كثرة العطل في العراق..أضرارها وآثارها على الاقتصاد العراقي وضرورة تعديل قانونها والحد من صلاحيات المحافظات في منحها! |
كتاب الدستور |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب أ.م.د. صدام العبيدي |
النـص : من حق الموظف أن يأخذ فترة راحة من العمل، لكي يستعيد نشاطه الجسدي والنفسي بعد فترة طويلة من العمل، فتنظيم الإنسان لوقته بين العبادة والعمل والأهل والنفس أمر دلت عليه ديننا الحنيف، فقد أقرَّ رسول الله عليه الصلاة والسلام قول سلمان الفارسي لأبي الدرداء رضي الله عنهما عندما أنكر عليه إجهاد نفسه والتشاغل عن أهل بيته بقوله: "إن لربك عليك حقّاً، ولنفْسِك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذي حقٍّ حقَّه، فأتى النبي عليه الصلاة والسلام فذكر ذلك له، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: صدق سلمان". وقد عرفت النظم الإسلامية والقانونية أهمية حصول الموظفين على الإجازة، فبها ترتاح أجسادهم، وتصفوا أذهانهم، ويأخذوا بنصيب من الملذات المباحة، فيتجدد نشاطهم، وترتفع قدراتهم للعمل من جديد، كما أن ظروف الموظف الصحية والاجتماعية قد تضطره لطلب الإجازة، لكل هذا قد تقتضي المصلحة العامة في كثير من الأحيان منح الموظف فترة من الراحة ليعود بعدها نشيطاً وكفوءً لممارسة عمله لأجل ذلك نصت قوانين الخدمة المدنية وقوانين العمل في كل الدول على حق الموظف في ذلك، ومنها قانون الخدمة المدنية العراقي رقم 24 لسنة 1960 المعدل الذي نص على اجازات اعتيادية وغير اعتيادية تمنح للموظف، وهذه الحق للموظف لا غبار عليه ولا أنكار له، لكن الزيادة في الاجازات والعطل التي شرعها مجلس النواب العراقي من خلال قانون العطلات الرسمية رقم 12 لسنة 2024، ومن خلال منح العطل من قبل المحافظين ومجالس المحافظات في محافظاتهم وبشكل كبير وملفت للنظر أمر غير صحيح، فالإجازات والعطل في العراق تصل إلى 140 يوم، فأيام الجمعة والسبت في السنة مجموعها 104 يوم بينما تبلغ العطلات الرسمية الاضافية 16 يوم، وعطلات غير رسمية 20 فيكون مجموع الاجازات والعطل 140 يوم في السنة وهذه الاجازات والعطل تكلف الدولة 34 تريليون دينار أي ما يعادل 26 مليار دينار سنوياً بحسب الخبير الاقتصادي نبيل الموسوي. بينما يرى الخبير الاقتصادي سلام حسين أن عدد العطل والمناسبات في العراق ليس كما يطرح على منصات التواصل الاجتماعي بل بحساب بعض المناسبات الاثنية والمكوناتية فإنها تتجاوز فعلياً 170 يوماً مما يكلف خزينة الدولة أكثر من 52 تريليون دينار أي ما يعادل 40 مليار دولار في السنة. لذا فإن كثرة العطل يؤثر على الاقتصاد العراقي برمته كما يؤثر على قطاعات التربية والتعليم وعلى مستوى تقديم الخدمات للمواطنين وانجاز معاملاتهم، فكثير ما يعاني المدرسون والأساتذة في المدارس والمعاهد والجامعات من تأثير العطل على إتمام المناهج الدراسية المقررة، ويعاني المواطنون من كثرة العطل في تأخير انجاز معاملاتهم والحصول على حقوقهم فكل يوم عطلة معناه تأجيل إنجاز المعاملات وتأخير في إيصال الحقوق إلى أصحابها مما يؤدي إلى تراكم وتكدس المعاملات وازدياد طوابير المراجعين للوزارات والدوائر ناهيك عن تدني انتاجية الموظف العراقي أثناء الدوام الرسمي حيث تشير الدراسات والاحصائيات في العراق أن انتاجية الموظف العراقي لا تتجاوز الساعة يومياً في أحسن حالاتها، في حين أشارت دراسة أجرتها كلية اقتصاديات الأعمال في جامعة النهرين في بداية عام 2022 أن انتاجية الموظف العراقي لا تتجاوز 17 دقيقة عمل في اليوم، لذا فإن كثرة العطل تزيد الطين بلة، لذا فلا بد من تعديل قانون العطلات الرسمية رقم 12 لسنة 2024 وتقليلها إلى أقصى حد، كذلك لا بد من الحد من صلاحية المحافظين ومجالس المحافظات في منح العطلات حيث صار منح العطل في المحافظات يخضع للأهواء والاعتبارات الحزبية والسياسية فصارت العطل تمنح بكثرة ولأسباب لا تستوجب منحها، فيعطل الدوام الرسمي يوم كامل في محافظة البصرة مثلاً لأجل لعبة كرة قدم للمنتخب العراقي في حين أن وقت اللعبة ليلاً! وقس على هذا الكثير، لذا لا بد من تعديل قانون العطل رقم 12 لسنة 2024 واقتصارها على العطل الضرورية والمهمة للمجتمع العراقي بأكمله، وتحديد صلاحية المحافظين ومجالس المحافظات في منح العطل في محافظاتهم حتى لا تتعطل مصالح المواطنين وتتأثر قطاعات التربية والتعليم والقطاعات الأخرى من هذه العطل. |
المشـاهدات 80 تاريخ الإضافـة 08/12/2024 رقم المحتوى 56716 |