المسرح الكويتي يتألق بـ((غصة عبور)) في مهرجان المسرح العربي الخامس عشر بمسقط |
مسرح |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص :
طاهر الزهيري ضمن فعاليات الدورة الخامسة عشرة من مهرجان المسرح العربي، الذي احتضنته العاصمة العمانية مسقط، قدم المسرح الكويتي عرضه المسرحي المميز “غصة عبور”. العرض لم يكن مجرد تجربة مسرحية عابرة، بل كان رحلة إنسانية عميقة تحمل في طياتها إسقاطات اجتماعية وسياسية وفلسفية تمس قضايا الإنسان المعاصر وتكشف هشاشة العلاقات الإنسانية أمام ضغوط البقاء والنجاة. هشاشة العبور والبقاء تدور أحداث المسرحية حول مجموعة من الأشخاص العالقين على جسر مشاة يربط بين منفذين حدوديين.. يتضح تدريجياً أن الجسر هش للغاية، مما يفرض على الشخصيات خياراً مصيرياً بالتضحية بأحدهم لتخفيف الحمل عن الجسر للبقاء بأمان.القصة تحمل في طياتها إسقاطات قوية على واقع الإنسانية اليوم.. الجسر الذي يربط بين منفذين يمثل رمزية واضحة للعوائق التي تفصل بين البشر والدول، سواء كانت حدوداً جغرافية، اجتماعية، أو نفسية.. هشاشة الجسر تعكس هشاشة القيم الإنسانية أمام ضغوط المصالح الشخصية والخوف من المجهول أما التضحية، فهي تساؤل فلسفي عن قيمة الفرد مقابل الجماعة، وعن مفهوم العدالة في لحظات الأزمة. كوميديا سوداء بلمسة إنسانية تميز العرض بمزجه بين الجد والهزل، بين الضحك والبكاء، وبين الكوميديا والمأساة. كان هذا المزيج أحد أبرز نقاط القوة التي جعلت العمل قريباً من الجمهور، حيث استطاع أن يلتقط مشاعرهم ويضعهم في مواجهة تساؤلات مصيرية دون أن يُثقل عليهم.. الضحك كان وسيلة لتخفيف حدة المأساة، لكنه في الوقت نفسه ترك أثراً عميقاً يشبه الغصة التي يحملها العنوان. ديكور متحرك وإخراج مبدع كان الديكور المتحرك أحد أبرز عناصر العرض بتصميمه المعبر، استطاع أن يعكس أجواء الجسر بطريقة بصرية ذكية، حيث كان يتحرك ويتفكك ويتغير مع الأحداث، وكأنه يعبر عن حالة الشخصيات النفسية والضغط الذي يعيشونه.. الديكور لم يكن مجرد خلفية أو ديكور جامد صامت، بل كان عنصرا حياً يتناغم مع الإضاءة والموسيقى والأداء لخلق تجربة مسرحية متكاملة.الإخراج كان بارعاً في استغلال المساحة المسرحية.. الحركات المدروسة، تسلسل الأحداث، وإيقاع العرض جعلوا الجمهور يعيش اللحظة وكأنه أحد الشخصيات العالقة على الجسر.حضور قوي للكويت وتأثير واضح على الجمهور.. لم يكن العرض مجرد تجربة فنية، بل كان شهادة على قوة المسرح الكويتي وقدرته على المنافسة في المحافل العربية.. تفاعل الجمهور كان واضحاً من خلال الضحكات المتواصلة والتصفيق الحار الذي رافق العرض من البداية وحتى النهاية.“غصة عبور” ليس مجرد مسرحية، بل مرآة تعكس واقعنا المعاصر، حيث الجسور التي تربط بيننا كبشر أصبحت أكثر هشاشة، والتضحية باتت مطلباً للبقاء.إنها دعوة للتأمل في قيمنا الإنسانية ومواقفنا أمام الأزمات وأمام قضية الأمة، وإشارة إلى أن النجاة ليست دائماً حتمية، لكنها دائماً قرار يحمل في طياته عبئاً أخلاقياً عظيماً.بهذا العرض، أثبت المسرح الكويتي أن الفن المسرحي لا يزال قادراً على التغلغل في عمق القضايا الإنسانية وتقديم رسائل تتجاوز حدود الزمان والمكان.“غصة عبور” ليست فقط تجربة فنية ناجحة، بل عمل سيظل محفوراً في ذاكرة مهرجان المسرح العربي كواحد من أبرز العروض التي جمعت بين البساطة والعمق، وبين الضحك والغصة. |
المشـاهدات 24 تاريخ الإضافـة 03/02/2025 رقم المحتوى 58783 |