حينما تسمع اثنين يتحدّثان عن نادي الميناء ــ سواء الرياضي أو الاجتماعي ــ يتبادر إلى ذهنك نادي ( البورت كلوب ) لما له من تأريخ عريق في أذهان البصريين وليس المعقليين فحسب ، إذ كانت تقام فيه الاحتفالات والمسابقات واستضافة الفنانين العرب والعراقيين ، كما يستضاف فيه الساسة والمسؤولون  أيضاً ، أتذكّر حينما أردت أن أقيم احتفالية زفاف لابني الأكبر عام 2010 اخترت مكانها نادي البورت فكانت حفلة رائعة ظلت في ذاكرة العريسين وكذلك مَنْ حضرها الأهل والأصدقاء !!

نادي الميناء الاجتماعي أو ما يطلق عليه عند العامة بنادي البورت وهي كلمة انكليزية طبعا،تأسس مع تأسيس ميناء المعقل في ثلاثينيات القرن المنصرم ليكون محطة استراحة واستجمام لمسؤولي الميناء وعوائلهم آنذاك بالإضافة إلى الموظفين الكبار وعلى غرار النوادي الانكليزية في التصميم والبناء ، اشتمل على حدائق غنّاء تفوح منها أزكى الروائح العبقة وتزهو بأنواع الأزهار والورود والحشائش ،كما اشتمل على قاعات منها للاستراحة وقضاء السهرات والاحتفالات والمؤتمرات ومنها للعب البولنك والمنضدة والبليارد وما إلى ذلك ، كما اشتمل على مسبح صيفي وسينما ومسرح بالإضافة إلى العاب للأطفال ومراجيح وغيرها !!

عقدت فيه مؤتمرات كثيرة وجلسات واستضافات لرجال فن وفكر وسياسة وما شابه ذلك ، وغنّى فيه كبار المطربين العرب والعراقيين أمثال عبد الحليم حافظ وفائزة احمد وكارم محمود وناظم الغزالي ويوسف وعمر وغيرهم الكثير ، كما جرت فيه سباقات للبولنك والبليارد وكرة المنضدة والريشة وغيرها ، وكانت تؤمه عائلات مسؤولي الموانئ والموظفين الكبار لقضاء سهرات اجتماعية والاستماع إلى الموسيقى وممارسة الألعاب والمسابقات المختلفة ، وقد جرت فيه مسابقات في السباحة ومنه انطلقت سباقات الزوارق والتجذيف وغيرها !!

ظل زمناً يمارس هذا الدور الترويحي إلى أن تقلّبت به الأهواء ودارت عليه الدوائر وأخذت الحروب والإهمال منه مأخذاً فدبّت سوسة الخراب بين أركانه ليتقوّض شيئاً فشيئاً ويأفل نجمه بعد أن قلّ الاهتمام به لانشغال الناس في أمور كثيرة مختلفة المشارب والدروب !!

اليوم ارتأيت أن اكتب عنه بعدما طرقت مسامعي أن هناك مساعٍ حثيثة من قبل الإدارة العليا للموانئ بإعادة اعماره وتهيئته ليكون مكانا للاستراحة الحقيقية ولمِّ الشمل وأن يأخذ دوره في احتضان المؤتمرات والندوات وما إلى ذلك من أمور تصب في خدمة الناس !!

البنى التحتية لكل مفصل من مفاصل الحياة مهمة وضرورية جداً ، ولن ينجح أيُّ عمل بلا بنى تحتية ، لهذا احيّي هذه المبادرة وأقول لمن سعى في إعادة الدور الريادي لنادٍ اجتماعي عريق شكراً على هذه الالتفاتة الرائعة التي تعيد للأذهان مدى الاهتمام الكبير بكل ما يعزز دور الإنسان في العمل والنتاج وتقديم الخير في كل مجالات الحياة ، سواء كان موظفا أو عاملا أو فلاحا أو من أي فئة اجتماعية أخرى !!

نادي البورت صار نقطة فارقة في أذهان البصريين كلما تحدثوا عن أيامهم الجميلة وإعادة الحياة إليه وبكل مرافقه المتعارف عليها من قاعات العاب ومسبح وحدائق وفتح أبوابه لمرتاديه سواء كانوا منتسبين للموانئ وغيرها لإقامة احتفالات زفاف أبنائهم تعتبر خطوة رائعة ترفع لها القبعات احتراما ، اشدّ على أيدي القائمين على ذلك وأتمنى أن تعبق ورود ملكة الليل والجوري وتغرّد العصافير بين أفيائه كما أتمنى أن نسمع دقات ساعة المعقل لتوقظنا عند الفجر أيضا