى المهيمنة على العملية السياسية، أوصافا على الانتخابات من قبيل العرس الانتخابي و الكرنفال الانتخابي و أمثال ذلك، و كأن الانتخابات هي جوهر النظام السياسي الذي تكاد تنغلق دائرته على القوى المهيمنة على العملية السياسية و من تسمح له هذه القوى بشكل من المشاركة. إن الحقيقة الساطعة، هي أن الانتخابات التي تجري في العراق، ليست وجها معبّرا عن الديمقراطية، و لا يمكن الاستدلال بها على أن الديمقراطية هي منهج الحكم في العراق. و يكفي لبيان ذلك، النظر إلى جملة من النقاط و هي ليست كل النقاط:- ١- لا تستقيم الديمقراطية مع وجود فصائل مسلحة، لا تخضع لسيطرة الدولة، و تأتمر بأوامر جهة أخرى، و لا مع وجود السلاح المنفلت. ٢- لا تستقيم الديمقراطية في ظل عدم وجود انضباط للأحزاب و الكتل السياسية بمعايير قانونية و سياسية، تعتبر من شروط أي حكم ديمقراطي حقيقي. ٣- لا تستقيم الديمقراطية في ظل انتخابات لا تتكافأ فيها فرص المرشحين، و يلعب المال السياسي و الاستخدام غير المشروع للمناصب و الدعايات التي تعتمد الشحن الطائفي و تلفيق الأكاذيب، دورا بالغ التأثير فيها. ٤- لا تستقيم الديمقراطية في ظل انتخابات تديرها مفوضية - بغض النظر عن أشخاصها- لا تمتلك الضمانات اللازمة لاستقلاليتها.  ٥- لا تستقيم الديمقراطية في ظل سيادة منتهكة، فالتدخل الإيراني بشتى صوره و أشكاله، قائم على الصعيدين الرسمي و غير الرسمي.  ٦- لا تستقيم الديمقراطية في ظل انتخابات لا تمثل جميع شرائح الشعب و لا القوى السياسية التي تنبثق عنه، فمن حرمان العراقيين في الخارج من المشاركة في الانتخابات، و هم عدد لا يستهان به و يلعب دورا مؤثرا على نتائج الانتخابات، إلى اعتماد قانون انتخابي لا يحقق العدالة لا للمرشحين و لا للناخبين، إلى عدم وجود فضاء سياسي حر و آمن يتيح التمثيل الشعبي لكل تنظيم أو تكتل، إلى التحكم في فلترة المترشحين للانتخابات، إلى غير ذلك من الطعون التي تخل بالعملية الانتخابية و بالمنهج الديمقراطي. و هكذا يتضح، أن الشعب العراقي، بحاجة ماسّة إلى منهج ديمقراطي يتطابق مع معايير الديمقراطية الحقيقية الصحيحة، تقام على أساسه انتخابات سليمة و عادلة، كي تكون وسيلة حقيقية ذات مصداقية لتحقيق سلطة الشعب و سيادته على مؤسسات الحكم و قراراتها.

 

المشـاهدات 58   تاريخ الإضافـة 22/12/2025   رقم المحتوى 69211
أضف تقييـم