لم يؤكد لنا الروائي ضاري الغضبان( المكان ) في الرواية  بل لجأ الى التلميح وابتعد عن التصريح وهذا يشير الى صعوبة الخوض في مواضيع (الجنس) بإن ينتسب الى مدينة محددة ! لكنه توفق كثيرا في وصف البيئة لتي تعيش فيها شخصية السيد (بشروش) تعني – طير الفلامنكو- وهو شخصية غريبة الاسم والتصرفات يقدمه السارد – البطل- بتلك الكلمات  وكأنني اشاهد مشهد درامي في السينما "بشروش يظهر بقامته المديدة بنفس الزي المعروف عنه، إذ يرتدي على الدوام ثوبا عربيا، ويتمنطق بحزام جلدي، ويعتمر كوفيه دون عقال، تلك الكوفيه العراقية التي يؤكد الأثريون أن رسم شبكة الصيد فوق قماشها متوارث من حضارة سومر"ص9 نرى ان التفاعل مع شخصيات غريبة الاطوار في الروايات العراقية تتطلب وجود عنصرين هما (الجمل في النص) والاهتمام (بالجانب الفني)، وهذا يسري على شخصية (شلابا وبشه)!

هذه السردية تقدم لنا شخصيات تكاد تكون بعيدة عن الواقع لكن قوة اسلوب الروائي (الغضبان) تجعلها قريبة من القارئ ، شخصية – بشروش- صياد السمك وهو راعي الاجتماع الغريب الذي انتهى في تكليف الكاتب – البطل- ان يكتب قصة جنسية، ويسترجع السارد ما يعرفه عن بشروش ومعيشته ليستغل الروائي قدرته في وصف البيئة (المكان) التي تدور فيها احداث الرواية "يثار حول الرجل الغامض من كلام يخص طريقة عيشه منفردا في الجانب المحاذي للمدينة، الموقع الفريد غير الصالح للسكن والبناء، لأنغماره وفيضانه الدائم بالماء، وهو عبارة عن بطائح وأغوار ، تسمى محليا بالأهوار...كما استعرضت مع ذاتي بشروش من متسوقي السمك البني الطازج الذي يصيده، او ذلك السمك الحر الذي يجففه على الشمس في وقت ذروة الصيد ، ومن ثم يبيعه لمشترين يهتمون به من سكنة المدينة ، ومن خارجها"ص8 انها شخصيات مركبة تخضع الى الكتابة التجريبية في هذا العمل ، وساعد عنصر التلميح الذي اعده اسلوبا ذكيا في كتابة مثل هذه الروايات (الخطيرة) هو الاسلوب التي اعطى شكلا ووزنا للمعنى ، حتى تبدو المشاهد (الجريئة) والبعض يطلق عليها (المبتذلة) عميقة على نحو مدهش، فهي تقع بين التصريح والتلميح وبين الاظهار والاقصاء تحرض القارئ على ملأ الفراغات والتفاعل مع النص.

*عبق ومغامرت أخرى

منذ البدء وضع الروائي مجموعة من الشخصيات النسائية الجاهزة لممارسة الجنس مع البطل ، ففي الاجتماع قدم كوكبة من اعضاء جمعية نسائية (دار التوابل) وهو مكان غريب يجمع مجموعة من النساء يقدمن المساعدات لمن يحتاج اليها في المدينة، وقد يكون الاسلوب الأخر الذي استعان به الروائي هو (الميتا سرد) من خلال علاقات العالم الافتراضي الذي يتكرر اسم  في الفيس بنفس عنوان الرواية (لفاجرة العذراء) حتى هو يفتش عنها بين نساء دار التوابل اللواتي يقدمهن بمشهد درامي اخر – يبدو الروائي يملك احساس ورؤية كاتب السيناريو السينمائي " طال وقوفي وأنا اتردد بمصافحة النساء التوابل، غير أن أولهن في الجلوس، والتي تعمل طبيبة متخصصة بالنسائية والتوليد، مدت يدها يثقة : فصافحتها ، ومن ثم صافحت كوكبة منهن بينهن الآنسة عبق والتي تتردد على الجلسات الأدبية والثقافية، ولها الرغبة بأن تكون قاصة، كذلك الفتاة الثرية الوريثة ماس، والانسة سحر مديرة دار الأيتام، ونور الناشطة بحقوق الانسان وأخت كبير القضاة في دار العدالة، كما صافحت صاحبة معمل الخياطة ومصممة الأزياء التي نالت العديد من الجوائز العالمية حتى السيدة رائدة الشهيرة بالتعفف، عقب مقتل زوجها العقيد في الجيش عند الحدود، حيث أنها رفضت الزواج احتراما لقدسية الشهادة"ص11 ، ويأخذنا السارد في فصل الثاني للتعرف على اولى المغامرات الجنسية في الرواية وبطلتها (عبق) .

*خيوط الحبكة

في هذه الرواية هناك خيوط الحبكة المتقطعة التي فجأة تنقطع او تستمر بإتجاهات غير متوقعة وغالبا ما تشير الفصول الى مقدمات مفاجئة عن شخصيات جديدة وهي التي تقود التغييرات في الاحداث وتخلق قناعات بديلة، ومن هذه الشخصيات هي شخصية (عبق) بينما كان يفكر البطل بإن (الفاجرة العذراء) يمكن ان تكون عبق ، ومن غير أن يتأكد من هذه الفرضية يتصل بها فترد عليه سريعا عبق (وتكرر رغبتها بتعلم كتابة القصة) – عبق صباح أبنة الأستذ صباح معلم الجغرافيا الشهير، والمعروف عنه حبه للسفر، وكان قد تزوج من فتاة هنغارية في إحدى سفراته- هكذا ينقلنا السارد الى شخصية جديدة الاب وشخصية ذهنية الام الهنغارية التي – خرجت نهارا بملابس السباحة، واتجهت إلى النهر في ظهيرة تموزية، كانت تمارس طقسا طبيعيا بالنسبة لها، إلا أنه فضيحة في بيئتها المحافظة ، فقد خرجت البلدة عن بكرة ابيها وتفرج الكبار والصغار على جسد زوجة الاستاذ صباح- وسميت الحادثة (بواقعة المايو) وكانت النتيجة انفصلهما وعودتها الى بودابست وتكفلت عمة عبق بتربيتها"ص22.

*ليالي شبقة

يقتنع الاب المعلم بإن ابنته عبق جادة بتعلم كتابة القصة ولا يحدث ذلك الا في زيارة الكاتب في بيته ليعطيها الدروس! فهو (يثق بها بلا حدود) وكل شيء متوفر لقضاء ليلة حمراء فقد تصرفت عبق وكأنها في بيتها حضرت كل الاكل والمقبلات حتى الفودكا كانت قد جلبتها معها "تعثرت بالكيس لذي جلبته معها، ورفعته ووجدت قنينة من الفودكا السوداء ، لم أنذهل كما يفترض، لأن تصرفات عبق منذ دخولها مثيرة أكثر مما تصورت"ص25 ويستعرض لنا السارد مكونات بيته او شقته والاثاث ومن اي بلد حصل عليه ، وبعد الرقص والسكر نوم عبق في بيت الكاتب ومعه  لا بد ان تحدث المغامرة الجنسية الاولى في الرواية ، وتستمر تلك العلاقات الجنسية الحميمة ست ليالي ،لتطلب عبق المقابل "أكتب أنت القصص، وستصدر بأسمي!تركت المبيت معها في الفراش في تلك الليلة الأخيرة، وبدل أن تعتذر وترضخ لمفاهيم الأدب الرصين،زادت الطين بلة، حين وقفت مثل النساء الشرقيات وتناست كونها ابنة هنغارية ، وطلبت مني أن نتزوج رسميا"ص33 ، ويتحول طلبها الى خيارين – انت مخير بين فضحك بطريقة أو أخرى، أو دفع ثمن عدد مرات المضاجعة! ثمن المضاجعة 300 دولار عن كل ليلة واجمع المبلغ وتبرع به الى دار التوابل"ص36

*مدخل جنسي

يوافق الكاتب على تبرع المبلغ المطلوب ويكون بالنسبة لقناعته مدخلا لممارسة الجنس مع كل اعضاء دار التوابل، ويوفق مع بعضهن ويصد من اخرى ويتعرض للضرب من قبل اولاد زوجة العقيد الشهيد (رائدة)

- لست رائدة دون كنية،انا أم سيف وحسام..هذان من صلب زوجي الشهيد، ربيتهما على القيم ، حسام يدرس في الكلية العسكرية، وسيكمل مسيرة ابيه، وسيف مدرب فنون قتالية هناك في العاصمة

- هل لي أن أعتذر؟/- العذر عن سوء الادب سوء أدب أكبر.. هذه آخر كلمة سمعتها من فم أحد اولادها، لم أحدده، لأن عيني كانت في الأرض، وخرجت بخطوات هاربة "ص92 .

نصل الى الفصل الاخير ولم تفتح طلاسم هذه السردية المثيرة للجدل، ولكن في الفصل الاخير سنجد كل الاجابات عن التساؤلات التي تخطر على بال القارئ!

"فما سبب سطوة الصياد بشروش؟  وما سر ضابط الشرطة الذي يتناغم مع الراوي لدخول أشهر بيت للدعارة في المدينة؟ وما سر تكرار مواعيد الساعة السابعة؟ ومن هو القتيل الحي؟ وما السر الأكبر للفاجرة العذراء؟