داود سلمان الشويلي

   وانا أقف قرب الهاتف العمومي أتحدث مع قريبي، كان الفصل صيفا، والجو ملتهبا، والهواء ساكنا، ووخما. فاحت رائحة مقرفة من خلفي، وملأت الفضاء المحيط بي، هجمت على فتحتي أنفي، وبالكاد اتنفس هواء نقيا. أزدادت نتانة الرائحة ثقلا. تركت التحدث مع قريبتي، التفت للخلف، كان هناك رجل يلف رأسه بيشماغ متسخ، والعرق يتصبب على صفحة وجهه، وقد لبس جبة صوفية كرجال البدو. عندها أنهيت المكالمة، ووضعت سماعة الهاتف في مكانها. حاولت الهروب من تلك الرائحة، إلّا ان الرجل أوقفني طالبا مني بعض النقود ليتلفن هو الآخر، وأنا على عجلة من أمري أخرجت بعض النقود، وناولته إياها، لم يمد يده ليأخذها بل طلب مني أن أضعها في فتحة الهاتف، بحجة انه متوضئ للصلاة.