الثلاثاء 2025/1/14 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 13.95 مئويـة
نيوز بار
قصة قصيرة الشعراء والمطر!
قصة قصيرة الشعراء والمطر!
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

ا. م.د لؤي شهاب محمود

    أتى يجرُ الخُطى .. تُطُوق الهشاشة تقاسيم ماتبقى من وجهه المتعب.. الشاحب الذي يبدو –لاول وهلة – كأنه طيفٌ متخيل لكائن غريب الاطوار ..هزيل الجسد ..اعياهُ الصبر ، واستبد به الجوى ..اتى محتجا كمالك الحزين..على ديك الجن..على الحطيئة..على المعري السجين.. على رجال الدين .. على العُراة المساكين ..          اتى ليشارك في التظاهرات ضد الانثى الفايروس ، ضد القصيدة الخنثى ، ضد الطارئ الجديد ..اتى وفي جعبة مقتنياته ناي مكسور ، وعود مقطع الاوتار ، وصورة صوفية لغجرية محطمة الاطار ، حيث ترك (بويب) ذات مساء هناك ما بين قوسين يحتضر ! من دون مجرى .. من دون ماء ، وترك فزاعته تنهشها غربان الظلام من دون رحمة بانتظار المطر! وتعبث بـ(ازهاره الذابلة)السوداء حفنة لصوص اشقياء ! تطاولوا على ابنة الجلبي في شناشيلها . باكية تارة ، وخائفة ومضطربة تارات ..حزينة على سيابها الدميم ، مقيدة تغفو على بقايا حلم بطلهُ (غريب على الخليج) ، وهو يشارك حفار القبور طقوس حفر قبر قرب منزل الاقنان للمومس العمياء !

      وهناك قرب نصب الحرية استحالت دموع طيور الحب الوان قرمزية شكلت بغنج صورة سريالية لعيناها وقد رسمت كغابتا نخيل ساعة السحر، والكل صابرينتظر المطر! حيث الملائكة تسامر الشجر والاطفال والقمر ! هناك آفاقت من لعنة الكوليرا الهوجاء ، وايقضت معها (هل كان حبا؟) ،وهي تعيش الحياة مأساة راهب والانسان اغنية من دون الحان، لتلجأ راهبة هاربة الى المعبد الغريق لعلها تخبئ فيه ما تبقى من شظايا وحفنة من الرماد ، ولتعلن من هناك عن الصلاة تمرد والثورة انقلاب ! فيغير الوانه البحر موجات بيضاء تسابق النوارس الوردية المحلقة صوب السماء ، والكل هناك صامتا يريد المطر ! حتى قرارة الموجة باتت اسيرة البحث عن ملاحها التائه الذي ضاع في لجة الامواج بحثا عن (عاتكة ) ما بين انواف الزهر ، وانفاس السحر ، ولآلىءٍ القمر ..عن (عائشة) البياتي تجوب سائحة في بستان الوداع حالمة بنزول المطر ! يستفسر مستغربا:(تأتي او لا تأتي ) هذا المساء ام ستأتي يوم المطر كخفقة الطين في يد بلند الحزين، والجميع تقلقه تلبد السماء بالغيوم لكن من دون سقوط المطر!   والكل ينظر صوب الكبير ..صوب العراق..صوب الجواهري ..للفرات.. لما بين الشعور والعاطفة ..لدجلة الخير وهي تستعد للاحتفال بالمطر!

    وفجأة ينهض طائر الفينيق من سباته محتجا على الرصاص على القناص                على المطر ! اعتقلوه ثم سألوه : من انت ؟

فأجابهم :انا الارق ..انا القلق ..انا انشودة المطر ..انا السياب!

اتيت ابحث عن حب .. اتيت ابحث عن وطن .. اتيت ابحث عن اقبال!                 فقد تركت وطني في خبر كان ، فأين انت يامطر ، واين انت ياغيلان ؟

 اقتادوه الى غرفة التحقيق .. الى غرفة الاستجواب المليئة بالقصائد العارية ،       ومعه  صفدوا الطيور ، واسبلوا العيون ، وصادروا الرموش والجفون !

واتى السجان وهو ينادي : مردان .. مردان ! اين انت يامردان ؟

 تعال وقع على قصائدك العارية ، وبعدها ارحل صوب المنفى ولقارئة الفنجان ! وتعرى لتصبح الدنجوان . لكنه كان يبتسم باكيا كالحلاج حينا ، واحيانا اخرى يطاول بعذابه الاحزان ، ثم وجهت اليه تهمة ممارسة البغاء مع قصائد لميعة عباس عمارة       في ديوانها (لو أنبائي العراف) ، وهي تداعب المدام متسكعة اميرة حُصيرية مدندنة على قيثارة الريح اقسى الآلام ! فبهت الزهاوي صاحب اللباب والاوشال ، واستاذن القعود ليس بسبب التعب ،بل من طول الانتظار تحت وطأة القدر من دون ان ينزل المطر!  واستنكر البريكان في متاهة فراشته تلك الاجراءات التعسفية وسط صمت الرصافي في خواطره الحزينة ونوادره القديمة ، بل في ليل كله تداعيات !                  وعلى ابواب العالم السابع كانت الاجراس تقرع ، والازهار تورق فرحا بقدوم                  العام الجديد ،وايذانا بهطول المطر ، ورفع الحظر!

المشـاهدات 61   تاريخ الإضافـة 05/01/2025   رقم المحتوى 57809
أضف تقييـم