النـص : وداد فرحان - سيدني
"سفر التكوين" قصيدة تجسّدت على خشبة المسرح بنبض الفن وروح الإبداع. بعد رحلة طويلة من التدريبات وجهود كبيرة وبروح مفعمة بالشغف والعطاء والتحدي، أبدع فريق العمل الفني في مؤسسة أسفار في تقديم تجربة مسرحية قلّ نظيرها، حيث انصهرت الكلمة مع الحركة، والشعر مع الدراما على مسرح School of Art في مدينة Fairfield.. قدمت مؤسسة أسفار للثقافة والفنون في سيدني بإشراف الشاعر حيدر كريم وتنظيم الهيئة الإدارية، تألق المخرج الفنان عباس الحربي الذي ابهر جمهوره ومحبيه بتقنية العمل الفني وبأداء الممثليين المتطوعين وبإمكانيات مادية ومعنوية محدودة ليصنع الحربي من الحروف لوحات تنبض بالحياة، ومن المشاهد صدىً يتردد في اعماق الحضور والأمكنة، إذ امتدت أنفاس القصيدة على المسرح كقافلة لا تتوقف تترجمها حركات درامية متزنة وألوان ثرية متجانسة.قصيدة "سِفر التكوين" للشاعر الراحل عبدالرزاق عبدالواحد تحولت إلى مشهد بصري، حيث امتزج الأداء الصوتي الدقيق مع أزياء مستوحاة من الموروث الثقافي ، فأصبح العمل سيمفونية متكاملة، تتحدث لغة الإحساس العميق لتتلاشى الفواصل بين الحاضر والماضي وتصطفّ المشاعر وتصفق الأكف احترامًا لكل من أبدع في هذا العمل الاستثنائي الذي شهد ظهوراً لافتاً لفرقة فنية سطع نجمها وتألق فنانوها في الظهور على خشبة المسرح في تظاهرة مسرحة القصيدة الشعرية.والجدير بالذكر ان مؤسسة أسفار بكادرها الإداري كرمت كل من شارك في هذا العمل وكل الايادي التي وضعت بصمة المثابرة على العطاء من خلف الكواليس، حيث شكر ورحب الشاعر حيدر كريم بالحضور العراقي والعربي الذي جمع الكثير من محبي الفن المسرحي وعدد كبير من الفنانين والإعلاميين والمثقفين من الأدباء والكتاب والشعراء والنقاد.أبدع الفنان عباس الحربي بمسرحة قصيدة سفر التكوين ونجح في تحويل القوافي إلى نبض حيّ، ينقل من خلاله رسالة إنسانية تتناول الصراع الأزلي بين الخير والشر والقيم الاخلاقية وعظمة أرض الرَّافدين منذ أنْ لاحَ للتَّاريخ فجراً.. إنها بصمة لا تُمحى من ذاكرة المسرح المغترب حيث يولد الإبداع من الكلمة ليعيش إلى الأبد.
|