النـص : الدستور كما يحددونه هو العمود الفقري لأي دولة حديثة، فهو الإطار الذي يحدد العلاقة بين السلطة والشعب وبين المكونات المختلفة للدولة. وفي العراق، حيث التنوع القومي والطائفي، يمثل الدستور الوثيقة الأهم في تحقيق الاستقرار وضمان حقوق الجميع، لكنه أيضا كان محل خلافات وتفسيرات متعددة، خاصة فيما يتعلق بعلاقة الحكومة الاتحادية بإقليم كردستان. واليوم، في ظل قيادة رئيس الوزراء السيد محمد شياع السوداني ورئيس إقليم كردستان السيد نيجيرفان البارزاني، هناك توجه واضح نحو تعزيز الوحدة الوطنية من خلال العودة إلى الدستور أساسا للحل.فعندما أُقر الدستور العراقي عام 2005، كان الهدف منه بناء دولة ديمقراطية اتحادية تضمن حقوق كل المكونات. لكنه في الوقت نفسه ترك بعض القضايا مفتوحة، مما أدى إلى تفسيرات متباينة بين بغداد وأربيل، لا سيما في القضايا التالية:* توزيع الثروات الطبيعية، خاصة فيما يتعلق بالنفط والغاز.* صلاحيات الإقليم مقابل صلاحيات الحكومة الاتحادية.* ملف كركوك والمناطق المتنازع عليها.* آليات تنفيذ القرارات الدستورية وحسم الخلافات.وهذه التباينات خلقت أزمات سياسية واقتصادية بين الطرفين، مما جعل من الضروري العودة إلى الدستور ليس كوثيقة خلاف، بل كأداة للحل.ومنذ توليه منصبه، أدرك محمد شياع السوداني أن أي تقدم في العراق لا يمكن تحقيقه من دون استقرار العلاقة بين بغداد وأربيل. لذلك، تبنّى نهجًا يعتمد على:* الاحتكام إلى الدستور كمرجعية أساسية لحل النزاعات، بدلاً من اللجوء إلى الحلول السياسية المؤقتة.* معالجة الملفات العالقة بالحوار المباشر مع قيادة إقليم كردستان، مع التركيز على الحلول الدائمة.* إيجاد آلية واضحة لتوزيع الموارد المالية بحيث تكون عادلة لكل الأطراف وتستند إلى القانون.* دعم مشاريع المصالحة الوطنية التي تعزز روح المواطنة وتقلل من الانقسامات السياسية.أما السيد نيجيرفان البارزاني فهو برئاسته للاقليم لم يتعامل مع الأزمة بين المركز والإقليم من منظور الصراع، بل من منظور التكامل، حيث يرى أن استقرار أربيل جزء من استقرار بغداد، والعكس صحيح.حبث يصرح السيد نيجيرفان البارزاني مرارا أن العلاقة مع بغداد يجب أن تكون قائمة على الشراكة الحقيقية، وليس على المواجهة. لذلك، كان دوره معززا لدور السوداني من خلال:* التأكيد على التزام الإقليم بالدستور كأساس للعلاقة مع الحكومة الاتحادية.* الانخراط في حوار مستمر مع بغداد للوصول إلى حلول متوازنة في الملفات الخلافية.* تعزيز الاستقرار الداخلي في الإقليم لمنع أي تصعيد يؤثر على العملية السياسية الوطنية.* التعاون في القضايا الأمنية والعسكرية، خاصة في ملف محاربة الإرهاب وتنسيق العمل بين القوات الاتحادية والبيشمركة.ونيجيرفان البارزاني، بصفته شخصية استراتيجية تمتلك رؤية واقعية، يدرك أن الحلول الجذرية تتطلب تفاهمات متبادلة، وهو ما انعكس في مواقفه الداعمة للوصول إلى حلول مستدامة مع بغداد.في ظل قيادة السوداني والبارزاني، هناك تحول واضح نحو التعامل مع الدستور كخارطة طريق للحل، وليس كمصدر للخلاف. وهذا يتجلى في عدة خطوات:* الاتفاق على آلية لتطبيق المواد الدستورية المختلف عليها، بدلًا من تركها عرضة للتفسيرات السياسية.* ضمان توزيع الثروات بشكل عادل وفق ما ينص عليه الدستور، مع إيجاد حلول وسط في القضايا العالقة.* معالجة ملف المناطق المتنازع عليها من خلال الاحتكام الى المادة 140 بآليات واضحة ومتفق عليها.* تعزيز الثقة المتبادلة بين الطرفين، ما ينعكس إيجابيًا على استقرار العراق ككل.وبواقعية سياسية اقول كما يقولون أن:العلاقة بين بغداد وأربيل لم تكن يومًا سهلة، لكنها اليوم أمام فرصة تاريخية لبناء شراكة حقيقية تستند إلى الدستور، بعيدًا عن الحلول العامة. ونجاح هذه الجهود يعني أن العراق ببغداده وأربيله قادر على تجاوز خلافاته والانطلاق نحو مستقبل أكثر استقرارًا، حيث يكون القانون والدستور هما الحكم، لا المصالح الضيقة. والسيدان السوداني والبارزاني، من خلال تعاونهما المستمر، يقدمان نموذجا جديدا في إدارة الخلافات الوطنية، نموذجا يقوم على الحوار والتفاهم، لا على التصعيد والتناحر.الدستور العراقي، رغم كل التحديات، والازمات والصراعات في تفسيره وتأويله، لا يزال هو المفتاح الحقيقي للوحدة الوطنية، والمضي في تطبيقه بعدالة هو الطريق الوحيد لضمان عراق موحد وقوي كما يفعله اليوم السيدان محمد شياع السوداني ونيجيرفان البارزاني.
|