الباحث عبدالرحمن بوشيخ يعيد الفعل المسرحي إلى منطلقاته الأساسية المسرح النخبوي والشعبي ..بحث عن وصفة مسرحية مختلفة |
مسرح |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص :
الجزائر- تتشابه وضعية المسرح والمسرحيين في جل أقطار الوطن العربي، إذ هناك ما يشبه العزوف الملحوظ عن مشاهدة العروض المسرحية، حتى إن هناك عروضا تقدم أحيانا داخل قاعات شبه فارغة. والكثير من جمهور المسرح المعتاد على ارتياده سابقا، صار يهجره أكثر فأكثر ولم يعد يحضر العروض إلا نادرا، بينما نجد إقبالا فقط على العروض الكوميدية الشعبية والتي ترسخت مع تجارب عديدة مثل “مسرح مصر” وبعض الإنتاجات التجارية في بلدان أخرى.ويطرح هذا إشكالية أساسية اليوم أمام المسرحيين العرب تتمثل في الوقوف بين ضفتين هما النخبوية والتجارية، ففيما يتهم البعض المسرحيين بالنخبوية ويرى أنها سبب انعزالهم عن مجتمعاتهم وبالتالي نفر الجمهور من متابعتهم، فإن شقا آخر يرى في المسرح الشعبي تسطيحا لجوهر الفعل المسرحي القائم على مخاطبة الأفكار وتغيير الرؤى والتصورات، وبالتالي إفراغ المسرح من جانبه المؤثر وجعله مجرد فعل ترفيهي ومواد مستهلكة.هناك طرف ثالث قد لا يكون صوته واضحا بالشكل المطلوب، يدعو إلى التساؤل عن إمكانية الجمع بين النخبوية والشعبية في المسرح العربي، وهذا ما يبدو توجها غاية في الصعوبة ويحتاج إلى البحث أكثر في الظاهرة، وإعادة فهم ما معنى مسرح النخبة وما هو المقصود به، وهذا ما يمكنه أن ييسر ابتكار طريق مسرحي مختلف ومتجدد، يبتعد عن التصنيفات الجاهزة.وفي هذا الإطار البحثي يأتي كتاب بعنوان “المسرح النخبوي والشعبي.. رؤية نقدية حول التأثيرات والابتكارات” من تأليف الأكاديمي والباحث الجزائري عبدالرحمن بوشيخ.ويشير صاحب الكتاب، في تقديم هذا الإصدار، بالقول “يمثل تاريخ مسرح النخبة محطات مهمة في تطور الفن المسرحي وتأثيره على الثقافة والفنون في المجتمع. ومسرح النخبة لا يعد مجرد ترف تستمتع به الشريحة العليا من المجتمع، وإنما يعكس تجربة إنسانية شاملة تركز على التعبير والتواصل”.ويتابع بوشيخ “إن تأثير المسرح النخبوي يتجاوز دوره عرض الأعمال المسرحية، بل يعمل على تشكيل الثقافة والفكر وتوجيه المجتمع بشكل أوسع. إنه يروج للتحليل والاستدلال والتعقيد والتفكير العميق، ويعطي الأولوية للقوة الفكرية والذكاء وتفهم المفاهيم العميقة والتصوير المبدع. وتشتهر المسرحيات النخبوية بالفضول والروعة وروح المغامرة، فهي تدمج بين الحلم والواقعية وتجعل المشاهدين يتساءلون ويتحدون ويتفكرون في القضايا المعقدة”.ويضيف المؤلف “إن المسرح النخبوي ليس فقط متعة للعقل بل أيضا تجربة تثقيفية وعميقة تفتح آفاقا جديدة وتلهم المشاهدين للتفكير النقدي والتحليلي. ويمثل المسرح النخبوي تجربة فنية متعددة الأبعاد ومتنوعة، إذ يشمل مجموعة من الأشكال والأساليب المعقدة؛ إنه يحكي قصصا أصيلة ومثيرة، ويجسد شخصيات معقدة ومتعددة الأبعاد. إن المسرح النخبوي يشجع على التفكير والنقاش والاستمتاع بالتجربة الفنية، فهو يقدم منصة للتعبير الحر والابتكار المستمر”.وينتهي الدكتور عبدالرحمن بوشيخ إلى القول “يمكن أن يغير المسرح النخبوي وجهات النظر، ويفتح العقول لإمكانات جديدة، ويعزز الوعي الفردي والاجتماعي؛ إنه يعمل على توعية الجمهور وتحفيزه وتحقيق الغرض من الفن والإبداع. وبفضل الفن والتعبير المسرحي، يتسنى للمجتمع استكشاف طرق جديدة للفهم والتعامل مع التحديات والمشكلات الشخصية والاجتماعية. إن المسرح النخبوي يعد عصبا حيويا في نسج الحياة الثقافية، ويعمل على تكوين هوية جماعية؛ فهو يعبر عن ثقافة الأمة وقيمها وتاريخها، وينشر الوعي والمعرفة والفهم بين فئات المجتمع المختلفة”.ويضيف “يعد المسرح النخبوي مجالا للتلاقي بين الفكر والفن، حيث يتم توظيف القوة الشعرية والأدبية، والتركيز الفني في خدمة توصيل الرسالة، وإيصال الأفكار والمشاعر إلى الجمهور؛ إنه يمثل مساحة حميمة يحتضن فيها الأداء الحي والتفاعل المباشر بين الفنان والجمهور”.وبتحليله لأدوار ما يسمى بالمسرح النخبوي يعيد الباحث الفعل المسرحي إلى منطلقاته الأساسية دون تقسيمات جاهزة، وبالتالي يفتح آفاق الإبداع أمام المسرحيين دون الانحصار في دائرة الوصم بالنخبوية أو الشعبوية.ويشدد على أنه “في النهاية، يعد المسرح النخبوي لغة فنية متجددة ومبتكرة تتغير وفقا لتطورات المجتمع والعصر؛ إنه يشجع التفكير النقدي والتحليلي، ويفتح الأبواب للفهم العميق والانفتاح على تجارب ووجهات نظر جديدة، إنه يمثل قوة فنية لا تقدر بثمن في تحويل العالم وتحقيق الانفتاح والتغيير الإيجابي”.يذكر أن كتاب “المسرح النخبوي والشعبي.. رؤية نقدية حول التأثيرات والابتكارات” لعبدالرحمن بوشيخ صدر مؤخرا عن دار فهرنهايت للنشر والتوزيع في 451 صفحة.
|
المشـاهدات 36 تاريخ الإضافـة 19/11/2024 رقم المحتوى 55945 |