الأربعاء 2025/1/8 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 10.95 مئويـة
نيوز بار
قاعدة التسامح وتجميد العقول
قاعدة التسامح وتجميد العقول
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب سامي جواد كاظم
النـص :

يحاول الفقيه ايجاد قواعد وثوابت لاستنطاق النصوص من اجل الوصول الى الحكم الشرعي فهنالك قواعد فقهية واخرى اصولية ولكل فقيه رايه في صحة هذه القاعدة او تلك ، لاننا بحاجة الى من يدلنا على الطريق الصحيح للالتزام بدستور الله عز وجل حتى نتجنب غضبه .نعم الحكم خمسة انواع ،حلال حرام مستحب مكروه واجب ، واهم نوعين هما الواجب والحرام حيث الحرام واجب تركه والواجب حرام تركه ، وبقية الانواع تختلف حسب موضوعها اي انه لربما المستحب في ظرف معين قد يكون واجب او مكروه او حتى حرام ، الصدقة مستحبة ولكن عندما تعطيها لمن يشتري خمر تصبح حرام ، الصدقة مستحبة ولكن عندما تعلم بان جارك جائع هنا يصبح واجب قال رسول الله (ص) : ليس بمؤمنٍ من بات شبعان وجارُه إلى جنبِه جائعٌ وهو يعلمُ ” يعني الايمان سلب منه وهنا اريد ان اتوقف عند قاعدة التسامح في ادلة السنن من حيث وجهة نظر الامامية ، معنى القاعدة هو إعمال المسامحة والمساهلة بالنسبة إلى سند الروايات الدالة على الحكم الاستحبابي، فكل رواية أفادت حكما مستحبا إذا كان في سندها خلل لا تترك تلك الرواية والمدرك هو صحيحة صفوان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (من بلغه شئ من الثواب على شئ من الخير فعمل به كان له أجر ذلك، وإن كان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يقله) ، وحقيقة هذه الرواية ليست دليل على التسامح من وجهة نظري واصلا نظرية التسامح فتحت الابواب لمجالات اخرى اثرت سلبا على الخطاب الاسلامي . نعم اختلف علماؤنا حول صحتها فمثلا الشيخ الانصاري (ت 1281هـ) يؤيدها، لكن السيد الحكيم (ت1390 ) والسيد الخوئي ( ت 1413) يرفضونها . هذه القاعدة سمحت لبعض خطباء المنبر سرد حكايات عن واقعة الطف بحجة استنهاض المشاعر وهو مستحب لا اشكال فيه وفي نفس الوقت سنحت وسمحت لمن يتصيد بالشعائر الحسينية ان يتهجم على كلا الجبهتين جبهة القاعدة وجبهة الخطابة .مفهوم الرواية اعلاه سليم وهي لا تعني التسامح بالسند بل ان الانسان الذي يلتزم بعمل معين استحبابا ظنا منه انه عن المعصوم لاباس لانه لو كان ملزما بالبحث والتنقيب عن سند الرواية وترجمة رجاله فهنا ستتعطل الاحكام وهذا مثل الذي يصف له الطبيب دواء معين لمرضه فهل يعقل البحث عن كيفية تشخيص المرض وماهية الدواء وكيفية صناعته خصيصا لهذا المرض حتى تحصل القناعة والالتزام به؟، وهذا بعيد عن المنطق ، بل في حياتنا عندما يمتثل الموظف في اداء عمل معين بتبليغ من موظف اخر او مسؤوله وعندما يتبين عدم مطلوبية العمل فان المذنب هو من بلغ بالعمل وليس من نفذ العمل ، وفي الشارع المقدس حتى من قام بعمل قصد الخير ولم يتحقق فان الله عز وجل يؤجره على ذلك مع صدق النية .ولكن المنتقدين لهذه القاعدة يقولون كيف يصح ان ينسب حديث لمعصوم لم يقله ، وهذا الامر صحيح لا يجوز ولكن المذنب في ذلك من نسب الحديث للمعصوم بقصد الاستحباب اي لا يترتب اثر على العمل ان ظهر خلل ولكن يترتب ذنب عن من نسب الحديث للمعصوم وهو يعلم بانه لم يقله اي يعني لا يسمح له بذلك فالرواية اعلاه تسمح لمن التزم بحديث اعتقده صادر عن المعصوم وليس السماح لتنسيب حديث الى المعصوم لم يقله .الحديث يطول بعد كل ذلك ما لفت انتباهي هو الحديث والبحث والدراسات عن هذا الموضوع اليس الاوجب والافرض ان نحث الناس على النهوض العلمي ، الارتقاء بالمستوى الثقافي ، يعني مثلا من يقدم على انجاز علمي يخدم المجتمع سيكون له اجر عظيم عند الله واليوم لا يتقبل العقل ان يكون الاجر الف قصر في الجنة وكذا حور العين هذا الامر لا يتقبله العقل ليس لعدمه بل وفق ثقافة اليوم فبدلا من ذلك منحه امتيازات مادية ومعنوية اليوم اضافة الى الجائزة الكبرى من الله عز وجل .من استن سنة حسنة فله اجره واجر من عمل بها ، ليس بالضرورة عمل عبادي او علاقة اخوية فقط بل مثلا نهوض عمراني او اكتشاف علمي ، جوناس سولك ( ت 1995) مخترع لقاح شلل الاطفال وجعله مجاني ومباح في تصنيعه للجميع ، بينما ارى اليوم اغلب المؤلفين عندما يؤلف كتاب فيه ثقافة تنهض بالمجتمع يجعل حقوق الطباعة والنشر محصورة به وبدار النشر ولا يسمحون باستنساخ او نقل المعلومة ، بل المشكلة ان هنالك كتب فيها ثقافة هدامة يتم بيعها باسعار باهضة وتنفد وتطبع عشرات المرات .فالتسامح هنا يجب ان يكون في مجال علمي وثقافي ينهض بالمجتمع لدرجة اعلى، فالافضل اليوم غدا ليس الافضل بل هنالك ماهو افضل منه فالافضلية لا تقف عند حد معين .

 

المشـاهدات 28   تاريخ الإضافـة 07/01/2025   رقم المحتوى 57899
أضف تقييـم