الأحد 2024/12/8 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
السماء صافية
بغداد 10.95 مئويـة
قراءة في فيلم الأنيميشن فلو
قراءة في فيلم الأنيميشن فلو
سينما
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

مصطفى الشوكي

تدفق أو "Flow"، وهو إنتاج مشترك بين بلجيكا ولاتفيا وفرنسا 2024 ، من إخراج جينتس زيلبالوديسGints Zilbalodis. هذا المخرج قدّم لنا في عمله السابق ( Away) رحلة مغامرة في عالم لا نهاية له، وفي هذا الفيلم يبدو وكأنه أعطانا في فيلمه السابق لمن شاهده  خلفية ذهنية تساعدنا على الدخول في هذه الرحلة البصرية الجديدة والممتعة في 85 دقيقة .

عالم هذا الأنيميشن واسع وغير محدود، ومنذ اللحظات الأولى، تبرز فيها عناصر حية تذكرنا بالأنيميشن الواقعي، ما يدفعنا للتساؤل حول سبب عدم خوض بعض المخرجين في مجال الأنيميشن ، هنا يأخذنا المخرج اللاتفي إلى عالم جديد، عالم لا يمكن الوصول إليه حتى من خلال الأنيميشن التقليدي، هو عالم يسعى المخرج من خلاله إلى نقل الجمهور عبر الزمن وتاريخ الحياة على الأرض من خلال شخصيات لا تتحدث، وتبدو على طبيعتها في الصوت والغريزة ، حيث يتجنب إضفاء طابع إنساني عليها.

هذا العمل يبرز دون حوار ويعتمد على الأصوات الطبيعية للبيئة والحيوانات، مثل نباح الكلاب ومواء القطط وأصوات الطيور، ما يذكرنا بأعمال المخرج الياباني الشهير ميازاكي Miyazaki  وارتباطه بالطبيعة. وقد يكون هذا العمل غريباً علينا كونه يجسد الحياة البرية دون تدخلات بشرية كما نراها عادةً في أفلام الوثائقيات.

يبدأ الفيلم بلقطة لقط أسود يتجول في عالم غريب، قلقاً وحذراً، بينما مجموعة من الكلاب تحاول مطاردة السمك عبر النهر، القط يحاول الهروب منهم، لكنه في النهاية يشكل علاقة معهم علاقة قائمة على الغريزة في صراع من اجل البقاء في عالم غارق بالأحداث، يبدو وكأننا نعيش في جزيرة للقطط محاطة بتماثيل مختلفة تعكس الحياة البرية والبشرية على حد سواء.

يرسم المخرج عالمًا يمزج بين الرموز الدينية، حيث تُذكّرنا هذه التماثيل بقصة سفينة نوح وابنه حين صعد على مرتفع ، ما يمنحنا نظرة عن كيفية إعادة تعريف العالم وكأنّنا في رحلة بحث عن حياة جديدة، هذا العمل يعتبر تأملاً في الطبيعة والحياة البرية، بدون استخدام عناصر الدين بشكل مباشر، ولكنه يترك لنا التفكير والتأمل في تلك الرموز الموجودة ضمن القصة.

أجواء الأنيميشن قد تجعلك تعتقد انك تشاهد لعبة استراتيجية حيث يلعب القط الدور الرئيسي في رحلة تمر بمراحل مختلفة، ويقدمها المخرج كأنه دعوة للتفاعل والتأمل في العالم المحيط بنا. ففي الفيلم، نرى مجموعة من الآلات الموسيقية والبيوت الحديثة التي تذكرنا بالحياة اليومية وكأنها بيت المخرج الذي قرر ان يحولها الى انميشن كي ينقذها او منزل لانيميتور قد رسمها او قد كانت تعيش معه، ، ثم نتنقل إلى مشاهد لعالم بدائي مليء بالحيوانات، مثل أسماك القرش الكبيرة التي تتفاعل معها الشخصيات ، مما يعكس الرغبة في البقاء على قيد الحياة  والتواصل رغم الاختلافات. ، وتنطلق هذه الرحلة من خلال الزروق .

هذا العمل لا يحتوي على حوار، بل يقدم قصة تتفاعل مع غرائز الحيوانات والطبيعة. ويمكنك اعتباره نوعًا من التأمل البصري، حيث تتداخل العناصر الفنية لجعل المتلقي يشعر وكأنه يعيش تجربة تأملية في رحلة الأنيميشن بانسيابية مرنة ودون توقف .

وفي النهاية، يعتبر هذا الأنيميشن بمثابة دعوة للعودة إلى الأساسيات والغريزة، حيث يجمع المخرج بين عناصر سردية دينية وفلكلورية لخلق تجربة فريدة . ويبدو أن هناك احتمال لوجود جزء ثالث يكمل هذه السلسلة، نتمنى أن نراه في المستقبل

المشـاهدات 119   تاريخ الإضافـة 21/11/2024   رقم المحتوى 56036
أضف تقييـم