فيلم المطار… عندما تتحول الطائرة إلى مسرح للكارثة |
سينما |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص :
زيد خلدون جميل هل هناك من يخشى الطيران؟ نعم، وهم كثيرون جدا حتى إن بعض الخبراء يظنون أن أربعين في المئة من الشعب الأمريكي يعانون من خوف شديد من الطيران، وخمسة في المئة يرفضون الطيران أصلا. وبالتالي ماذا سيكون شعور المرء إذا ظن أنه حبيس طائرة في الجو، تعاني من مشكلة حقيقية؟ إنه الرعب بعينه. ولذلك أصبحت الطائرة موضوعا رئيسيا لمختلف أفلام الإثارة التي تناولت جوانب مختلفة من الطيران. وأشهرها في تاريخ السينما فيلم «مطار» Airport الذي عرض عام 1970 وكان بداية نمط ناجح جدا من السينما العالمية. مثلت فيه مجموعة من أشهر ممثلي السينما الأمريكية مثل، برت لانكستر وجَين سيبرغ وفان هيفلن وجاكلين بيسيت.
أحداث الفيلم
تدور أحداث الفيلم في أحد مطارات مدينة شيكاغو الأمريكية، إذ يحاول مدير المطار «ميل بيكرسفيلد» (برت لانكستر) التعامل مع موقف في غاية الصعوبة حين تهب عاصفة ثلجية قوية تتسبب في عدم قابلية إحدى الطائرات على الحركة بسبب الثلوج، ما أغلق أطول مدرج في المطار.في تلك الأثناء يستعد الطيار «فرنون دمرسيت» (دين مارتن) للإقلاع باتجاه روما، إلا أنه يفاجأ بخبر أن عشيقته، المضيفة «غوين ميغن» (جاكلين بيسيت)، حامل وهو المتزوج من شقيقة مدير المطار. ويقترح عليها التخلص من الجنين إلا أنها ترفض ذلك، ويظل الطيار حائرا في كيفية الخروج من هذا المأزق. وصاحب كل هذا المحاولة الناجحة لامرأة عجوز محتالة، تحاول دائما ركوب الطائرة دون تذكرة. ولكن المشكلة الحقيقية كانت خبير المتفجرات «دي أوغريرو» (فان هيفلن) الذي يخطط لتفجير طائرة الطيار «فرنون دمرسيت» فوق المحيط الأطلسي، كي تستلم زوجته قيمة التأمين على الحياة البالغة مئتين وخمسة وعشرين ألف دولار، بسبب حالة العائلة المالية السيئة، حيث يشتري التأمين في المطار قبيل إقلاع الطائرة، إلا أن زوجته تكتشف خطته، فتأتي إلى المطار بنفسها لإبلاغ الإدارة. في خضم كل هذا يفاجأ مدير المطار بزيارة زوجته التي تبلغه بأنها تريد الطلاق بسبب كثرة مشاغله في المطار ووجود عشيق لها، أما بالنسبة لبناتهما، فهذا غير مهم. ويحاول المدير الاستمرار في عمله لضراوة الموقف في المطار ويجد نفسه يميل إلى مساعدته جين سيبرغ.يكتشف طاقم الطائرة أن المحتالة العجوز جالسة إلى جانب خبير المتفجرات ويقرر الطيار العودة بالطائرة إلى المطار الذي أقلعت منه دون أن يشعر أحد. وتجبر المضيفة جاكلين بيسيت المحتالة العجوز على القدوم إلى القمارة. وظنت العجوز أنها ستتلقى توبيخا قاسيا، إلا أنها فوجئت أن الطيار يعدها برحلة على الدرجة الأولى إذا تشترك بخدعة لأخذ حقيبة خبير المتفجرات لأن القنبلة فيها. وتقبل العجوز فورا، إلا ان الخدعة تفشل ويأخذ خبير المتفجرات الحقيبة الى المراحيض حيث يفجرها، ما يؤدي الى وجود ثغرة في الجدار وانخفاض حاد في الضغط في الطائرة، ما يمثل مأزقا حقيقيا قد يودي بحياة الجميع، كما تصاب المضيفة إصابة بالغة. ويتصل الطيار بالمطار طالبا تجهيز أطول مدرج لديهم، لأن الهبوط الاضطراري لن يكون سهلا، ولكن ذلك المدرج مغلق بسبب الطائرة العالقة في الثلوج، ويطلب مدير المطار من أحد المختصين (جورج كندي) قيادة الطائرة بعيدا عن المدرج وينجح في ذلك بعد مشقة. وتهبط الطائرة بسلام حيث ينقل المصابون إلى المستشفى ويؤكد الطبيب للطيار أن المضيفة وجنينها سيكونان بخير، دون أن يلاحظ الطيار أن زوجته تسمع الحديث. وتحاول العجوز سرقة معطف إحدى المسافرات، ولكن صاحبته تمنعها. وينتهي الفيلم بمشهد تقدم المحتالة العجوز من موظف شركة الطيران للرحلة المقبلة وتذكرة الدرجة الأولى في يدها وتقول، إن التسلل إلى الطائرة كان أكثر إثارة.
ملاحظات عن الفيلم
كان عامل الإثارة الأكثر بروزا في الفيلم، إذ لا توجد لحظة مملة فيه، على الرغم من الإمكانيات البدائية للمخرج عام 1970. ونجح المخرج في استخدام جميع العوامل الكفيلة، بجذب المشاهد مثل الأداء الرائع لجميع الممثلين والموسيقى، وظهور أكثر الممثلات جمالا في تلك الفترة، وإبراز الاحتياطات التي تقوم بها السلطات المختصة، لمعالجة هذه الأزمات بشكل بالغ الواقعية دون أن يقلل ذلك من جاذبية الفيلم. ونالت الممثلة هيلين هَيز جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة ثانوية عن أدائها دور المحتالة العجوز في الفيلم. ومع ذلك هنالك عيوب واضحة في الفيلم، قد يكون أهمها الدعاية التجارية الواضحة للشركة الصانعة للطائرة، كما كان أداء جورج كندي في دور الخبير الذي قاد الطائرة العالقة بشكل رجولي وبطولي مفتعلا جدا.لم تكن قصة الفيلم خيالية كما يظنها الكثيرون، لأن العامل الأهم فيها، أي تفجير الطائرة، كان مقتبسا من حادثة حقيقية وقعت عام 1955 عندما وضع جاك غراهام قنبلة في حقيبة والدته قبيل رحلة طائرتها المتجهة إلى آلاسكا. وكان السبب رغبته في استلام مبلغ سبعة وثلاثين ألف دولار، وهو قيمة التأمين الذي اشتراه الابن قبيل إقلاع الطائرة، حيث كان بالإمكان آنذاك شراء هذا التأمين في المطار من ماكينة. ونجحت الخطة حيث انفجرت الطائرة بتاريخ الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1955 وقتل الأربعة وأربعون شخصا في هذه الحادثة. وألقي القبض على الابن وأُعدِم عام 1957. ولم تكن هذه المرة الأولى لجاك في هذا المضمار، إذ يُعتقَد أنه قام بتفجير المطعم الذي كانت والدته تملكه وقبض قيمة التأمين.لم تكن العلاقة الغرامية بين الطيار والمضيفة في الفيلم شيئا مفاجئا، على الرغم من استحالة معرفة مدى حدوثها، ولكن مضيفة سابقة كتبت مقالا في جريدة «الغارديَان» البريطانية الشهيرة عام 2011 ذكرت فيه أن مثل هذه العلاقات كانت شائعة في فترة الستينيات. ومع ذلك تذكر مصادر أخرى أن شركات الطيران في الوقت الحاضر تحارب مثل هذه العلاقات. كانت للفيلم علاقة غير مباشرة بكارثة حقيقية أخرى، إذ سقطت الطائرة الحقيقية التي ظهرت في الفيلم في البرازيل، وأدت إلى وفاة أفراد طاقمها الثلاثة، بالإضافة إلى اثنين وعشرين شخصا على الأرض.
ما بعد الفيلم
أنتجت للفيلم ثلاثة أجزاء بعد ذلك، وكان الأسوأ آخرهم الذي كان بعنوان «الكونكورد… مطار 1979»، الذي مثله النجم الفرنسي آلان ديلون. ومن الطريف أن من العوامل المشتركة بين كل هذه الأفلام الأربعة، كان الممثل جورج كندي، الذي مثل شخصيات مختلفة حملت جميعها الاسم نفسه «جوبتروني». ولكن فيلم «المطار» كان البداية الحقيقية لنوع جديد من أفلام الكوارث الجوية، حيث أنتج العديد من الأفلام حول هذا الموضوع، من جوانب متعددة. وأشتهر بعضها مثل «رحلة العنقاء» Flight of the Phoenix (1965) الذي مثل فيه جورج كندي أيضا، ثم أعيد إنتاجه عام 2004، وفيلم «مت بصعوبة 2» Die Hard 2. وتناولت أفلام أخرى هذا الموضوع بشكل فكاهي مثل فيلم «طائرة» Airplane (1980) وجزئه الثاني (1982).
مقارنة
عرض فيلم «مطار» عام 1970 بينما عرض فيلم شهير آخر عن كوارث الطائرات بعنوان «سَلي» Sully عام 2016، من إخراج كلنت أيستوود مأخوذا من حادثة حقيقية، حيث اضطر قائد طائرة تجارية أن ينزل الطائرة على نهر هدسن في نيويورك، بسبب عطل في محركي الطائرة نتج عن اصطدامها بطيور. وعلى الرغم من كون أربعة وستين عاما تفصل بين الفيلمين والتقدم الكبير الذي طرأ على التقنية السينمائية خلالها، فإن مقارنة بسيطة بين الفيلمين تشير إلى الكثير من التغيرات، التي طرأت على صناعة السينما العالمية. وقد اعتمد فيلم «المطار» على مشهدي انفجار القنبلة ونزول الطائرة المتضررة، بينما اعتمد الثاني على مشهد نزول الطائرة على النهر. ولكن الفيلم الأول والأقدم نجح في تصوير فظاعة الحدث والتوتر والضغط الذي تعرض لهما طاقم الطائرة والركاب، بينما كان مشهد نزول الطائرة في الثاني باردا، وكأن الطيار ينزلها على المدرج بشكل اعتيادي. ونجح فيلم «المطار» في ملء كل ثانية من الفيلم خارج المشهدين الرئيسيين بشكل مثير ومنطقي، بأحداث بينت جوانب من الطبيعة الإنسانية، بينما فشل فيلم «سَلي» في هذا، وبدا وكأنه تقرير إخباري، أو فيلم وثائقي، وليس فيلما سينمائيا. ولكن المخرج كلنت أيستوود استغل الحملة الإعلامية الكاسحة التي تبعت الحادثة الحقيقية وتحول الطيار إلى بطل خارق في مخيلة الجمهور، ما ضمن نجاح فيلمه.يمثل هذا صفة غريبة في السينما العالمية حاليا، حيث تتميز بضعف عاملي الإثارة والإبداع فيها. وقد يكون السبب انحدار مستوى الخيال والحس الفني لدى صناع الأفلام، على الرغم من أن التقنيات المتطورة تتيح لهم الكثير من الإمكانيات والفرص.
لماذا فيلم عن الطائرة
كان أحد أسباب نجاح الفيلم العدد الهائل من الناس الذين يخشون الطيران، بل إن توتر الأعصاب عند البعض، يبدأ فور دخولهم المطار الذي قد يسبق الرحلة بأكثر من ساعتين، حيث يزيد الانتظار في المطار من التوتر ثم الفحص الأمني والتأكد من الجوازات والإجراءات الأخرى التي تزيد من توتر المسافر. وتضاف إلى ذلك شخصية البعض المتوترة أصلا، أو تعرضهم لتجربة طيران سابقة سيئة. وقد يكون سبب الخوف من الطيران كذلك توتر عصبي سببه شيء مختلف مثل، الخوف من المرتفعات أو الأماكن المغلقة أو التجمعات أو الإصابة بالأمراض المعدية.
|
المشـاهدات 30 تاريخ الإضافـة 22/01/2025 رقم المحتوى 58384 |
الهام المدفعي.. الفنان الذي حول حزنه إلى أنغام فرح وجمال في مسرح السويد |
ملثمون يقتحمون سينما في لندن لمنع عرض فيلم عن أنديرا غاندي |
فيلم الدشاش يحتل المركز الأول في قائمة الإيرادات |
لبى طلب طفلة من ذوي الاحتياجات الخاصة لأداء مناسك العمرة وزير العمل يعلن زيادة سقف القروض لتحويل المشاريع الصغيرة إلى منتجة |
خطاب إلى أرسطو .. |