الأحد 2025/6/1 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 40.95 مئويـة
نيوز بار
بين مشاركتين: الآفاق الاستراتيجية للعراق وعلاقاته الخارجية
بين مشاركتين: الآفاق الاستراتيجية للعراق وعلاقاته الخارجية
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د هوشيار مظفر علي
النـص :

لطالما كان العراق محورًا جيوسياسيًا في الشرق الأوسط، وفي السنوات الأخيرة، بعد انتصاره على الارهاب واستقراره بدأ العراق في إعادة تعريف موقعه في النظام الدولي بعلاقاته الخارجية عبر مشاركة أكثر فاعلية في المنتديات العالمية.ومؤتمر ميونخ للأمن، باعتباره واحدًا من أهم المنصات العالمية لمناقشة القضايا الاستراتيجية، شهد في عامي 2024 و2025 حضورًا بارزًا للعراق عبر مستويين سياسيين مختلفين: رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عام 2024، ورئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني المشارك الاهم في مؤتمر عام 2025. هاتان المشاركتان لم تكونا مجرد تحركات دبلوماسية روتينية، بل حملتا دلالات استراتيجية تؤكد أن العراق بات أكثر وعيًا بأهمية انخراطه في السياسة الدولية، وأكثر إدراكًا لضرورة تحقيق توازن بين مصالحه الداخلية والخارجية. وان الوحدة الوطنية مستقرة كل الاستقرار.

 

أهمية مؤتمر ميونخ للعراق: ما وراء الدبلوماسية التقليدية

 

يعد مؤتمر ميونخ للأمن ساحة رئيسية لصياغة توجهات السياسة الدولية، حيث يلتقي القادة لمناقشة التحديات الأمنية والتحالفات السياسية. تاريخيًا، كان تمثيل العراق في هذه المؤتمرات خجولًا أو محدودًا، لكن حضور رئيس الوزراء العراقي في 2024، يليه حضور رئيس إقليم كوردستان اليوم في مؤتمر هذا العام ، يعكس نهجًا جديدًا في السياسة الخارجية العراقية يقوم على تعدد المستويات التمثيلية وتعزيز الأدوار الدبلوماسية لكافة مكونات الدولة.ويثبت توحد الرئاسات العراقية.هذه المشاركات لا تعني فقط السعي للحصول على دعم أمني واقتصادي، وإنما تعكس رغبة العراق في تقديم نفسه كشريك استراتيجي في القضايا الإقليمية والدولية. كما أنها تعزز صورته كدولة تتجاوز أزماتها الداخلية نحو دور أكثر فاعلية في النظام الدولي.ان مشاركة السيد نيجيرفان البارزاني في 2025 بعد مشاركة السيد محمد شياع السوداني في 2024 تعطي انطباعًا جديدا كل الجدة: العراق لم يعد دولة تدار بسياسات أحادية، بل أصبح لديه مقاربة أكثر تعددية في تمثيله الخارجي، الأمر الذي هو بالتأكيد سيكون مؤشرًا على اتحاد سياسي يسمح بتوظيف التعددية الداخلية لصالح تعزيز مكانة العراق دوليًا وسط منظومة علاقات العراق الخارجية التي يديرها رئيس الوزراء بحنكة ويعززها السيد رئيس الاقليم نيجيرفان البارزاني.

 

المكاسب الاستراتيجية: كيف يستفيد العراق من هذه المشاركات؟

 

هناك ثلاث مكاسب رئيسية يمكن للعراق تحقيقها من خلال هذه المشاركات  أمس واليوم في مؤتمر ميونخ للأمن:

1- تعزيز الشراكات الأمنية

 

* لا يزال العراق يواجه تهديدات أمنية داخلية وخارجية، أبرزها عودة ملحوظة لنشاط تنظيم داعش، والأزمات  في سوريا بعد سقوط الاسد وتداعيات الصراعات الإقليمية.

 

* لقاءات رئيس الوزراء العراقي مع قادة دوليين في ميونخ 2024 ركزت على ضمان استمرار الدعم الأمني، بينما مشاركة السيد نيجيرفان البارزاني في 2025 يمكن أن تكون فرصة لجذب دعم إضافي للعراق بمركزه واقليمه، وطرح رؤية عراقية للأمن الإقليمي.ومعروف انه له رؤية استراتيجية  توحدية في الوحدة العراقية.

 

2- إعادة التموضع الجيوسياسي

 

* العراق يسير على خط دقيق بين القوى الإقليمية والدولية، مما يشكل استراتيجيته لتقديم رؤيته للعالم في مؤتمر مثل مؤتمر ميونخ للسلام.

 

* التواجد في ميونخ يتيح للعراق مساحة للتحرك بمرونة أكبر، وتقديم نفسه كطرف قادر على لعب دور الوسيط بدلًا من كونه كما يتخيل اعداؤه ساحة للصراع.

 

3- تحقيق التوازن الداخلي

 

* المشاركة المزدوجة لبغداد وأربيل تُرسل رسالة للعالم بأن العراق ليس دولة منقسمة، بل دولة ذات تعددية سياسية تستطيع العمل في إطار تكاملي.في علاقاتها الداخلية والخارجية.

 

* هذه المشاركات يمكن أن تعزز التعاون الداخلي بين المكونات العراقية، بحيث يتم توحيد الجهود لبناء علاقات خارجية متكاملة.

 

 

التحديات المستقبلية: ما الذي يجب أن يفعله العراق بعد ميونخ؟

 

المشاركة في المؤتمرات الدولية ليست غاية في حد ذاتها، بل وسيلة لتحقيق مكاسب عملية. ولضمان تحقيق نتائج ملموسة من هاتين المشاركتين، هناك ثلاث خطوات رئيسية يجب أن يعمل العراق عليها:

 

1- تحويل اللقاءات السياسية إلى اتفاقيات تنفيذية

 

* يجب أن تتبع هذه المشاركات خطوات عملية مثل توقيع اتفاقيات أمنية واقتصادية، مثلما اكد السيد السوداني العام الماضي وسيؤكده السيد نيجيرفان اليوم.

 

2- إدارة العلاقة بين بغداد وأربيل بمرونة أكبر

 

* هذه الثنائية مما  يسمح للعراق بأن يتحدث بصوت موحد، حتى مع تعدد ممثليه.

 

3- تعزيز الحضور العراقي في الفضاءات الدولية الأخرى

 

* على العراق ألا يكتفي بالمشاركة في ميونخ، بل يجب أن يكون له دور أكبر في عمل مؤسسات مثل الأمم المتحدة، ومنظمات التعاون الإقليمي مثل الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.

 

 

نحو عراق أكثر انخراطًا في العالم

 

بين مشاركتي 2024 و2025، هناك رسالة واضحة مفادها أن العراق لم يعد مجرد متلقٍ للقرارات الدولية، بل أصبح طرفًا يسعى للمشاركة في صياغة هذه القرارات. هذه الاستراتيجية، إذا ما تم البناء عليها ، قد تفتح أمام العراق آفاقًا جديدة تعزز مكانته الدولية، وتدعم استقراره الداخلي، وتعزز منظومة علاقاته الخارجية، وتجعله أكثر قدرة على تحقيق توازن دقيق بين تحدياته الداخلية وطموحاته الخارجية.

المشـاهدات 191   تاريخ الإضافـة 11/02/2025   رقم المحتوى 59129
أضف تقييـم