النـص : لم تكن حياة المثقف الكبير ارشد توفيق حياة اعتيادية عابرة، في تاريخ الثقافة والسياسة والدبلوماسية العراقية، فهو لون متنوع يجمع الكثير من الخصال المعرفيةوالثقافية، فهو شاعرا وكاتبا وأديبا واعلاميا بارزا ، من جيل ذهبي واكب احداث وتحولات كبرى في وطنه الأم العراق، منذ ولادته في دهوك وترعرعه في الموصل الحدباء ، دراسة وتمرسه ، حتى قدومه للعاصمة بغداد ، ليخوض في رحلته العراقية و العربية والدولية سفيرا ودبلوماسيا لبلاده كان صديقا حميما لكاسترو ، يأتيه لبيته ، ليأكل من المطبخ العراقي الدولمه والمسكوف العراقي ، وقرب العراق لكوبا ، حتى مغادرته الاستثنائية مطلع التسعينيات ، حين ادرك ان غزو بلاد عربية اخرى تهلكة للبلاد والعباد ، وان من الحماقة السياسة ان تسن قاعدة وتخرج عليها ، وموقفه الناقد ، كلفه الكثير من حياته وعبر مسيرته من ااموالاة للحكم إلى المعارضة ليكون افخم معارض للنظام السابق ، لما يمثله من ثقل معرفي وثقافي إن لم نقل سياسي ، لكنه اختار حريته على عقيدته التي ثلمها النظام السياسي وتفرج رفاقه على المأساة دون موقف ،ظل واقفا ً وهو ينشد حريته وتوقه ليقول كلمة ويدافع عنها ، جمعتني وإياه قمة بغداد 2011 حين قدمنا من دبي لبغداد وهو من ابو ظبي يوم عاد لمهته سفيرا للعراق في دولة الامارات العربية ، اضطررنا معا ان نكون لايام المؤتمر وقبلها سوية، اضطرارا ً لعدم وجود ما يكفي من الأصدقاء والمعارف ، ووجودنا في فندق الرشيد ايام ليل ونهار في رحلة اكتشاف للآخر ، كان الاستاذ ارشد صريحا شجاعا ً للبوح لي عما تعرض له كي يترك عمله كسفير ويستقيل كي يدافع عن رأيه غير المسموح له ان يقوله وهو الكاتب والمثقف الذي لايبالي ، وكذلك رحلة الملاحقة التي تعرض لها وصمد، كي يكون حرا ً ،،الحوار معه عن اشخاص ومواقف كثيرة وجدت فيه مثقفا عميقا ً ساخرا من بعض الاحداث والادعاءات لأشخاص ركبوا الامواج وتشقلبوا في السلطة سابقا و لاحقاً ، استكملتها أحاديثنا في الرياض حيث دعينا لمؤتمر الجنادرية دونما موعد ، وكان الاستاذ ارشد علامة عراقية بارزة في احتضان الوفد العراقي وابراز مكانته ،،وتسهيل مهمة الذهاب للعمرة ، حيث تولى عنا الموافقات الأصولية ، بدماثة خلق ومودة ، ثم التقيته في القاهرة حين كان مديرا لقناة البغدادية ، ازعم ان ارشد توفيق شخصية مختلفة عن الجميع لكنه مقتدر في التمايز في معرفة الناس وحجومهم النوعية وتاريخهم ، فلا مزايد بوجوده ولا مدعي في حضرته ، يعرف الناس بمعرفة ومودة كبيرة جعلتنا جميعا ً نقدر قيمته كمثقف نوعي يستحق الرثاء الطويل والمواساة لاسرته وإخوته الكرام امجد وأكرم ولكل افراد اسرته الكريمة،،لتقر عيون اسرته بتاريخ رجل وليس ككل الرجال ..رحل عن الدنيا سريعا وتوفى في لندن ، دون ضجيج كما كان بلطفه ودماثته مع الآخرين .
|