السبت 2024/12/21 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 9.95 مئويـة
مسرحية الجدار .. تاليف حيدر جمعة.. اخراج سنان العزاوي جرأة في الطرح و المعالجة.. دماء جديدة تغذي المسرح العراقي
مسرحية الجدار .. تاليف حيدر جمعة.. اخراج سنان العزاوي جرأة في الطرح و المعالجة.. دماء جديدة تغذي المسرح العراقي
مسرح
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

طه رشيد

الذين يشعرون بالصدمة السلبية هم اولئك الذين لا يريدون ان يروا الحقيقة عارية! ومن هنا فهم يرفضون مناقشة ظاهرات سلبية وشاذة داخل مجتمعنا! ويصل فيهم الأمر بالتستر على ظواهر،حتى ولو كانت اقل خطورة، تتقاسمها المجتمعات في عالمنا الثالث!واضرب لكم مثلا من منتصف ثمانينيات في القرن الماضي حين اصدر الكاتب الأردني غالب هلسا روايته ( ثلاثة وجوه لبغداد)، فقامت الدنيا ولم تقعد من قبل مجموعة من الوطنيين ( شوية زايد!) منتقدين الكاتب، لانه يشوه المرأة العراقية، بسبب قوله داخل متن الرواية بان الفتاة العراقية تفضل اقامة علاقة عاطفية مع المواطن العربي على حساب ابن جلدتها! ولم يعلم اولئك المحتجون بأن ما أشار اليه الكاتب "هلسا " هو ظاهرة تتقاسمها المجتمعات العربية المحكومة بالتقاليد وبالموروث الأخلاقي الفارغ!جئت بهذه المقدمة لادخل في حيثيات مسرحية " الجدار" وهي من تاليف حيدر جمعة واخراج سنان العزاوي ومن انتاج دائرة السينما والمسرح، حيث تعالج المسرحية موضوعة التعسف والاضطهاد والاعتداءات الجنسية والجسدية التي تلاحق المرأة بأبشع صورها الشاذة! اخ يعتدي على شقيقته او اب يعتدي على ابنته وهكذا دواليك من جرائم يندى لها الجبين! وفي اجواء المسرحية يغيب الرجال، باستثناء نصف رجل مخنث ( لعب الدور بإجادة واضحة الفنان يحيى ابراهيم) وتملأ الخشبة النساء بصراخهن وكشف المستور القابع في اسفل مطمورات المجتمع الذي تهدده الرذيلة والمخدرات واستغلال ضعاف النفوس لعوز وفقر بعض العوائل!كان المخرج صريحا وواضحا وجريئا في معالجاته الدرامية للإشكالات المجتمعية فحصر "بطلاته" بين ثلاثة جدران، اما الرابع فهو الجدار الوهمي الذي يطل منه المتلقي على ماسي مجتمعه في هذا العرض المسرحي!وتحاول النساء مرارا التسلق على الجدران عسى ان يجدن لهن مخرجا او مهربا من هذا الكابوس الجاثم على صدورهن او في أحشائهن!بين هذه النساء اللاتي يولولن طيلة العرض "ديك" فصيح بصوته ومحوّر بهيئة دينية! او هكذا يتضح في النهاية حين يخلع جلبابه ويعيره للراقصة ليحل محلها في الرقص والمفاجئة انه هو الاخر امرأة! وبهذا يكون البطل في هذا العمل هو المرأة، من عازفة البيانو إلى مساعدة المخرج ليلى فارس! نساء في كل مكان تشم رائحة وجعهن في كل ثنايا المسرح!هذه الجرأة في الطرح والمعالجة تتناسب والموضوع الذي تطرحه المسرحية!المخرج لم يقدم الحلول على طبق من فضة، اذ انه تآمر معهن على المتلقي لكي يجد الحل الذي يعتقد انه الأمثل.تيأس النساء من ايجاد حل لقضيتهن المعقدة والمتشابكة، وييأس المخرج للخروج من النفق الذي دخل فيه أبطال عرضه، لكن المتلقي لم ييأس بايجاد الأسباب التي أوصلت نسوة العرض الافتراضيات او الحقيقيات للوضع الذي هن فيه!جمال السينوغرافيا وجمال الفتيات اللاتي جسدن الشخصيات وجمال ادائهن أمتع الحضور بالرغم من طول العرض الذي كان يمكن ان يختصر قليلا منعا للتكرار هنا او هناك!ويبقى ان نشير إلى ان هذا العمل قدم مجموعة من فتيات جميلات يفتحن الأمل واسعا للمسرح العراقي وتزويده بدماء جديدة من العنصر النسوي المكمل لاي عمل إبداعي. الفنانتان المتألقتان لبوة عرب والاء نجم، والفنانات زمن الربيعي، إسراء رفعت، اماني حافظ، شيرين، رهام البياتي، أميرة، نعمت، رضاب احمد والفنانة عراق.

المشـاهدات 97   تاريخ الإضافـة 17/12/2024   رقم المحتوى 57076
أضف تقييـم