فوق المعلق تغلب الوائلي جندي مجهول ومعمار بقلب بغدادي |
كتاب الدستور |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب الدكتور صباح ناهي |
النـص : على مدى جاوز الخمسين عاما امتدت رحلة المعمار العراقي ومخطط المدن تغلب الوائلي منذ تخرجه من جامعة بغداد عام ١٩٧٤ ، فقد عمل في مجال العمارة وتخطيط المشاريع الهندسية المختلفة، فهو مصمم للكثير من المشاريع التي حازت على الجوائز ويشار اليها بالبنان حتى اليوم وتشهد له المدن والمجالات التي عمل فيها والتي يزخر فيها سجله المميز الذي اطلعت عليه في موقعه الشخصي على الانترنت كما ادهشتني متابعته المستمرة لقضايا بغداد الحضرية على صفحته في الفيسبوك ونشاطاته المتميزة الاخرى.نصف قرن من الخبرة انجز خلال نصفها الأول الكثير من المشاريع حيث نفذ وأشرف وادار ما يقرب من مئة مشروع في العمارة والتخطيط والتصميم الداخلي في دولة الامارات تراوحت ما بين المباني الحكومية والقصور والمباني العامة. الا ان همه الكبير تركز في النصف الاخير من هذه الخمسين عاما وبالتحديد بعد عودته الى العراق في عام٢٠٠٣ اذ هاله ما وجده من اوضاع مأساوية في وسط بغداد -كما ورد في تقديمه لاحد مؤلفاته- وبات منذ ذلك الحين حسب قوله يبحث عن حل ومخرج لوضع مدينة بغداد التاريخية وانكب على وضع الخطط لإعادة الاعتبار اليها والحفاظ على ما تبقى من تراثها المهدد.
اراد الوائلي ان يتوج مسيرته الهندسية والمهنية مركزا على بغداد التاريخية ملعب صباه وتاريخ شبابه ، لكنه اصطدم بالكثير من المعرقلين لتطور العاصمة وأمانتها التي يبدو انها عاجزة عن استيعاب العقول والروح العراقية المخلصة ، فزرعت في طريقه مختلف العراقيل ، سيما انه وجد البعض من اصحاب القرار في الامانة بانه يسعى للحفاظ على بغداد التاريخية ويدافع عنها بشدة وشراسة من دون ان يفسح مجالا للفاسدين ، فنالوا منه واخرجوه عن مهمته النبيلة. الا انه من المدهش انه ظل يصرخ بوجه هؤلاء المرابين ويتصارع معهم عبر المحاضرات والاعلام وعلى صفحات السوشيال ميديا ويكشف كم هي العراقيل ومعاول الهدم لبغداد التاريخية والتربح على حسابها وتشويه هويتها. احد اهم منجزات الوائلي ليست في القوة التصميمية لمشاريعه المعمارية التي اطلعت عليها في موقعه الشخصي ، والتي ادهشتني كمتلقي ومتذوق للفن المعماري ، بل في الفكر العميق الذي وجدته في كتابه (بغداد القرن الحادي والعشرين - المدينة التاريخية) الذي صدر عام ٢٠١٧ وفهمه لتاريخ وحاضر المدينة التاريخية والمشاكل والتحديات التي تواجهها ورؤيته الواضحة والجادة لمستقبلها وخطط إحيائها من جديد. لذلك اجد من الطبيعي ان يقدم لأفكاره وكتبه عمالقة العمارة وان تصبح مؤلفاته احد المصادر المهمة للطلاب والباحثين في الجامعات العراقية والأجنبية على حد سواء كما لاحظت من موقع اكاديميا المعروف. قاد هذا الجندي الباسل الكثير من المبادرات والحملات من اجل مدينة بغداد وكان احد المرشحين لجائزة مكية للتميز عام ٢٠١٩، كما حازت خططه لإحياء مركز المدينة على دعم ما يقرب من مئة من خيرة الاكاديميين والمعماريين والمهندسين على راسهم رفعت الجادرجي الأمر الذي ينبغي ان تتنبه اليه السلطات العراقية وان تغتنم الفرصة للاستفادة من مثل هذه الرؤى والخطط الجدية لهذا المعمار في تطوير العاصمة العراقية ...وحتى اليوم ومنذ اكثر من عقد من الزمان ما زال هذا المعمار ، وكانه يحفر البئر بإبرة ، يتحدث ويحاول بكل طاقته ومن دون كلل كي يدرك الجميع ان الحفاظ على تراث العاصمة وتاريخها واجب يرتقي اليه المدركين لقيمتها وعشاقها المخلصين ، لذلك اسجل لهذا المعمار العراقي المثابر إيمانه بعمله وصبره اللامحدود ومحبته وإخلاصه لبغداد ولتراثها الخالد ، |
المشـاهدات 33 تاريخ الإضافـة 29/01/2025 رقم المحتوى 58543 |