الإثنين 2024/11/25 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
غائم
بغداد 14.95 مئويـة
حكايات العشق والشعر والرواية العربية !!
حكايات العشق والشعر والرواية العربية !!
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

 عبدالواحد محمّد

 روائي عربي

حكايات  الهيام. والعشق. للمرأة العربية. التي جاءت  في  كتب التاريخ  الإنساني وعذاب الشعراء بحبهم الخارق  لمن هاموا بها  بين دروب القبيلة وصحراء. مممتدة بلا حدود مع قبائل زمن وتاريخ 

ومازالت تحكي بيننا بلغة الرواية العربية. من المحيط إلي الخليج التي فيها الحب والعشق وسحره   دوما. ودائما سلام. وانتماء  ووطن .

عبدالواحد محمد روائي عربي

ونجد في  التراث العربي المثير  من قصص العشق والهيام، منها ما انتهى نهاية سعيدة ومنها ما وصل إلى طريق مسدود ومات الحبيب في نهاية الأمر بشكل مأساوي

 ولعلنا سمعنا بقصة قيس وليلى أو عنترة وعبلة، وربما سمعنا بقصص أخرى.

وهنا سوف نتوقف مع أبرز هذه القصص أو ثنائيات الحب في التراث التي كان أبطالها في الغالب شعراء بل هم كذلك، ولكأن الشعر هو نديم الهيام، ولا ننسى أن القصائد كانت تفتتح بالغزل والنسيب، ولعل في ذلك دفعاً للذات والنفس بأن تكون قادرة على اقتلاع ما فيها وتحريكها لكي تبوح حيث يكون الغزل بداية لتحرر كبير يفتح شغف القول لما هو أعمق وأبعد في القصيدة من حكايات وقصص أخرى ومرويات وحكم.

وهي من القصص الشهيرة بطلها عنترة بن شداد من قبيلة بني عبس وعبلة وهو ذلك الفارس الذي يرهب الأعداء في حرب داحس والغبراء، وأمه كانت جارية، وبعد أن أثبت قدراته في الحروب، ألحق نسبه ببني عبس وأصبح من الأحرار بحسب تقاليد ذلك الزمان.

وقد أحب عنترة ابنة عمه عبلة بنت مالك، ولكن المنال لم يكن سهلاً إلى أن أنجز مهمة أسطورية في تلبية طلب والدها بجلب النوق العصافير من الملك النعمان، ليكلل الهيام بالمراد، رغم ما قيل إنه خانها فيما بعد.

وقد ذكر عنترة عبلة في أشعاره كثيراً، ومعلقته الشهيرة، كقوله:

يا دار عبلة بالجواء تكلمي

وعمي صباحاً دار عبلة واسلمي

وهي قصة انتهت بالصدّ، فجميل بن معمر الذي عاش في العصر الأموي، وأحب بثينة وكلاهما من بني عذرة مع اختلاف الفرع، وقد تقابلا في مرابع الإبل في مشادة بسبب الهجن في البداية انتهت إلى هيام، لم ينل وطره من بثينة، إذ مانعه أهلها. لكنه لم يقتل الحب، رغم أن محبوبته ذهبت لزواج رجل آخر بإملاء الأهل، وظلت في نفسها مع هواها الأول والأخير، ويقال إنهما كانا يتقابلان سراً أحياناً ليبلا الأشواق ولكن في لقاء عفيف بحسب المرويات. ويشار إلى كلمة "الحب العذري" جاءت من هذه القبيلة "بني عذرة" وسياق قصة جميل وبثينة، أي ذلك الحب العفيف والطاهر.

بعد زواج بثينة ضاق الحال بجميل فسافر إلى اليمن لأخواله، ثم عاد إلى مرابع الأهل في وادى القرى لاحقاً دون أن ينسى هواه، فوجد أن بثينة قد غادرت مع أهلها إلى الشام، فقرر أن يهاجر إلى مصر وظل هناك إلى أن مات يتذكر حبه القديم، وهناك أنشد في أيامه الأخيرة قبل رحيله:

وما ذكرتك النفس يا بثين مرة

من الدهر إلا كادت النفس تتلف

وإلا علتني عبرة واستكانة

وفاض لها جار من الدمع يذرف

تعلقتها والنفس مني صحيحة

فما زال ينمى حب جمل وتضعف

إلى اليوم حتى سلّ جسمي وشفني

وأنكرت من نفسي الذي كانت أعرف

وقيل إن بثينة عرفت بالخبر ففجعت وأنشدت شعراً في رثاء الحبيب المكلوم، ويجب الإشارة إلى أن الرواة قد تفاوتوا في توصيف شخصية جميل، فثمة من رآه عفيفاً ومن قال إنه كان ماجناً، وفي نهاية الأمر فإن القصة أخذت طابعاً أسطورياً وجمالياً أكثر من عمقها الحقيقي، مثلها مثل كل قصص الحب عند العرب.

كثير بن عبد الرحمن الأسود الخزاعي، من شعراء العصر الأموي، عرف بعشقه لعزة بنت جميل الكنانية، فقد والده في الصغر وعاش يتيماً وقيل إنه كان سليط اللسان منذ صباه، وقد رباه عمه في مرابع الإبل وأبعده عن الناس حتى يصونه عن الطيش، وقد اشتهر بهيامه بعزة حتى أنه كُني بها فصار يلقب بـ "كثير عزة"، ويذكر أنه أولع بها عندما أرشدته مرة إلى موضع ماء لسقاية الإبل في إحدى رحلاته بالمراعي وقد كانت صغيرة السن.

وكأغلب قصص الحب عند العرب لم يتزوج، لأن عادة العرب كانت ألا يزوجوا من يتغزل شعراً ببناتهم.

وقد تزوجت بثينة وغادرت من المدينة المنورة إلى مصر مع زوجها، ولحق بها جميل هناك. لكنه عاد إلى المدينة وتوفي بها.

ومن قوله:

رأيت جمالها تعلو الثنايا

كأنّ ذرى هوادجها البروج

وذكر أن عبد الملك بن مروان سمع بقصصه، فلما دخل عليه ذات يوم وقد كان كثير قصير القامة نحيل الجسم كما قيل إنه كان أعور كذلك.

قال عبدالملك: أأنت كثير عزة؟

وأردف: أن تسمع بالمعيدى خير من أن تراه!

فأنشده قولا القصيدة الشهيرة التي مطلعها:

ترى الرجل النحيف فتزدريه

وفـي أثـوابـه أســد هـصـورُ

ويعجـبـك الطـريـر إذا تـــراهُ

ويخلفُ ظنكَ الرجـلُ الطريـرُ

بغـاث الطيـر أكثرهـا فراخـاً

وأم الصقر مقلات نزور

فقال عبد الملك: لله دره، ما أفصح لسانه، وأطول عنانه! والله إني لأظنه كما وصف نفسه.

وقيل إنه عند وفاته شُيّع بواسطة النساء أكثر من الرجال وكن يبكينه ويذكرن عزة في ندبهن.

هو قيس بن الملوح عشق ليلى بنت مهدي بن ربيعة بن عامر "ليلى العامرية" وعاشا في البادية بنجد في العصر الأموي، وككل القصص السابقة لابد من رعي الأبل وحيث يبدأ الحب في المرابع، وهي ابنة عمه كانت لهما طفولة مشتركة وقد أحبها في سن صغيرة.

وكما يحدث في العادة، فقد رفض طلب زواجه حيث زوجت ليلى لرجل آخر أخذها بعيدا عن الديار إلى الطائف، فبدأت القصة الملهمة التي دخلت التاريخ، قصة مجنون ليلى التي فيها حب غير عادي، فالرجل فعل فيه الهيام الأفاعيل، فقد أصبح يطارد الجبال والوهاد ويمزق الثياب ويستوحش من الناس ويكلم نفسه، وهل بعد ذلك إلا الجنون!!

وقيل إنه تعلق بأستار الكعبة وهو يدعو الله أن يريحه من حب ليلى، وقد ضربه أبوه على ذلك الفعل، فأنشد:

ذكرتك والحجيج له ضجيج

بمكة والقلوب لها وجيب

فقلت ونحن في بلد حرام

به لله أُخُلصت القلوب

أتوب إليك يا رحمن مما

عملت فقد تظاهرت الذنوب

وأما من هوى ليلى وتركي

زيارتها فإني لا أتوب

وكيف وعندها قلبي رهين

أتوب إليك منها وأنيب

وعاد للبرية لا يأكل إلا العشب وينام مع الظباء، إلى أن ألفته الوحوش وصارت لا تنفر منه كما يرد في القصة "الأسطورة" وقد بلغ حدود الشام، وكان يعرف علته برغم "جنونه" فقد رد على أحد سائليه بقوله:

كان القلب ليلة قيل يُغدى

بليلى العامرية أو يراحُ

قطاة عزها شرك فباتت

تجاذبه وقد علِق الجناح

وقيل إنه وجد ميتاً بين الأحجار في الصحراء وحمل إلى أهله فكانت نهاية مأساوية للعاشق المجنون، ووجدته ميتاً امرأة كانت تحضر له الطعام.

وقد خط قبل موته بيتين من الشعر تركهما وراءه هما:

تَوَسَّدَ أحجارَ المهامِهِ والقفرِ

وماتَ جريح القلبِ مندملَ الصدرِ

فيا ليت هذا الحِبَّ يعشقُ مرةً

فيعلمَ ما يلقى المُحِبُّ من الهجرِ

اسمه قيس بن ذريح الليثي الكناني، عاش في زمن خلفاء الرسول، وقد أحب لبنى بنت الحباب الخزاعية، وقد عشقها لأول مرة يوم أن زار مرابع بني حباب أهل لبنى فطلب سقي الماء فجاءت له بها فأغرم من وقتها وقد كانت مديدة القامة، بهية الطلة وعذبة الكلام.

وقد أنشد بعد فراقه لبنى:

فيا ليت أني متّ قبل فراقها

وهل تَرْجِعَنْ فَوْتَ القضيةِ ليتُ

ولكن اختلاف قصته أنه تزوجها بخلاف الآخرين ثم طلقها لأنها كانت عاقراً، وقد فعل ذلك تحت ضغط الأسرة لاسيما والده الذي كان يرى عارا أن يقطع نسله.

ويروى أنه ذكر لرفاقه: هجرني أبواي اثنتي عشرة سنة، أستأذن عليهما فيرداني، حتى طلقتها.

ومما أنشد في لوم نفسه:

أتبكي على لبنى وأنت تركتها

وكنت عليها بالملا أنت أقدر

فإن تكن الدنيا بلبنى تقلبت

فللدهر والدنيا بطون وأظهر

كأني في أرجوحة بين أحبل

إذا فكرة منها على القلب تخطر

ومن ثم ربما أنه أنكر فعله فجرى فيه ما جرى وهو يهيم بالصحاري ينشد الشعر وقد ساء حاله. وإن كانت قد تزوجت لبنى بعده فقد كان المنال صعبا إلى حين، وكانت – هي - هائمة به لم تنسه، وهذا أغضب زوجها الذي خيّرها بينه وهذا الـ"مجنون"، فاختارت الطلاق وتزوجت من جديد بقيس ولكن بعدها لم يعيشا طويلاً، ماتت هي أولاً وهو ثانياً.

ليلى الأخيلية كانت شاعرة مثل الخنساء، وقد هام بها توبة بن الحمير، وفي هذه القصة بخلاف قصص الحب الأخرى فإن البطولة للمرأة، فهي التي ذاع صيت شعرها أكثر، في حين كان الرجل هو الحبيب الذي يتغزل فيه حتى لو أنه كان شاعراً مثلها. وقد عاشا في صدر الإسلام والعصر الأموي، وعرفا بعشق متبادل لا شك فيه.

وقيل إن ليلى كانت باهرة الجمال وقوية الشخصية وفصيحة، فيما كان توبة شجاعاً وفصيحاً هو الآخر، وقد افتتن بها عندما رآها في إحدى الغزوات.

ورغم حبهما إلا أن والد ليلى حال دون زواجهما، حتى إنه اشتكى إلى الخليفة من توبة. فعاشا حباً عذرياً إلى أن قُتِل توبة وقيل إنه قتل في إحدى المعارك، كما قيل إنه كان يمارس النهب على القوافل وهذا سبب قتله، فرثته ليلى تقول:

لعَمرك ما بالموت عارٌ على الفتى

إذا لم تصبه في الحياة المعابرُ

وما أحدٌ حيا وإن كان سالما

بأخلد ممن غيّبته المقابرُ

ومن كان مِما يُحدثُ الدهر جازعا

فلابد يوما أن يُرى وهو صابر

وليس لذي عيش من الموت مذهبٌ

وليس على الأيام والدهر غابِرُ

ولا الحيُ مما يُحدث الدهر معتبٌ

ولا الميت إن لم يصبر الحيُ ناشرُ

وكل شبابٍ أو جديد إلى بِلى

وكل امرئ يوما إلى الله صائرُ

فأقسمتُ لا أنفكُ أبكيك ما دعت

على فننٍ ورقاءُ أو طار طائرُ

ويروى أنها ماتت بجوار قبره عندما كانت تزوره بشكل متكرر، وذات مرة سقطت من على الهودج بجوار القبر فأخذتها المنية.

ومن أشعار توبة في ليلى قوله:

لكل لقاء نلتقيه بشاشة

وإن كان حولا كل يوم أزورها

وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت

فقد رابني منها الغداة سفورها

وقد رابني منها صدود رأيته

وإعراضها عن حاجتي وبسورها

ألا إن ليلى قد أجد بكورها

وزمت غداة السبت للبين عيرها

فما أم سوداء المحاجر مطفل

بأحسن منها مقلتين تديرها

ويشار إلى أن البعض يخلط بين أشعار توبة بن الحمير مجنون ليلى الأخيلية وأشعار قيس بن الملوح مجنون ليلى العامرية.

جنان هي عشيقة أبونواس وهي تقريباً الوحيدة التي أخلص لها برغم أنه كان متقلب الهوى، وهنا تختلف القصة عن باقي القصص في أن الهيام ليس كذلك الأبدي الذي يؤدي إلى الحتف. وقد أنشد فيها الأبيات الشهيرة:

حامل الهوى تعب يستخفه الطربُ

إن بكى يحق له ليس ما به لعب

تضحكين لاهية والمحب ينتحبُ

تعجبين من سقمي صحتي هي العجبُ!

وقيل إنه رغم إدمانه الخمر تبعها في رحلة إلى الحج وهناك أنشد قصيدته المعروفة التي يتبتل بها للخالق ومطلعها:

إلهنا ما أعدلك مليك كل من ملك

لبيك قد لبيت لك لبيك إن الحمد لك

والملك لا شريك لك والليل لما أن حلك

ويقال إن جنان لم تكن تحبه كما أحبها، ربما لطيشه وخوفها من الغدر، لكن ذلك لم يستمر إذ استطاع أن يغويها بشعره لها، وقيل إن سبب تغير رأيها أنه سمعته ينشد:

جِنانُ إن وجُدتِ يا منايَ بما آمُلُ لم تقطُرِ السماءُ دما

وإن تمادى ولا تماديتِ في منعك أصبح بقفرةٍ رِمما

عَلِقتُ من لو أتى على أنفس الماضينَ والغابرين ما ندما

لو نظرت عينه إلى حجرِ ولّد فيه فُتوُرها سقما

أحب الشاعر أبو العتاهية جارية اسمها عتبة، قال فيها:

عُتبَ ما للخيال خبريني.. وما لي؟

لا أراه أتاني زائرا مُذ ليالي

لو رآني صديقي رق لي أو رثى لي

أو يراني عدوي لانَ من سوء حالي

وأبو العتاهية من مواليد الحجاز وقد نشأ بالكوفة وسكن بغداد، وقد دفعه حبه لعتبة أن يقول فيها الشعر لكنها لم تقابله بمثل ما يكنه لها، حيث واجهته بالصد والهجران، إلى أن كاد يفقد عقله فسمي بـ "أبو العتاهية".

وقد أوصله اليأس من هوى عتبة إلى الزهد، فصار علامة في شعر الزهاد.

ومن بدائع ما قال في هجران عتبة:

يا إخوتي إن الهوى قاتلي فبشروا الأكفان عاجلِ

ولا تلوموا في اتباع الهوى فإنني في شُغلٍ شاغلِ

وإذا كانت عتبة هي جارية الخليفة المهدي في العصر العباسي، وكان أبوالعتاهية واسمه إسماعيل بن القاسم، دميم الشكل فربما كان ذلك سببا في نفران عتبة منه، ويروى أن الخليفة قد سمع بتغزله فسجنه عقابا على إنشاده الشعر في جاريته وقد أطلق سراحه بعد أن مدح الخليفة.

ومن أشعاره في الزهد قوله:

ما يجهل الرشد من خاف الإله

ومن أمسى وهمته في دينه الفكر

فيما مضى فكرة فيها لصاحبها

إن كان ذا بصر بالرأي معتبر

أين القرون وأين المبتنون بها

هذي المدائن فيها الماء والشجر

وهي من القصص الشائعة في العصر الأندلسي، حيث عاش ابن زيدون حياة رغدة، وكان أديبا وشاعرا وكان بمثابة وزير المعتضد بالله بن عباد في إشبيلية، وفي المقابل فإن ولادة بنت المستكفي كان أبوها حاكما على قرطبة وقد قتل، وقد كانت من الأديبات الشهيرات في زمانهن، وقد التقت بالعديد من الأدباء والشعراء لكن لم يلق أحدهم طريقا إلى قلبها سوى ابن زيدون، الذي بادلها الحب كذلك. وهنا تتشابه القصة مع توبة وليلي الأخيلية في أن الطرفين شاعران.

وعاش الاثنان حياة حب لفترة ومن ثم كان الجفاء والممانعة من قبل ولادة، لكن بين الشد والجذب ولدت أقوى قصة حب في الأندلس دخلت التاريخ العربي، ومن أروع ما أنشده ابن زيدون قصيدته النونية التي جاء فيها عن الجفوة:

أضحى التنائي بديلا من تدانينا وناب عن طيبِ لُقيانا تجافينا

بِنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا شوقا إليكم ولا جفّت مآقينا

نكاد حين تناجيكم ضمائرنا يقضي علينا الأسى لولا تأسينا

حالت لفقدكم أيامنا فغدت سُودا وكانت بكم بيضا ليالينا

ليُسق عهدكم عهد السرور فما كنتم لأرواحنا إلا رياحينا

ويا نسيم الصبا بلغ تحيتنا من لو على البعد حيا كان يحيينا

عليك مني سلام الله ما بقيت صبابة بكِ نُخفيها فتخفينا

ويبدو أن ولادة متحركة القلب، فبعد ابن زيدون سعت إلى كسب قلب الوزير "ابن عبدوس" الذي تزوجها فعلا وسجن ابن زيدون لهجائه له بعد أن شعر باليأس، وبقيت ولادة في المقابل خالدة رغم كل شيء بسبب ابن زيدون.

لكن للقصة وجه آخر حيث ورد أن ابن زيدون تعلق بإحدى جواري ولادة، ليثير غيرتها، أو أن ذلك حدث وهي تتغالى عليه، ما أثار غضب ولادة وقد أوردته شعرا، بعد الفراق:

لو كنت تنصف في الهوى ما بيننا

لم تهوَ جاريتي ولم تتخيَّرِ

وتركت غصناً مثمراً بجماله

وجنحت للغصن الذي لم يثمرِ

ولقد علمت بأنني بدر السما

لكن ولعت لشقوتي بالمشتري

ومن شعر ولادة على قلته قولها في بيتين مشهورين لها:

أنا والله أصلح للمعالي

وأَمشي مشيتي وأتيهُ تيها

أمكنُ عاشقي من صحن خدّي

وأعطي قُبلتي مَن يشتهيها

عرف ابن رهيمة بأنه من شعراء الغزل العفيف وإن لم ينل الاهتمام الكافي به في التراث الأدبي، وقد كانت محبوبته زينب بنت عكرمة بن عبد الرحمن، وبعد أن شاع أمر عشقه فقد استعداه هشام بن عبد الملك، فأمر بضربه 500 سوط وأن يباح دمه إن عاد لذكرها، فهرب وأنشد:

إن كنت أطردتني ظالما لقد كشف الله ما أرهبُ

ولو نلت مني ما تشتهي لقلّ إذا رضيت زينبُ

وما شئت فاصنعه بي بعد ذا فحبي لزينب لا يذهبُ

ويرجح أنه لم يطرق قلبه الهوى إلا في سن كبيرة لما أورده شعرا:

أقْصدت زينبُ قلبي بعدما ذهب الباطل عني والغزل

وعلا المفرق شيبٌ شاملٌ واضحٌ في الرأسِ مني واشتعل

وكان قد عرف في شعره بالوضوح والصراحة، كقوله:

إنما زينب همي بأبي تلك وأمي

بأبي زينب لا أكني ولكني أسمي

بأبي زينب مِن قاضِ قضى عمدا بظلمي

بأبي من ليس لي في قلبه قيراط رحمِ

ومأساته أن قصته على ما يبدو كانت من طرف واحد، ما زاده ألما وجعله يعيش وحشته، كما في قوله:

أقْصدت زينبُ قلبي وسَبَت عقلي ولُبي

تركتني مستهاما أستغيُث الله ربي

ولها عندى ذنوبٌ في تنائيها وقربي!!

وقد انتهت حياته بغموض، بعد هروبه من الخليفة، والأغلب أنه مات هائما وهو يتذكرها رافضا الزواج، ففي أغلب القصص أنهم يهيمون ثم يموتون.

ما اروع العشق لشعراء زمن وتاريخ  والذين كتبوا. في حب المرأة اعذب صور القصيدة  العربية التي مازالت بيننا اليوم في زمن الانترنت. لكون الحب هو بستان القلوب مهما كانت اوجاعه 

لكن الحب دوما ودائما   بمفهوم  عقلي  هو الوطن الذي يمنحنا جميعا الأمن والامان. فالحب رجل وامرأة وزمن وتاريخ ووطن

المشـاهدات 37   تاريخ الإضافـة 09/11/2024   رقم المحتوى 55494
أضف تقييـم