دفق الشعر وقصيدة الصورة الشاعر نصير الشيخ .. أنموذجاً |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص : وجدان عبدالعزيز كما نعرف فن الشعر جمالياً، هو اداة للتعبير عما يختلج في النفس من أحاسيس ومشاعر مُكثَّفة يجسدها الإنسان بالكلام المكتوب، ويحاول إنارة ذهنية المتلقي بما التقطه وسط ظلمة الحال، ليصير هناك معنى، بيد إنه متخفي بجلباب ذلك الجمال تكشفه ذبذبات الإيحاء، كي تلتحق بركب إيقاع زماننا السريع جدا في إيقاعات الحياة، هكذا وجدت في توقيعات الشاعر نصير الشيخ، وهي تطرز المعاني على وجنات الطرق المختلفة بانفعالية اللحظات الدائرة وعجلة الزمن، التي ما انفكت تدور مبتلعة كل بريق اللحظات، ثم تنذر بأخرى قادمة (وقد أطلق النقاد مصطلح «التوقيعة» على القصيدة التي تبدو كالوميض، أو البرق الخاطف، وعلى الصورة الشعرية ذات الإشعاع القوي حين تتولد منها إثارة مفاجئة في اللاشعور، إنها تُلتقط في لحظة انبهار ضوئي يكشف جزئيات، وحساسيات ذهنية في غاية الحدة، قد تكون ناقدة، أو ساخرة تهكمية)، يقول الشاعر الشيخ في قصيدة (ماتيسرَمن قطافكِ ) : (ــ ولأن المساءَ يهجرُ نسيمهُ أغلقتُ على روحي البابَ، وتركتُ المفتاح في أصصِ الانتظار) وهنا قد اسمي التلاعب اللغوي وانسبه لأي إنسان يمتلك تلك القدرة، ولا ادري اني التقي الناقد تشومسكي، الذي اعتمد في تأسيس نظريته اللغوية المعتمدة على ان اللغة أفضل مرآة، تعكس بصورة دقيقة وأمينة آليات التفكير في عقل الإنسان، وهذه نقطة التلاقي بين علم النفس وعلم اللغة، وبناء عليها ذهب بعض اللغويين إلى أن علم اللغة أهم مجال علمي، يكشف عن إنسانية الإنسان، والحقيقة الناصعة التي قد تظهر جلية ان الكلمات اللغوية عند الاختبار، تظهر انها كلمات تحمل كمية من الشعرية، وتبرز احتمالية المعنى، ولهذا لانكتفي بالتحليل اللغوي بعيدا عن الشاعر، وهنا نلتقي مرة أخرى بالناقد تشومسكي والنظرية التوليدية التحويلية، في الحذف والإضافة كما في قول الشاعر نصير الشيخ من قصيدة (ماتيسرَمن قطافكِ): (ــ ولأن القصيدة قصت شعرها الطويل أنزويتُ بركنِ القراءةِ، أرقبُ نافذةً تتسلقُ اليها سنابلَ الحروف) ونرقب متأملين فترات الكلام والسكوت عند الشاعر الشيخ، وهو يرقب نافذة تتسلق اليها الحروف في مسيرة الائتلاف والتناسق، لتقول شيئا كنا نتوقعه في قراءتنا لقصائده، وليس لقصيدة واحدة، فهناك عدد غير قليل من قصائده أخذت منحى التوقيعة الشعرية، التي تميزت بالإيحاءات الكثيرة مع الاختصار والكثير من الحذف، مواكبا سرعة إيقاع الحياة في زمن المعلوماتية، ووجدت ان جمله تسير على خطى المستوى السطحي الظاهر والبنية العميقة المعنية بالدلالة، وهنا ممكن توليد منها عدة جمل تحمل اكثر من معنى محتمل الوجود، يقول الشاعر الشيخ في قصيدة (لذائذُ الورد): ( 1 أيتها اللذة أسحبي بساطك من عروقي. 2 أيتها الحكمة.. امنحينا خيمة ً وسط صحـــراءِ السؤال..؟ 3 أيتها المرأة خففي من وطئ يديك كي أهش الحلم. 4 أيتها الطبيعة.. أكل ّ هذا الجمالُ من صنعِ يديكِ حتى قســــــــــوة قلبـــــها..!!) وحين حاول الشاعر سحب بساط اللذة من أعماقه، وجد نفسه يتوسل الحكمة، كي تمنحه القدرة في مواجهة السؤال، ولاشك فأسئلة الحياة كثيرة، وهذه التوقيعات الشعرية تبدو أنها مفككة، إلا أنها تحمل الكثير من التوافقات بقولها أشياء، ثم الإحجام عن أخرى محذوفة في الوجود المادي للكلمات، إلا انها موجودة في التئام المعنى في ذهن الشاعر، حُذفت لتواكب رشاقة الكلام في إيصال المعنى، وهذا الأمر جعل من القصيدة القصيرة الانتقال من المباشرة الى الإيحاء، أي انها تصبح قصيدة قراءة ضمن جوها الخاص، قد لاتُفهم حين قراءتها من على منبر خطابي، وعلّة كتابتها جاءت لضغوط نفسية اجترحت رسمها بهكذا صورة من صور البلاغة، حتى ان هذا النوع من الشعر، عُدّ احد مراحل التجديد في الشعر. |
المشـاهدات 44 تاريخ الإضافـة 02/02/2025 رقم المحتوى 58700 |