ماجد قاسم

جاءت مجموعةُ قصصٍ قصيرةٍ للقاص حسن الظفيري تضم (19) قصة محمّلة بالحكاياتِ الجميلة ، وعبقِ الماضي ،  اما الحاضر فهو مجهولٌ وسطَ خِضمِّ التغيّراتِ والصراعات الكونية ، الحكاياتُ تشكّلُ العددَ الأكبر التي تمتاز بأنّ الراوي هو البطل ، كتبها بلغةٍ سلسةٍ بسيطة تتضمنُ بعضَ المفراداتِ من لغةَ الشارعِ او المتداولة ، تحملُ مواضيعَ وصورَ واضحةَ المعالم كصورةٍ وشكل ، كما في احدى قصصِهِ " طرْد " كان يعيشُ في سوريا يصوّرُ الأشياءَ والطبيعةَ المتناهية المواصفات مثل سقسقةِ العصافير وتساقطِ الماء ، يبدو مشهداً رومانسياً وجنةً من جنانِ الله في السماء ، انه ريفُ دمشق ، نقله من هذا المنظر البديع الى سحرِ ابي الخصيب، المدينةُ الغافيةُ على جرفِ شط العرب ، كلُ الأشياءِ لم تملأْ عينييه ، بكلمةٍ واحدة ونظرةٍ واحدة دفعتْهُ الى لملمةِ حقائبهِ والعودةِ محمّلاً بشوقٍ كبيرٍ الى مدينتهِ التي فقدَها ليست بالفترة الطويلة ، العراقيُّ مهما طالت به الغربةُ لابدَّ ان يحنَّ الى وطنهِ مهما كان قاسيا عليه ، وتبقى التساؤلاتُ مفتوحةً امام القارىء .  

  اما قصة "القرار" والتي تتحدث عن غزو العراق ، يأتي  ادلّاءُ عراقيون مع القوات ، هذا العراقيُّ يلتقي في ساحةِ ام البروم التي تكتظُّ بالناس ، ويدورُ حديث بينه وبين صباغي الأحذية الذين اثار فضولَهم لكونهِ غريب في ملابسهِ الملونة والمزركشة ويحملُ على صدرهِ العاري سلسلةً ذهبية ويعلكُ علكاً كأنه من الشواذ جنسياً بمشيتِه (المتميعة ) ، ومن الاحاديث ( مغترباً لمدة 15 خمسة عشر سنة ويمتلك الجنسية الامريكية ، جاء مع قوات التحالف مرشداً ) حديثٌ ربما طويلٌ لكن يوجد لديهم أسئلة لم يسألوها لكونهِ اشبهَ بالضيف منها ، لماذا يعمل معهم  دليلاً على بلده هل هذه خيانة بغض النظر عن الحكومة السابقة او هذه شجاعة منه لاسقاط الدكتاتور ، واسئلة أخرى بقيت في صدورهم .

كما يعود بنا وبالذاكرة الى اماكن مثل ابي الخصيب ومقهى السباع وجسر الحطّابين الذي يقع على نهر العشار بالقرب من شارع المقاولين ، هذه الذاكرة غير موجودة حاليا او على اقل تقدير هذا الجيل ، ان معرفة الماضي من خلال هذه القصص والحكايات له وقع كبير على المتلقي ، الماضي هو مرجع بعض الأشياء وتفقّدها ولا يمكن ان تدفن في الأرض .                                                                                         ان المقاييس العامة في دائرة النقد  الادبي هو الكشف عن مكامن القوة والضعف او الجمال وفي اللاوعي اصفق اهم عامل وجدته عند الكاتب حسن الظفيري ، وطنياً ومليء بحبه للعراق وارضه لكونه سافر الى عدة دول ومنها أمريكا لكنه رفض البقاء خارج الوطن .