الخميس 2024/11/21 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 23.95 مئويـة
قصة قصيرة زيـنـة ..
قصة قصيرة زيـنـة ..
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

   وفي دورة العمل الاعتيادية جلس حجي جمال عند عمو حميد وبدأ بالسؤال بنتك شكَد عمرهه! هي بالسادس الاعدادي يعني هالسنة بكلوريا ورحنا الى دائرة النفوس علمود نطلع البطاقة الموحدة ! كان كلام ابو زينة بمثابة تبرير لخروجه مع ابنته ولم ينتبه الى اصل السؤال !! سكت جمال وهو يضّم شفتيه لكي يلمم أفكاره وبابتسامة قال له عمو حميد تتقبلني ضيف عندك اليوم !! أجابه .. على راسي أخليك !

   تهيأت زينة لتقديم القهوة الى الضيوف ، جمال ينظر اليها  يريد ترتيب المواصفات التي يحلم بها  في شريكة حياته ، وانتهت الزيارة بالإيجاب وسماع القبول !.

   لم تُكمل زينة دراستها بسبب ارتباطها بالرابطة المقدسة وتفرغت للحياة الزوجية ، وكأي فتاة هذه الحياة جديدة عليها تحتاج الى بعض الوقت للاعتياد عليها ، ففي صباح كل يوم يتناولان الإفطار ويتحدثان ويتسامران ، يحاول جمال تقليل منسوب الحرمان الذي عاشته زينة في حياتها ، هي شعرت معه بالحنان ،هو شعر معها بالسعادة ، عندما يأتي الخير تكبـُر المساحات ، وعندما يريد  المغادرة  يُقبلها ويقول لها ..انتِ دُرّة حياتي ..! لحظات رومانسية يقضيانها معا ! كانه يريد ان ينفض غبار الزمن المتعب الذي قضاه جمال في العمل المرهق منذ صغره وان يعوض سنين عمره بشيء جميل كان يحلم به، نعم زينة تستحق ذلك لأنها تمتلك انوثة طاغية مرصعة بجمال السُمرة الجنوبية مع الطول المهيب كعارضة أزياء تُبهر العيون ، اما جمال فهو شاب وسيم عمره يقترب من نهاية العشرينات طيب القلب هادئ الطباع ثاقب النظرات تتمناه كل  فتاة  ليكون فارسها الجميل ، حلمه بزوجة يتذوق معها طعم الحياة  ، هو يؤمن بان الحب يأتي بعد الزواج وقد وجد في (زينة ) زينة لحياته ، جمال ..يُحب الجمال والانوثة.. ! في العمل يتصل بها عندما يجد فراغا لتملؤه هي بحديثها فيغنج، الهاتف يوفر متعة الحب لإيقاظ المشاعر، عندما يعود يفكر في هدية يقدمها لها مع قُبلة المساء ليتركها بحلم لا تصحو منه الا عند انبلاج الصباح، زينة بعد مغادرة زوجها تملئ الوقت بمشاهدة التلفاز ومتابعة البرامج الصحية والتركيز على العناية بالحوامل لان جمال غرس في جسدها نطفة لجنين قادم ! فـتقوم بكتابة ما تسمعه من نصائح في دفتر خاص ، وفي احدى لحظات التدوين ترفع راسها لتجد على الشاشة ..خبر عاجل .. عاجل ..هجوم سطو مسلح على احدى شركات الصرافة في بغداد وقتل كل من فيها بدافع السرقة ، الخبر لم يذكر اسم الشركة ،وغزها قلبها يا ساتر يارب ، الرصاص له وقعٌ كبير على سعادة البشر، تناولت هاتفها ليرن هاتفه دون رد كذلك لم يرد هاتف والدها ، ، القلق يأكل تفكيرها ، الوقت يمضي بطيئا لا احد يجيب على اتصالها ، تـلح في راسها فكرة الذهاب الى الشركة ، احدهم يطرق الباب اسرعت لفتحه أستاذ طالب ..الصديق القديم لوالدها يقف ودموعه تحمل الخبر المؤلم ، في هذه اللحظة تيقنت انها خسرت شريك حياتها وسند اسرتها ولم يبقى لها امل غير ذلك الجنين الذي بين احشائها .!! 

  بعد اشهر قليلة على الواقعة المؤلمة وضعت زينة (مولودة) جميلة اختارت لها اسم (دُرّة ) هذا الاسم له دلالاته الجميلة الذي كان جمال يُغنجها ويغازلها به ، الايمان بالقدر يجعل الانسان اكثر ثقة بنفسه ، ولكن لم يستقم الحال مع أبو جمال ! الذي طالبها بترك البيت مع اخذ مبلغ من المال مقابل ترك حصتها من الميراث ، امتنعت زينة من القبول  بترك حصتها من الميراث بعد ان طلبت من أستاذ طالب المشورة ونصحها بمغادرة البيت لا شيء غير ذلك.، الحياة قيمتها في المواقف ! رجعت زينة الى بيت والدها في محلة الناظمية لتعيش بين أهلها وناسها ولكن لعنة أبو جمال ظلت تلاحقها اذ تعرضت خلالها الى الموت مرتين الأولى بسيارة مسرعة  كادت تـُنهي حياتها والثانية عملية خطف كان لأهل الناظمية يدا في فشلها حيث ظهر الأستاذ طالب بمستوى الوصي عليها وهو محامي قديم وصديق والدها منذ اكثر من عشرين سنة ويتمتع بشخصية تحضى باهتمام واحترام اهل الناظمية  ، وقد ساعد اهل المحلة في حل مشاكلهم وتوكّل عنهم في دعاويهم عمره تجاوز الستين ، وبحق الصداقة والجيرة تبنى رعايتها وحمايتها من كلاب الليل وسماسرة النهار الذين يصطادون النساء وخصوصا الارامل لغايات قذرة ، ولم يكتفِ بهذا الحد بل ذهب الى دعوة أصحاب العمل في سوق الناظمية للاجتماع في بيته للتحاور معهم فقال  يا جماعة لقد جعل الباري عز وجل هذه البنية  زينة  بهذا الموقف الصعب ليختبر مدى إنسانيتنا وايماننا بالقدر  والان هي بمسؤوليتنا جميعا ولازم نوفرلهه بيئة آمنة وعيشة مستورة ! وبعد حديث النخوة وافق الحاضرون على مساعدتها فقد تمكن من اقناع نزار البقال بتزويدها كل ما تحتاجه من مواد منزلية ومخاضير دون مقابل، وتعهد الحاج رفعت بسد حاجتها من الصمون  والمعجنات مجانا كونه صاحب فرن الناظمية ،وتبرع ضرغام القصاب بكيلو لحم أسبوعيا ، والتزم احسان بإيصال التيار الكهربائي من مولدته إكراما وثوابا لروح أخيه الشهيد ، اما منصور أبو العطور فاقترح توظيف زينة في محله مقابل راتب يساعدها على تحمل الأعباء المعيشية الأخرى  وهذا العمل لا يحتاج الى مؤهلات او شهادة .

    مضت عدة سنين والأمور طيبة مع زينة وابنتها بفضل الله عز وجل والطيبين من أبناء محلتها وبمتابعة الأستاذ طالب الذي يتابع يوميا الاخبار ويقرا الصحف المحلية وكان يركز على ما ينشر من بلاغات المحاكم كونه محامي ولمح في احدى البلاغات اسم زينة حميد! تطّلع بشكل ثاقب الى محتوى البلاغ الذي تضمن عبارة ( في حالة عدم حضور المدعى عليها سيصدر الحكم غيابيا )، مفاجئات تقف عند قصص الحياة المتنوعة  ، نهض من مكانه وتوجه الى محل العطور وسأل زينة عن الاسم الكامل لوالد جمال ، تيقن أستاذ طالب ان القوم صمموا على المسير بكل الطرق لمنع وصول الميراث لزينة وابنتها وبذلك قد خرجوا عن الملة الإنسانية وصحوة الضمير واصبحوا يبحثون عن  أي وسيلة يحصلون بها على غايتهم وهو(الميراث ) !!، سالته .. شصاير أستاذ طالب قلقتني !! رد عليها بغضب بنتي اريد منج تسويلي  وكالة محامي وتحضريلي كل الأوراق الثبوتية للزواج مع صورة قيد العائلة وووو.. !! ويوم المرافعة وقف أستاذ طالب مع محامي الخصم (والد جمال ) امام القاضي وبعد قراءة لائحة الدعوة من قبل محامي المدعي أنكر على جمال الزواج الشرعي من زينة وانها امرأة لعوب كان المرحوم يعاشرها للتمتع ولقضاء الوقت معها ، وكان مستندا في ذلك على عدم حضور زينة للمحكمة بتفويت الفرصة عليها من خلال التبليغ عن طريق الجرائد المحلية ! ! وهذه حيل المحامين !! قـّدم أستاذ طالب كل الأوراق الرسمية التي تثبت شرعية الزواج والنسب الصحيح لابنته واحقية زينة بالميراث، وبعد عدة جلسات حكمت المحكمة بشرعية الزواج وان يؤول الميراث بأكمله الى زينة وابنتها واكتسب القرار الدرجة القطعية ،  نعم ان الصبر صديق حقيقي للأرامل! هذا الصبر نالت به زينة الميراث فتحولت من بائعة عطور الى مالك لشركة الصرافة وأول عمل قامت به هو تغيير اسم الشركة لتصبح ....(شركة الدُرّة للصرافة) .

المشـاهدات 175   تاريخ الإضافـة 13/11/2024   رقم المحتوى 55655
أضف تقييـم