النـص : لم يستطع الإعلام العراقي الخروج من معادلة النظام الشمولي السابق الحاكمة تحت سوط (من لم يكن معي فهو ضدي) على الرغم من مساحة الحرية الواسعة وأفق القوانين الرحب الذي لم يعد سقفاً عالياً لممارسة العمل الإعلامي بغطاء النهج الديمقراطي مما يشكل أزمة اصبح الخلاص منها صعباً للغاية بسبب تراكم أعراف وتقاليد السياقات المتبعة.
وبهذا انقسم الوسط الإعلامي إلى ثلاثة أصناف لا رابع لها ، الأول هو الذي يمثل الموالاة والتأييد لمنظومة الحكم ولمؤسساتها التنفيذية والسياسية وهو النوع الذي اخذ على عاتقه تلميع هذه المنظومة والتطبيل لها وبشكل مقرف ومفضوح وباسلوب تقريري مباشر يسهم بالاساءة اليها ويعمق الفجوة بينها وبين المواطن لما يحتويه من تملق فج وتغيب عنه المصداقية وتتخمه الاكاذيب ويحاول تسويقها على انها ملائكية ويصورها السوبرمان القادر على إنقاذ البلاد ، في الوقت الذي لا يعكس ذلك الناتج المنشود ، ويمارس هذا النوع من الإعلاميين هذه المهمة من أجل الارتزاق والمنفعة والامتيازات التي تقدمها السلطة لتكون ثمناً رخيصاً لا يليق بمن ارتضى على نفسه هذا الدور.
أما الصنف الثاني وهؤلاء المعارضون الذين قد يكونون في بعض الاحيان أسوأ من النوع الأول لأنهم ينطلقون في ادائهم بالنقد بناءًِ على موقف مسبق لا يخلو من الكراهية للمنظومة ، وان اضفوا على نقدهم صبغة الحرص والوطنية ولا ننكر أن بعضهم صادق في حرصه لكنه يغالي ويبالغ ويتطرف فيغيب عندهم الخيط الفاصل بين النفع والضرر ، ليشكل عبئاً اضافياً ، فهو يضر من حيث يعتقد انه ينفع وهؤلاء باتت اصواتهم وانتقاداتهم مكررة حتى لم تعد تؤثر او يخشى منها الفاسدون ، اما النوع الثالث وهو النوع الموزع بين الحياديين الذين نصروا الباطل على الحق بسكوتهم وبين النفعيين والمبتزين الذين يميلون حيث تميل مصالحهم ويستغلون كل فرصة تتاح لكي يغتنموها ويحولوها الى مكسب او منفعة.
وبين هذه التقسيمات صرنا نفتقد لاعلام مبني على الاسس العلمية الصحيحة سواء كانت اكاديمية او معايير مهنية ، وانزوى معها الاعلاميون والصحفيون الذين لا يجيدون التملق ولا الصراخ او الابتزاز ، ممن يحترمون انفسهم ومهنيتهم ، لتخلو الساحة للادعياء والطارئين والكاذبين ممن لا مبدأ ولا صدقية لهم.
باسم الشيخ
|