الأحد 2025/2/2 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 19.95 مئويـة
نيوز بار
المسرحي السوري فرحان بلبل يغرد خارج سرب الحياة!
المسرحي السوري فرحان بلبل يغرد خارج سرب الحياة!
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

 

د. حيدر علي الاسدي

ناقد واكاديمي

 

 

ودعنا قبل ساعات الكاتب والناقد المسرحي السوري (فرحان بلبل) احد اهم المشتغلين بحقل المسرح طيلة السنوات الأخيرة واحد أعمدة المسرح السوري وهو المثقف الشامل والمسرحي المتنوع الذي توزعت جهوده بين التأليف والاقتباس والاعداد وبين المرجعيات التاريخية والتراثية والمعاصرة الفنية والتجديد بين خطاب المسرح العام ونسق المسرح المقدم للأطفال في بعض الأحيان، بين النقد والتأليف والتدريس والتنظير والتدريب في مجال التمثيل والالقاء كل هذه الجهود تمثلت في شخصية فرحان بلبل الذي يعد فقدانه فقدان احد اهم ركائز المسرح العربي في القرن الحالي ، غادرنا بعد ان ترك اثاره الجمالية والتربوية كارث فني حاضر في تاريخ المسرح العربي وهو المهموم (بالمسرح العمالي) وفلسفته وهو المؤسس لفرقة المسرح العمالي سنة 1973 في حمص، ولمن لا يعرف بلبل فهو خريج قسم اللغة العربية من جامعة دمشق سنة 1960 وعمل بمجال تخصصه كمدرس للغة العربية وبدء العمل بالمسرح سنة 1968 وكان عمله في مجال التدريس ليس في المعهد وحسب بل في المدارس أيضا كان مدرساً لمادة اللغة لعربية ويتذكره جيداً من درس عنده في تلك الحقبة واسلوبه الجميل في التعاطي مع منهج ومفردات مادة اللغة العربية، وهو احد اهم المساهمين بإنجاز الفرقة المهمة المسماة (التجوال المسرحي) التي قدمت عروضها ضمن اتجاه نسق المسرح العمالي في المدن والارياف واغلب التجمعات العمالية على غرار ما يقدمه اوغست بوال في (مسرح المقهورين) والتوجه الى الطبقات البروليتارية المسحوقة من المجتمع فقد كان بالفعل فرحان بلبل مهموماً بالمسحوقين من أبناء هذه الطبقة التي حاول ان يرتقي فيها من خلال المسرح ورسائله التوعوية والتحريضية ، اسهم الراحل بتقديم اكثر من 44 مسرحية كنصوص مؤلفة واكثر من 15 كتاباً في حقل النقد المسرحي وترجمت له بعض المسرحيات الى اللغات الأخرى واخرها ترجمة 3 من اعماله المسرحية الى اللغة الألمانية ، وتجدون اغلب نصوصه المسرحية بمجموعته الكاملة الصادرة سنة 2001 والتي ضمت خمس مجلدات والتي تميز جهده المسرحي لأكثر من ثلاثين عاماً ، من ينسى كتابه المهم (النص المسرحي بين  الكلمة والفعل) والذي تعلمنه منه الكثير ونحن في بدايات حياتنا المسرحية والنقدية في مراحل الدراسة الأولية في الجامعة ، ومن ينسى مسرحياته (الممثلون يتراشقون الحجارة) (العشاق لا يفشلون) (الجدران القرمزية) (القرى) ( الجدران القرمزية) ( العيون ذات الاتساع الضيق) وغيرها ، وربما يغيب عن البعض ان هذا الرجل كان قد قدم بعض النتاجات المسرحية المهمة للأطفال ومنها مسرحية ( حارس الغابة ، البئر المهجورة، الصندوق الأخضر، الجزيرة الخضراء) وقد صدرت عن اتحاد الكتاب العرب في دمشق سنة 1983 ، ومن تنوع الاداء الجمالي والتأليفي لدى فرحان بلبل فانه تميز بغزارة تنوع الاتجاهات المسرحية بحيث كتب المسرحيات الطويلة وكتب مسرحيات الفصل الواحد وكتب المسرح للكبار والاطفال وكذلك اعد واعتمد على مختلف المرجعيات التراثية والتاريخية وفي الوقت ذاته قدم رؤى معاصرة تجديدية وتجريبية بعض الايام للمسرح الذي يحاكي الواقع اليومي ، وكان مهموماً بتطويع لغة مسرحية مفهومة للمتلقي تمثل لغة تواصل واضحة وراسخة مع الانسان العربي. كما ان اغلب ابطاله في المسرحيات يعزفون على اوتار الواقعية الاشتراكية وذلك انطلاقاً من الهم الطبقي لتقديم بطل عمالي يتفاعل معه الجمهور العربي أي استناداً الى الوظيفة الاجتماعية لمسرحه.

ولا انسى جهوده في مجال الإخراج المسرحي فهو كما قلنا موسوعي مسرحي ومثقف شامل قدم العديد من الجهود الفنية في مختلف الاتجاهات المسرحية وهو ما ميزه على اقرانه من المشتغلين بحقل المسرح، لذا سيشكل رحيله نقطة فارقة في تاريخ الحركة المسرحية السورية والعربية على وجه التحديد فقد غادر الحياة وخلف وراءه العديد من النتاجات المسرحية التي ستكون الإرث الحقيقي للأجيال القادمة التي تتلمذت على يدي هذا المسرحي الكبير بالعطاء والنتاج الفكري والجمالي ، فله كل الخلود والشموخ والركوز في ذاكرتنا العربية.

 

المشـاهدات 29   تاريخ الإضافـة 02/02/2025   رقم المحتوى 58702
أضف تقييـم