مفارقة |
كتاب الدستور |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب علاء الخطيب |
النـص :
ما ان سقط النظام السوري حتى تهافت الفنانون السوريون على البراءة منه ووصفوه بالدكتاتوري والمستبد والطاغية، وبلا شك انهم أولى بالتقييم من غيرهم ، فاهل مكة أدرى بشعابها ، حتى أؤلك الذين كانوا محسوبين على النطام ، اعلنوا بانهم كانوا تحت سلطة الخوف والتهديد. والجميع أيدوا التغيير ، وراحوا يعبرون عن فرحتهم بالخلاص من الدكتاتورية والقمع ، وتحرروا من سلطة الخوف ، وهو موقف يحسب لهم ، وهم نجوم كبار في العالم العربي وليس في سوريا فحسب . ومن الطبيعي ان يفرح هؤلاء بالتغيير ، والخلاص من المعاناة والشتات والبعد عن الوطن الذي عاشه بعضهم . ومن المنطقي ان يقف الفنانون مع شعبهم ، فاقل ما يقدموه لهم هو الاعتراف والاعتذار . ان إنصاف الضحايا بكلمة وموقف ، امر مفروغ منه ، لانهم جميعاً اتفقوا على ان نظامهم كان تعسفياً و قامعاً للحريات. لكن المفارقة الذي أوقفتني وجعلتني أقارن بين موقفين متشابهين بين سقوط الدكتاتورية في العراق وبين سقوطها في سوريا ، فكلاهما ، اجرما بحق شعبيهما، وكلاهما تركا المآسي بعد رحيلهما، واذا كان بشار الأسد قد خلف ورائه سجن صيدنايا. فقد خلف صدام أكثر من 250 مقبرة جماعية اخرها المكتشفات قبل اسبوع في صحراء السماوة ، وكذلك خلف دكتاتور بغداد ورائه حلبچة التي ضربها بالكيمياوي وكذلك الأنفال ، ناهيك عن الدجيل و الاعدامات والجرائم البشعة التي تحدث عنها الكثير من العراقيين وممن كانوا مقربين من النظام . وبرغم هذه الجرائم رأينا ان جمع من الفنانين والمثقفين العراقيين. لازالوا يمجدون بالدكتاتور وبمنجزاته ، ولازال البعض يرفض ان يذكر جرائمه الشنيعة، كما يرفض ان يعترف بدكتاتوريته. بعضهم ينكر ان الدكتاتور كان يجبرهم على الغناء والمديح والكتابة المسهبة . و ربما اتفهم البعض ، واعلم ان الاعتراف بجرائم الدكتاتور وذمه سيقطع ارزاقهم ، وربما يمنعون من العمل في الدول التي تحتضنهم. وربما يكون الأمر يتعلق بخلفيات اخرى . لكنها مفارقة نعم مفارقة ، فكلا النظامين دكتاتوريين ، وكلاهما ساما شعبيهما سوء العذاب ، و شردا الكثير من المبدعين والمثقفين والشعراء والفنانين ، وتوزعوا في ارض الله الواسعة، لكن دكتاتور عن دكتاتور يفرق وهي …. المفارقة . |
المشـاهدات 43 تاريخ الإضافـة 05/01/2025 رقم المحتوى 57810 |
القصة القصيرة جداً.. التكثيف والمفارقة قراءة في كتاب |