الأحد 2024/11/17 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 13.95 مئويـة
( حينما يتحوّل الواقع الى عالمٍ من جمالٍ سردي.. )) قراءة في المجموعة القصصية الأولى ( عشقٌ افتراضي ) للكاتب
( حينما يتحوّل الواقع الى عالمٍ من جمالٍ سردي.. )) قراءة في المجموعة القصصية الأولى ( عشقٌ افتراضي ) للكاتب
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

والفنان كاظم صابر

 

عبد السادة البصري

عندما تأخذك الحكايات صوب بحرٍ متلاطم من البوح لتظلّ سادراً في غوصك الى أعماق الواقع ستكتشف هولاً من الأحداث والرؤى التي تفرض نفسها عليك لترسمها على الورقة عالماً من السرد يفضي بالقارئ الى عوالم قد عاش بعضها أو سمع بأخرى !!

في مجموعته البكر ( عشقٌ افتراضي ) اشتغل الكاتب كاظم صابر على هذه الثيمة ، اذ نهل من الحكايات التي سمعها أو عاشها، ليرصفها على صفحاته قصصاً جعلنا نعيشها لحظة بلحظة وكأننا الابطال في تلك القصص!!

في المقدمة التي كتبها القاص عبدالحليم مهودر نقرأ :ــ

( ان هموم المؤلف الذاتية تُلقي بظلالها على تجاربه الشخصية لتكشف عن هموم هي همومنا..ص7 )

(هذه القصص تقدّم نفسها بعفوية سلسة في حكايات تقنعنا فنلتفت الى الماضي، انها وقعت، وما على الراوي الاّ تجاوز التفاصيل بروح ملهمة تنمّي حيوية السرد ..ص7 )

( انها قصص تحاكي الواقع مشوبة بأماني ضالّة تحاول أن تستعيد الزمن المحتشد بالثيمات وزحام ذاكرة العمر ..ص8 ).

هذا ما نراه ونلمسه حقيقة عند قراءتنا للقصص الست التي احتوتها المجموعة ففي قصة (الوطن الأسير) استطاع الكاتب أن يرسم لنا حالات الجحود التي مارسها ويمارسها بعض الابناء والبنات لأبويهم أو لأحدهما عند فقدان الآخر ،وهي حقيقة حدثت وتحدث في أكثر من مكان وفي كل زمان ، لكنّه استطاع أن يكسر رتابة الحدث ويضفي صورة برّاقة على الموضوع من خلال اعادته الاب سالماً معافى لتنتصر الأم المسكينة والمغلوب على أمرها على أولادها وبناتها العاقّين رغم ما يمتلكونه من تحصيل علمي ، وهذه اشارة واضحة جداً أن بعض المتعلّمين الذين يحصلون على شهادات ومراكز مرموقة يتنكرون لآبائهم وأمهاتهم ، لقد طرحَ وبجرأة كبيرة هذا الموضوع ،كما في قصصه الأخرى التي هيمنت الجرأة بشكل كبير عليها ففي قصة (سلاماً حضرة الشيطان ) أعطانا صورة واضحة لما نعيشه الآن من دجل وخداع وزيف مغلّف بلبوس ديني وَرِع :ــ

(قال الحمد لله زوجتي لم تأتِ معي للحجِّ والاّ كانت فضيحتي تتناقلها نسوان العرب .. حجّي معقولة صديقك الشيطان ؟!

نعم ،، لأكثر من أربعين عاماً نحن معاً.. الشيطان لم يسرق تفّاحة من طفل ..ولم يقتلع نخلةً ويدمّر البساتين ، ولم يسبب أي دمار للمدينة .. ولم يأمر الشباب بتعاطي الممنوعات ،،البشر يا صديقي مَنْ دمّر كل شيء !! ص92 ــ93 )

وكذلك كان طرحه جريئاً في قصّة ( قميص الخطيئة ..وحوار العراة ..) اذ يقول :ــ

( طلبت منه أن ألتقط معه صورة بهاتفي ، رفض وودّعني وهو يردد :ــأماّا أن تخلع الخطايا ..أو لا تصوّر ..

ودّعني ولا أعرف الى أين ..؟

وبقيت لحظات أردد ...

لا تصوّر وبجانبك مَنْ يرتدي الذنوب ..ص73 ــ74 )

في هاتين القصّتين يضعنا الكاتب وجهاً لوجه أما حقيقتنا ، اذ كلّنا مذنبون ، ومَنْ كان منّا بلا ذنب فليقف عارياً أما الخلق ، والاّ سيظل يستر عورته ( ذنبه ) بألبسةٍ شتى مختلفة الأنواع والاشكال والاتجاهات والرؤى !

لكنّه في قصة ( عشق افتراضي ) التي حملت المجموعة اسمها يضعنا أمام مرآة نفوسنا عندما تغادر أماكنها لتبحث عن ملاذٍ في مكان آخر ، وليكن الحب هو أكثر الاماكن ملاذاً ،متناسين أنه سيجعلنا ندور في دوّامة أفكار ساهين عن الأهل والناس أجمعين منشدّين الى صورة سلبتنا كل شعورنا بالاستقرار والامان !!

رجلٌ في خريف العمر يتبع امرأة التقاها على شاشة الحاسوب ضمن الفضاء الازرق الافتراضي ليترك الناس معتزلاً ومسافراً اليها دون أن يسأل نفسه هل ما يحدث الان حقيقة أم وهم ، وفي النهاية يكتشف انه أمام وهم كبير ، لكن المؤلف يتلاعب بعدّادات الحكاية ليقلبها حلماً رومانسياً عاشه هذا الرجل في الواقع ويتمنى أن يستمر فيه !!

كذلك ما يطرحه في قصّة ( عطر أمي ) من خيالات عاشتها الفتاة العانس وهي تعيش هوَس اللحظات الغرامية التي تحلم فيها دون أن تصل الى ما تريد ،اذ أن الرجل الذي التقته كان مهووساً بأمّه دون أن يعي ذلك حتى في اشدّ لحظات الوجد والغرام !!

الاّ أن الكاتب في قصّته (بقعة خيانة ) يفتح لنا أفقاً جديداً من محافظة المرأة على بيتها وعائلتها عندما استطاعت وبطريقة قد تكون قاسيةً جداً أن تعيد زوجها الخائن الى رشده ، وتجعله يفيق من سكرته بغرامٍ زائف وخيانة تكسر عمود البيت !!

لا أريد أن أتحدّث أكثر عن هذه المجموعة القصصية ذات الطرح الواقعي الجريء أكثر من هذا ،لأتترك القارئ يستمتع بما جادت به قريحة كاتبنا الجميل كاظم صابر ، وهو يصوّر لنا الواقع قصصاً وحكايات ومواقف !!

مبارك أقولها لكاتبنا على ما جاءنا به في ( عشق افتراضي ) الصادرة في البصرة مؤخراً بصفحاتها الــ ( 95 صفحة ) ذات القطع المتوسط ، وننتظر منه قصصاً وحكايات أخرى في قابل الايام .

المشـاهدات 15   تاريخ الإضافـة 17/11/2024   رقم المحتوى 55843
أضف تقييـم