الإثنين 2025/3/10 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
غائم
بغداد 17.95 مئويـة
نيوز بار
العراقيون.. الكرم بدمهم والضيافة من طبعهم
العراقيون.. الكرم بدمهم والضيافة من طبعهم
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب وفاء الفتلاوي
النـص :

يعد العراق واحدا من أقدم الحضارات في العالم، حيث نشأت فيه العديد من الثقافات والديانات التي أثرت في عادات وتقاليد شعبه، اذ يشتهر العراقيون بتنوعهم الثقافي والعرقي، مما ينعكس على طابع حياتهم اليومية، إذ تتداخل عادات وتقاليد مختلفة تؤكد الأصالة وتبرز في الوقت نفسه مرونة هذا المجتمع في التكيف مع التحديات الجديدة. هذا التنوع الثقافي والاجتماعي يشكل ملامح الهوية العراقية، ويجعل منها نموذجا فريداً للتعايش بين الماضي والحاضر..تعتبر العائلة في العراق العمود الفقري للمجتمع، ولها دور كبير في تشكيل الحياة الاجتماعية والنفسية للفرد. العائلة الممتدة هي النموذج السائد، حيث يعيش العديد من أفراد الأسرة تحت سقف واحد أو بالقرب من بعضهم البعض. تعكس هذه الظاهرة تماسك المجتمع العراقي، حيث يعد الترابط العائلي من أهم القيم التي يحرص عليها العراقيون. العادات الاجتماعية التي تُمارس في التجمعات العائلية تشير إلى احترام كبير للكبار ورعاية للصغار، وتظهر فيها مظاهر التكافل الاجتماعي.من العادات المتوارثة، تحظى المناسبات العائلية باهتمام كبير، مثل الأعراس، والمناسبات الدينية، واجتماعات العائلة التقليدية. يتجمع أفراد العائلة بشكل دوري لتبادل الأخبار ومشاركة اللحظات السعيدة، ما يعزز التلاحم الاجتماعي.الضيافة تعتبر من أبرز السمات التي يعتز بها العراقيون. فالعراقيون يُعرفون بأنهم مضيافون، ولا يمكن لأي زائر أن يغادر منزلًا دون أن يتمتع بنكهة من كرم الضيافة. الأطعمة التقليدية مثل "الكُبَّة" و"المسگوف" و"الباجة" تُقدم في المناسبات المختلفة، ويحرص العراقيون على أن تكون المائدة مليئة بالطعام.ليس هناك مقياس خاص للوقت عندما يتعلق الأمر بالضيافة العراقية، فحتى مع مرور الوقت، ظل العراقيون يقدمون أفضل ما لديهم للضيوف. هذه العادة تمتد لتشمل التجمعات الصغيرة في الأحياء، حيث يتبادل الجيران الأطعمة ويساعد بعضهم البعض في مناسبات متنوعة، مما يعزز الروابط الاجتماعية.تحتل المناسبات الدينية مكانة كبيرة في الحياة اليومية للعراقيين. سواء كان ذلك في عيد الفطر، أو عيد الأضحى، أو المناسبات الشيعية مثل عاشوراء، فإن العراقيين يحافظون على العادات المرتبطة بهذه المناسبات بشكل كبير. في عاشوراء، مثلاً، يتجمع الناس في مسيرات حسينية للاحتفال بذكرى استشهاد الإمام الحسين، ويُظهرون مستوى عاليًا من التعبير العاطفي والتضامن.هذه الاحتفالات ليست فقط دينية، بل هي أيضًا اجتماعية تُعيد ربط الأفراد بمجتمعهم وتراثهم، وتُظهر كيف أن الدين والتقاليد يسيران جنبًا إلى جنب في حياة العراقيين.الملابس العراقية التقليدية تعتبر مظهرًا آخر يعكس تاريخ هذا الشعب. في الريف، لا يزال يرتدي بعض الأشخاص "الجُبة" و"الكوفية" و"العباءة" أثناء المناسبات الاجتماعية، وهي ملابس تحمل في طياتها تاريخًا طويلًا من الثقافة العراقية. أما في المدن، فقد شهدت الملابس تحولات كبيرة بفضل الانفتاح على العالم الغربي، لكن تبقى بعض العادات مثل ارتداء "العباءة" في المناسبات الدينية، تشير إلى احترام التقاليد.على الرغم من تمسك العراقيين بعاداتهم وتقاليدهم، إلا أن هناك تأثيرات كبيرة للتحولات الاجتماعية والاقتصادية على هذه العادات. مع تزايد سرعة الحياة وتقدم التكنولوجيا، بدأت بعض العادات تنقرض أو تتغير بشكل تدريجي. فمثلًا، تراجع الاتصال المباشر بين أفراد العائلة والأصدقاء في ظل انشغال الجميع بالهواتف المحمولة ووسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما أدى إلى اختفاء بعض مظاهر التفاعل الاجتماعي التقليدية مثل الجلوس مع الأهل في فترات المساء لتبادل الحديث.ختامًا، إن عادات وتقاليد العراقيين، على الرغم من تحديات العصر الحديث، لا تزال تعكس روحًا من الأصالة والترابط الاجتماعي العميق. وفي الوقت الذي قد تتغير فيه بعض العادات أو تتبدل، فإن القيم الأساسية التي يتمسك بها الشعب العراقي - مثل العائلة والضيافة، والحفاظ على الروابط الاجتماعية في المناسبات المختلفة - ستظل جزءًا لا يتجزأ من هويته.

المشـاهدات 25   تاريخ الإضافـة 10/03/2025   رقم المحتوى 60287
أضف تقييـم