جمال الدين بوزيان

يُصنف الفيلم البوليوودي ( دو باتي ) على أفلام "دراما الجرائم والمحاكم"، حيث لا يعتمد كثيراً على الأكشن، رغم وجود مشاهد عنف منزلي كثيرة أثارت معارضة بعض النقاد والصحفيين الهنود، بسبب عدم ورود تحذير مُسبق في تتر البداية.

كان رهان الكاتبة "كانيكا ديلون" والمخرج "شاشانكا شاتورفيدي" في هذا العمل أكثر على غموض تفاصيل القصة والحبكة وطريقة السرد السينمائي لكل ذلك، وهي نوعية الأفلام التي أصبحت النجمة الهندية "كاجول" تختارها في السنوات الأخيرة، سواءً أفلام المنصات الإلكترونية أو الأفلام التي تعرض في صالات السينما، وهو حال أغلب الممثلات من بنات جيلها، ممن كُـنَّ في وقت مضى من نجمات الصف الأول، وهي نوعية الأعمال التي أصبحت تناسب سنهن وأشكالهن التي تغيرت قليلاً عن الشكل النمطي للبطلة في بوليوود، التي عادة ما كانت تكون مرافقة للبطل الرئيسي في أفلام الأكشن أو الأفلام الرومانسية التي أصبحت غير رائجة أصلاً.

كما أنّ أفلام المنصات الإلكترونية تُـجـنب هؤلاء النجمات اللواتي تجاوزن كلهن الأربعين أو الخمسين، الدخول في سباق البوكس أوفيس، الذي تسيطر عليه في الغالب أفلام الأكشن الرجالية أو الملحمية، وأحياناً قليلة أفلام الرعب الكوميدي، كما أن العرض الإلكتروني المباشر هو اختيار موفق للممثلة الشابة "كريتي سانون" لتفادي الخسارة في أوّل إنتاج لشركتها.

"كريتي سانون" التي نجحت في أول تجربة إنتاجية لها، وثاني عمل لها مع زميلتها "كاجول" بعد فيلم Dilwale سنة 2015، كانت موفقة أيضاً في أداء دور مزدوج، لأختين توأم متناقضتين تماما في الشخصية والشكل، واعتمد المخرج كثيرا في المشاهد التي تظهر فيها "كريتي سانون" على اللقطات القريبة والقريبة جدا، خاصة التي تركز على ملامح الوجه وتعابير العينين، لكي يميز المشاهد الاختلاف بين الأختين التوأم، خاصة خلال تغيير ستايل الملابس، في الساعة الثانية من الفيلم الذي تبلغ مدته ساعتان و7 دقائق، أين يبدأ عامل الشك والغموض والريبة لدى المشاهد، حول من هي الأخت الخاضعة الذليلة ومن هي الجامحة المتمردة منهما؟

يطرح الفيلم شخصية التوأم بعيداً عن ثنائية الأخت الطيبة مقابل الأخت الشريرة، حيث يحتار المشاهد مع أي طرف يتعاطف، بسبب رمادية شخصيات القصة، خاصة دور "كريتي" المزودج ودور "شاهير شيخ" الذي يلعب دور زوج الأخت الخاضعة.

وكذلك بالنسبة لشخصية "كاجول" في الفيلم، التي تلعب دور شرطية لأوّل مرّة في مشوارها السينمائي الطويل، وإن كانت رمادية شخصيتها في الفيلم تميل نحو الجانب الإيجابي أكثر، الذي يجعل المشاهد يعرف مباشرة أنها البطلة الطيبة غير المثالية، ومع ذلك وبصفتها تمثل الهيئة التنفيذية التي تطبق القانون حرفيا (الشرطة)، وفي نفس الوقت المحامية التي تستخدم القانون بتفاصيله ونقائصه وثغراته لربح قضيتها، بغض النظر عن براءة الضحية أو تورطها مع الجلاد في علاقة معقدة، تجعل ميزان الضمير والأخلاق في مواجهة مع القوانين الرسمية المكتوبة، وهو ما قد يجعل تقييم المشاهد لمواقفها (كاجول) غير موحد.

تضمن الفيلم خمس أغانٍ، استخدمت بعضها كخلفية موسيقية للأحداث، وبعضها الآخر كان ضمن السياق الدرامي المناسب لها، مثل أغاني "النايت كلوب" والحفلات، بإستثناء أغنية احتفال "الديوالي" الهندوسي، التي كانت بالطريقة النمطية، حيث تغني الممثلة وترقص، لكن ومع ذلك بقي الاستعراض ضمن السياق الدرامي للقصة ولم يكن دخيلا، بل عند فك ألغاز الحبكة وكشف حقيقة الوقائع، يتبين أن احتفال الديوالي هو جزء هام في تلك التفاصيل.

الفيلم كان مخصصا مباشرة للعرض الإلكتروني، حيث بدأ بثه على منصة نتفليكس في 25 أكتوبر 2024، و حظيَ بعدد مشاهدات يفوق الـ 5 ملايين خلال 10 أيام فقط من صدوره، مما جعله يصنف حينها كأكثر فيلم هندي مشاهدة على نتفليكس، وتَرَأَّسَ هذه القائِمةَ في الأسبوعَـينِ الأوَّلَـينِ، ثم بقي مِن ضِمنِ العشرةِ الأوائِل في التَصنِيفِ الهِندِيِّ لغايَةِ اليَوم، ودخَلَ القائِمة الأجنبية في أسبوعِهِ الثاني واحتَـلَ المرتَـبَةَ الخامِسة