شلاما وفاء للفطرة والجمال |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص :
اسماعيل ابراهيم عبد
في بدء مشوارنا مع القاصة العراقية "وفاء محمد السعد" ؛ المقيمة في دبي ، نود التنويه الى أن مجموعتها القصصية "شلاما" من المجاميع القصصية التي تم انجازها عبر تجربة كتابية ناضجة ؛ ابتكرت لنفسها قيماً كتابية قائمة على أساسين ؛ الدلالة الموجهة ، والتجربة الاجتماعية متسعة الإدراك ؛ تقنياً وثيمياً ، نفسياً وكتابياً ، ثقافياً وفنياً. وكونها تجربة اجتماعية ؛ قد استوحت نتاجها القصصي من أحداث نحس بواقعيتها وحميمية شخوصها ، فضلاً عن كونها تؤدى بتلقائية تشبه فعل بكارة الفطرة ، بل تتعدى الفطرة الى فعل الطفولة العفوية. وفي الفعل الدلالي نحس ان اللغة الشاعرية في السرد ما هي إلا موقف لغوي يُناط به فعل نفسي معين ، ومظهر كتابي فني، له غرض أساسي ، هو الشّد والتشويق. لنتابع بعض قصص مجموعة "شلاما" لوفاء السعد ، التي تضمنت اربع عشرة قصة؛ على النحو الآتي: أولاً: "شلاما" مرجعيتها لنتعرف على قاموسية أو مرجعيية "شلاما" بحسب حاجتنا الى ذلك . لنثبّت بيئة اللفظة بحسب الآتي : ـ اللفظة : كلمة تعني "مرحبا" في إحدى لغات حضارة وادي الرافدين القدمية ؛ هذا ما ثبتته الكاتبة فرح محمد السعد على الصفحة 89 من مجموعتها القصصية "شلاما". وقد توافق على استخدامها بذات المعنى الآشورييون بعض اللغات لوادي الرافدين وبعض الساموراي في اليابان . بلفظها ومعناها الآشوري ؛ الأصل. ـ القصة العنوان : اعتنت الكاتبة بالعنوان ، قصدت ان يكون السلام معنى نهائياً لأي نشاط انساني ذوقي وفطري وإبداعي ، فجعلتْ العنوان خاتمة لنشاطها الفني هي ـ بذاتها ـ في قصص "شلاما" . ـ الرؤى : من المؤكد ان جميع الرؤى في القصص ستكون مشيّدة من مشيدات الدعوة للسلام ثلاثي الطبيعة ؛ السلام للنفس ، السلام للعقل ، السلام للوجدان . وهو سلام ؛ في التأويل ؛ يمثل أمنيةَ ان يوهب للخلائق كلها!. ثانياً : شلاما التجربة ان الكاتبة "وفاء السعد" أهدتنا الى العديد من زوايا التجربة الناضجة ؛ ذات الخصوصية بالموضوعات والثيمات. سنتقصى ذلك عبر نماوذج منتقيات بقصدية ؛ من قصة بصمة على ص17. هذه القصة تضعنا أمام وضع مربك من حيث التخيل ، ممتع من جنبة التلقي ، محيّر من زاوية النقد. ان القصة هذه تجربة ثرية ضمن اطار الفروضات أعلاه . لنتابع. أـ اللغة انها لغة مشحونة بمحمولات المعاني متعددة المستويات ؛ هذه المستويات ـ برأينا ـ هي/ 1ـ مستوى المعنى القريب: هو مستوى لا يغادر التفكير الواضح المباشر ، الرديف بالقول المكتوب؛ مثلما يرد في الآتي : [سألته عن اسمه . أجابني انه لا يحب اسمه كونه ليس جميلا] ـ قصص شلاما ، قصة بصمة ، ص19. ان المعنى هنا واضح والغرض من القول لا لبس فيه ، فالمسافرة تسأل عن اسم جليسها ، هذا حال جميع المسافرين الى خارج بلدانهم. وظيفة هذا المستوى التأهيل للأقوال والمعاني اللاحقة. 2ـ مستوى المعنى متوسط العمق : هو مستوى آخر من المعنى ، يغادر التفسير المباشر قليلاً ليؤلف المعنى المضمر شبه المكشوف. مثلما يرد في : [سكتَ .. قال : قتاده . ذكر اسمه بسرعة وبصوت خافت كأنه لم يشأ ان أسمع الاسم] ـ قصص شلاما ، قصة بصمة ، ص19. تضمن القول بعض شكوك المجيب وبعضاً من ريبة المسافرة. كما ان المسافر ذكر اسمه بصوت خافت. وهذا أيضاً يشكل نوعاً مو مواربة كلامية سمعية. ولو فعّلنا طاقتنا لمعرفة سبب السرعة والخفوت لتتماشَ مع ظاهر المشد (المقطع) ، لقلنا مع أنفسنا : (لعل ذلك سببه الخجل من اسمه ، ومن معناه). * في المحصلة ؛ ان مستوى القول يشوقنا لمعرفة حقيقة سرعة وخفوت نطق الاسم (قتاده) . وسنظل بشك جديد كوننا قد نضع فهماً أبعد قليلاً مما يُظهره القولُ ، فنقول ؛ ثمة وراء الاسم دلالة غير التي عرفناها من المشد المذكور. لعلنا سنقول ان المدعو قتادة مطلوب أمنياً ولا يريد ان يسمعه غير جليسته حفاظاً على أمنه الشخصي. هذه الشكوك تحيلنا الى المستوى اللغوي متوسط العمق دلالياً. وقد يزداد فضولنا ان جعلنا الشك متعة لتفكير يبتعد أكثر نحو المستوى الثالث. 3ـ مستوى المعنى الأعمق : هو المستوى الأهم كونه عميقا وبعيدَ الأثر ، يستوجب التأمل من قبل القارئ مثلما هو الحال في : [ـ اسم جميل لفظاً ومعنى . أجابني : أين الجمال في الشوك؟ قلت: دعني أصف لك الشوك ... رد ... بسرعة ضاحكا : كأنك ستتغنين ... به ؟ ـ قصص شلاما ، قصة بصمة ، ص19. وفي : [ضحكت قائلة : ... شجرة الورد الجميلة لها أشواك... وسيلة دفاعية... كوزارة الدفاع (ضاحكة)] ـ قصص شلاما ، قصة بصمة ، ص19. كأن الساردة تريد القول ـ كغاية بعيدة العمق : ان اللفظ المؤدب الفني هو الجميل ؛ من وجهة نظر البطلة. بينما من وجهة نظر البطل ان الاسم ليس جميلاً ، وان الجليسة تستخف بهوسه المفرط من قبح الاسم. وثمة تخالف كبير بين الحوار والغايات؛ فكيف يكون الشوك جميلاً . وكيف يمكن للشوك ان يكون قصيدة . إذاً . الفن هو من يعمق الحس للصورة والمشهد والقيمة للغة وسردها. وفي : [ ـ شجرة الورد الجميلة لها أشواك ... وسيلة دفاعية ... كوزارة الدفاع (ضاحكة) ، كما انها تنظم حرارة ... النبات ... شجيرة الشوك صديقة للبيئة] ـ شلاما ، بصمة ، ص19، ص20. هنا تبلغ متعة التذوق الفني قيمة راقية عبر عمق المعنى اللغوي الذي يقارب بين الطبيعة للبيئة الدفاعية للوجود ، والبيئة العدوانية للتشكل البشري المريض . في المقاطع (المشدات) الثلاثة تتشكل لقطة حوار سردي معقدة ، فلغتها عميقة وغامضة نوعاً ما ، تضمر معاني بعيدة الى حد ما ؛ تعمّق القيمة الدلالية التي تومض بالغاية بعيدة الأثر ، والنبوءة؛ خدمة للبؤرة الافكرية للاعمال كلها ؛ (شلاما / سلاماً / مرحبا). ب ـ السرد ان نقل الحدث من الواقع الحقيقي الى الواقع الأدبي برأينا يتطلب ثلاث مخاتلات ؛ هي : 1ـ المخاتلة الأُسلوبية : وقد تمثلت بالبساطة ، وتدرج العمق ، والايماء الدلالي الموحي. 2ـ المخاتلة الحدثية : وتتمثل في مضمر (الحدث الكبير جداً جداً) ؛ وهو ارتباط اسم "قتادة" بسرديات الإرهاب الكبرى وحيثياته الواقعية. وما محاولة القص سوى احتواء لمنطق الضد وادانة الفعل بالفن الذوقي. 3ـ مخاتلة الشخصية : في العرض النصي السابق مخاتلتان ؛ هما : 1ـ ان القاصّة لم تعلن اسم الراوية كأنها تقول ؛ انا المؤلفة وقد صرتُ بطلة القصة. 2ـ المخاتلة الثانية ان شخصية قتامة (الشوك) ، أعطيت لها مقلوباً شائعاً . أي جعلت الاسم نقياً . واستعماله صار استعمالاً سيئاً. بل ذهبت الكاتبة الى أبعد من ذلك في قولها اللاحق: [التقطوا صور بصمة عيون القامين. قلت يا قتادة انظر لم يكتفوا بالاسم والمهم هو بصمة العين] ـ قصص شلاما ، قصة بصمة ، ص20 ـ نتائج : ومن نتائج فعل المخاتلات السردية ؛ ان الراوية تمنح العين الباصرة مضمراً دلالياً يقول " ليس الاسم من يضع القيمة، انما الفكر ، ووجهات النظر ، وبصمات الوجود المؤثر؛ هم من يصنعوا القيمة لا الشائع من ان (قتادة = ارهاب). كذلك في هذا الذهاب المنطقي للتحليل ذهاب كبير نحو فلسفة وجهة النظر ، او عين العقل ، او استقلال الرأي ، او بصمة وعي الوجود. ج ـ الرؤى لعلنا في الفقرات السابقة أوجدنا آصرة مهمة بين النص والرديف من المعنى عبر مكوني اللغة والسرد. وهنا سنتعرف على وجهة النظر ذات القيمة التنبؤية بأبعادها الثلاثة : 1ـ الرؤية الشاملة : وقد حققتها الساردة كليّاً ، كونها وحدها من وجهت محمولات القصة كلها. ولم تدع للعناصر الأُخرى فرصة الظهور ، كون البطلة هي ذاتها المؤلفة العارفة والقائدة لجميع أفعال القص. 2ـ الرؤية المتعاضدة : تتمثل في استجابة اللغة السردية للأغراض العامة والخاصة بشكل متساند بين المتن والعنوان ، وبين الأحداث والشخوص ، وبين الوصف والسرد العام. 3ـ الرؤية متفردة النبوءة : بشكل غير مباشر تنبأت الكاتبة بتحول الناس والمجتمع الى اسماء نورانية ؛ قابلة ليتغن بها ، بمثل ما فعلت فيروز ـ بلمحة السطور الأخيرة من القصة ـ . ثالثاً : شلاما وصفاً دلالياً ان (السارد – الوصاف) في العديد من النصوص السردية يمارس التدليل على الشخصيات والأحداث بما يؤدي إلى "وظيفة انتاج أدلة (اظهارية مترابطة ومنسقة ، ذريعية لسانية) ، تنتج مؤولات دينامية لسياقات أدلة الشخصيات... بحسب "(عبد اللطيف محفوظ ، سيميائيات التظهير ، منشورات الاختلاف ، الجزائر، 2009 ، ص65) ، تكون مثار جدل وحوار ، فتخلق جواً يؤشر (فنيا) الاختلال الاخلاقي والاجتماعي والاقتصادي. وغيرها. في محور الوصف هنا يهمنا : "الوصف الدال على الشخص" ، "والوصف الدال على الحدث" ، "وطبيعة التضافر بينهما" ، فضلاً عن ذريعية صياغة القص. بمعنى اننا سنتابع نصوصاً قصصية للكاتبة (وفاء السعد) تحتج بالذرائعية ([1]) لتوظف الفعل القصصي في انجاز المهام الأربع ، التي هي: أ ـ الوصف والشخصية ان الكاتبة وفاء السعد في قصة (اني اراك) الطريفة ، تتيح لنا فرصة معرفة فنية للوصف الذي يخلق الشخصية. اقصد الشخصية الجذابة المحيرة. والكاتبة في قصة "إني أراك" أتمت صناعة شخصية فريدة عبر الوصف ؛ فشخصية "جمال" شخصية اشكالية فقد / ـ جعلتْ الشخوص الأربعة : (لمى ، صديقة لمى ، العريس ، العروس) ، قنوات تلفت الانظار وتوجه الفهم نحو شخصية جمال المصنعة حصرا. ـ غطتها بمراحل وصف متعددة حد الكمال ، فهو (طفل ، صبي . في الثانية عشر من العمر . مصاب بمتلازمة داون . خجول . شجاع . راقص اسطوري). ـ صاغت الكاتبةُ الوصفَ بوسيط الراوية بطريقة حصر مركزة على (جمال) وشيء آخر حول العروسية ، فالعريس ، فلُمى. بمعنى ان رتبة جمال كانت الأُولى والأَولى بالعناية. ـ تسلسلت الرتب السردية للشخوص متدرجة بحسب الاهمية ؛ جمال ، ثم العروس ، ثم لمى ، ثم العريس ، ثم صديقة لمى . * اما حال (الذريعية = البراجماتية = التسويقية) فقد تجلى في المقطع الآتي : [حاور جمال الجميع برقصه ، ثم أفلت يديه من يدي العروسين وراح يدور فارشاً يديه وهو يرقص بحركات متناغمة مع الموسيقى والحان روحه ؛ كأنه فراشة خرجت للتو من شرنقتها بعد ان اكتملت أجنحتها وأصبحت جاهزة للطيران والتحليق] ـ قصص شلاما ، قصة اني اراك ، ص47 ب ـ الوصف والحدث ان صناعة الشخصية بالوصف الذي ركز على هيئة وطبيعة الشخصية الاشكالية ، هذا الوصف ركز على حدثين أساسيين ؛ هما ، أفعال جمال وأفعال العروسين . وبذلك جُعل حدث العرس مجرد حاضن للحال الانساني ، الذي ينشد الخلاص من الذات الناقصة عبر تخطي المستحيل بالرقص الاسطوري. بينما أفعال الحاضرين ومكان العرس وحدث العرس ؛ كلها تخدم الحدث الأكبر ؛ الأهم (الرقص الذي أحدثه جمال). ويلاحظ ان اسم جمال كان مقصوداً لذاته وبذاته ، كونه انساناً مطلق الجمال ، مطلق الذائقة ، مطلق المهارة والموهبة ، وبالتالي من حقه ان يكون مطلق الحرية. ج ـ الوصف المتضافر ان القيم المنبثة بمنطقيها الفني والنفسي ، عبر الفقرات السابقة تعني ؛ ان ثمة هندسة ذهنية ذهالية جمعت بين المعنى والمبنى ، عبر الجملة القصصية الموحية بالتلاحم والتماسك اللغوي المتضافر ، الذي جعل انجاز الفعل القصص متفرداً في صوغه وتاثيره ، مما انجح خطة ترويج قضيتي القص والرقص. د ـ الوصف ذريعة براجاتية ان أكثر الأفكار الذرائعية (البراجماتية = الترويجية = التسويقية) ، تلك التي تجمع بين النفع وجمال الذائقة. قبل قليل أوضحنا أهم ركن نصي يمثلها ، اما الأن فيهمنا كيف تتناسق مع الوصف . ولتبرير هذا نقول : ـ ان المضمر الدلالي هو قضيتي الكمال والحرية ، وهما أهداف جميع الانشطة الانسانية منذ بدء الخليقة حتى ما لا نهاية. ـ ان اللغة الشفيفة ، شبه الفطرية ، الطفولية التلقائية؛ صيّرت القصة مثل محمول دلالي لقيمتي الرقص والموسيقى ؛ ترويجاً وولهاً ومطلباً سوقياً لجميع الأماكن والأزمان. رابعاً : شلاما بُنى خؤون يحدث أن يكون الجدل تخالفاً بين قراءتين ، فلا يتفق القارئان في قبول فحوى نص ما ، من أفكار وجمل لغوية ، حتى لو تشابه المكنون الثقافي والبيئي بينهما. أسمي بنية هذا التخالف بنى خؤونة. أطرافها ثلاثة. تعسر القراءة ، الغموض التقني الكثيف ، الفهم المغالِط قصداً. سأقوم بالتمثل لتلك الخؤونات الثلاث على النحو الآتي : أ ـ قصة في السوق : التعسر القرائي من الممكن تماماً ان يُصار الى النص ليكون حاكماً في التأويل والفهم ؛ لكن عملية التأويل او الفهم كثيراً ما تكون نقطة خلاف خؤون بين طرفي الفهم للمؤلف والقارئ ، لسبب بسيط للغاية ؛ هو اختلاف مستوى التحصيل الثقافي والجمالي لكليهما. سأقوم بقراءة مقطع من قصة " في السوق" أُبين عبره طبيعة بنائين خؤونين يبينان طبيعة التعسر القرائي ، لما يسمى بالقراءة الساذجة. لنمهد بشيء يوجها لفهم التعسر القرائي :ــ " ان الظاهر من القص انه يحكي عن طفلة عمرها ثلاث سنوات ، عرفت حقيقة جديدة تريد إبلاغها لأُختها ذات الأشهر الستة : [هي منبهرة جداً بما حولها... حين كان رائد جورج يصدح بأُغنية حيرتيني ... وفي اليوم التالي كانت تحدث أُختها الصغيرة لور ذات الستة أشهر عن تجربتها قائلة : في السوق لا نأخذ علكة او شوكولاتة دون دفع ثمنها من النقود, نحن نشتري ... وتريها نماذج من النقود المعدنية والورقية] ـ شلاما ، قصة في السوق ص58، ص59 يقع التعسر القرائي عندما نجعل البنية خؤونة التفسير ، كونه فهماً سطحياً للظاهر النصي ، نخمنه بالاتي : 1ـ ان الاشكال والتعسر القرائي ، من وجهة قراءة ساذجة خؤونة ؛ ان نفهم كيف يُصار الى نقل الوعي بالغناء والموسيقى من الآلة السوقية (التلفاز) الى طفلة السنة الثالثة من العمر. 2ـ من الصعب أيضاً ان يتم ذلك الاشكال والخيانة البنائية بين فهم نفسية البطلة والراوية للقص. 3ـ الصعوبة تقع من جديد في كيفية تواصل الفهم بين الطفلتين. 4ـ الإشكالية الأُخرى تقع في نوعي الاسمين (شهد ؛ لور) ، فهما غير منسجمين نسقيا!. * بعد تمثلنا لوجهة نظر الخيانة البنائية عبر الفهم السطحي ؛ يمكننا ان نكون خؤونين لوجهة نظرهم فنحل الاشكالات القرائية على النحو الآتي : 1ـ ان الوعي الفني للغناء والموسيقى يمكنه ان يكون فطريا لو توفر شرطان ؛ جودة الغناء، وعمق تأثيره من جهة ، وتوفر الذكاء بالدرجة العالية من جهة اخرى ، وهما ـ بحسب القصة ـ متوفران ، لذا فالوعي قد حصل دونما شك او فهم قاصر. 2ـ لا توجد صعوبة فهم ولا عسر قراءة بين الراوية والبطلة شهد بحسب العامل الأول المذكور آنفاً؛ خاصة وان العمل فني وليس دراسة في حقل علم النفس. 3ـ تواصل الفهم بين الطفلتين هو مخاتلة اسلوبية خؤون ؛ تخون الفهم الساذج لتقول وعياً فنياً ممتعاً ؛ كونه ينقل لنا ـ بتلقائية طفولية جاذبة ـ وعياً فنياً وثيمياً قيماً. والغرض منه مفضوح كونه يخص الكبار لا الصغار. 4ـ التميز الكبير بين الاسمين هو تميز بين ظاهرة الأسماء في مراحل التحضر والوعي الاجتماعي ؛ والقاصة بطريقة فنية توحي بالآتي: (الوالدان كانا يعرفان بأن اسم شهد هو من أجمل الأسماء قبل سنتين ونصف ، لكن لن يصير الاجمل دائما ؛ لذا سميا الصغيرة لور ويعني اللبن. ب ـ ربطة عنق : الغموض التقني المكثف بتصوري ان هذه القصة (ربطة عنق ، ص61) هي نموذج متفرد على مستوى كتابة (وفاء السعد)، وعلى مستوى ما يكتب من قص عربي ، لأربعة أسباب هي : 1ـ انها قصة تسبب وتبرر الغايات التقنية الموهمة بلغة وافكار مضللة تزيد من متعة ولذة القراءة. 2ـ توحي ببدعة فنية عميقة البهجة . 3ـ الشاعرية العالية للقصة لم تخلطها بالشعر، انما وحّدتها بالقص الشفيف بتؤه تيار الماء. 4ـ الغموض في القصة يجعلها ذات طابع غربي ممتص تقنياً بلغة شرقية ؛ تنغِّم القول وترشّق المعنى. * المقطع الآتي سيوضح دلالات ما ذكرنا ؛ وبرأيي ؛ يمثل خؤونة للسائد التقني والروحي في القص العربي : [عادت بعد أيام ... لتتأكد من انها شاهدت قطعة فنية غريبة ... ربطة عنق رجالية ملونة بألوان أكريلك بطريقة عشوائية وبألوان متناغمة جداً. لم تكن ربطة العنق مكتملة التلوين كأنها تنتظر من يكملها. كانت القطعة تسحبها بخيوط غير مرئية ... تساءلت مع نفسها ، من يكون المبدع الذي اختار الرسم على بطة عنق؟ ... سألت الموظف المسؤول عن المحل ، متى ينتهي العمل منها؟ واجابها باختصار : لن تكتمل. سألته : هل هي للبيع. أجابها : لا. اشترت قطعة فنية من المحل وغادرت]. * ثمة الكثير من المخاتلات الجملية والتقنية في عموم القصة تجعل القارئ يُحار بأسئلة من نوع : (من الرسام؟ من المتوفي؟. من الذي يروي؟. ومن الذي يشتري؟. وهل حصل الشراء حقاً؟. أهي قصة روحية وكل ما يحدث محض تأويل؟ * سأبقي هذه الأسئلة بلا إجابة ، لأجل ان تكون حيرة القارئ جزءاً من متعته وتأمله ، وان يكنمل الحجاج التقني والثيمي من خلاله!!. ج ـ معتز وجود : سوء القراءة المتعمد سأعمد على سوء قراءة بقصد ان أبين نوع الضرر الذي يلحق بالعمل لو بقي هذا الفعل سارياً اعلامياً وثقافياً . المقطع القادم يتحدث عن مهاجريْن شابين هما معتز وجود ، بتقنية الحوار الذي شمل القصة كلها ، فالقصة كأنها ستعد لنص مسرحي او سيناريو سينمائي عن "لماذا حرّم معتز على نفسه اكل لحم الدجاج". ما يهمنا في الحوار هو سوء القراءة وأضراها : سأكتفي بالأسطر الآتية. [يروي معتز قائلاً : ـ (كتكوتي) ـ كنت ألعب معه في الحديقة ... في إحدى المرات أخذته معي في نزهة ... وفي أحدى المرات ... دهسته بقدمي ، كنتُ حافياُ ، ان احساسي به وهو تحت قدمي حاضر معي حتى الآن . دفنه والدي في إحدى زوايا الحديقة ، لم أنم يومها حزناً عليه. هذا الكتكوت كان تعيساً مع أُمه دجاجة الجيران، وما أن ضحكتْ له الحياة حتى مات] ـ شلاما ، قصة معتز وجود ، ص71. * لو تقصدت سوء القراءة وخيانة البنية القصصية عبر مضمورها الدلالي ، لـ كنتُ أقول : 1ـ ان الحوار ليس له مبرر فني ولا يحمل قضية . 2ـ ان الأمر المطروح موضوع نرجسي بعيد عن معناة الناس وهموهم ومجريات حياتهم الاعتيادية. * ويمكنني أن أخون هذا الفهم بفهم اكثر عدالة ولا سوء فيه فأقول : ـ ان الحوار متماسك ، وليس فيه فائض ، وطريف ؛ كونه يتبع طريقة الجملة الممسرحة ؛ الصعبة ببنائها ، الممتعة بإدائها. ـ ان امر القصة نصاً ومقطعاً ، ليسا نرجسيين ، إنما هما فكرتان فنيتان ممتعتان تروجان قضيتين من أكثر القضايا المستقبلية بروزاً ـ فلسفة ، مجتمعاً ، حضارة ، في عصرنا الجديد ؛ ما بعد الحداثة ؛ هما الأنسنة البيئة ، والجمالية الثقافية؛ فمراعاة الحيوان وجعله يحظى برعاية انسانية مثل الانسان هو قضية ثقافة انسانية تجمع بين طبيعة العطف الانساني الفطرية والسلوكية. روجت فكرة ان الموجودات بلا فرق في حاجاتهم وحريتهم. اما وضع هذه القضية بفن القصة وبلغة واضحة مبهجة فتلك محاولة سامية للجمع بين فكرة الفن للفن والفن للجميع ؛ وتعميمها لتكون الفن للانسان والطبيعة والطبيعة للحياة والسعادة المتبادلة النفع بين جميع الكائنات. [1] الذرائعية (البراجماتية) : مذهب فلسفي اجتماعي يقول بأن الحقيقة توجد في جملة التجربة الإنسانية: لا في الفكر النظري البعيد عن الواقع. وأن المعرفة آلة أو وظيفة في خدمة ، موقع صيد الفوائد الالكتروني، في 11/12/2024... |
المشـاهدات 35 تاريخ الإضافـة 01/01/2025 رقم المحتوى 57651 |
البصرة تستعد لمهرجان المحبة والجمال للشعراء الشباب بنسخته الخامسة |
وفاء عامر تنسحب |
مركز حقوقي يدعو السوداني للوفاء بوعده بشأن أحداث تشرين تشرينيون يحيون ذكرى ((٢٥تشرين)) في ساحة التحرير وسط بغداد |
تشكّلات الأمكنة وأبعادها النفسيّة والجماليّة في(رابط لأغنية ساحرة) |
بعد اتهامها بالإساءة للعوضي ورمضان.. وفاء عامر تحسم الجدل |