استقبل المسلمون هلال شهر رمضان المبارك قبل أيام بالتفاؤل بعودة البلاد إلى شاطئ الأمان بعد أن شمر الخيرون عن سواعدهم وواصلوا تدوير عجلة الإعمار والبناء والإنتاج  ، وإنجاز حزمة مباركة من المشاريع التي كانت مركونة طوال السنوات العجاف التي أعقبت السقوط وتغيير النظام  ، واستنزفت تخصيصاتها شفاه المنحرفين والفاسدين .. فما أروع أن تعود بنا الذاكرة إلى تلك العادات والتقاليد الرمضانية وطقوسها التي لا تنسى  ، وما أحوجنا اليوم الى بعض تلك الملامح والتقاليد الاجتماعية المحببة في مثل هذه الليالي الكريمة .. وأهلا بك يا شهر المحبة والإيمان يا رمضان  ..

لقد كانت معظم العوائل تستعد مبكراً  لاستقبال هذا الشهر المبارك .. وكان رب الأسرة يتوجه قبل إطلالة الهلال بأيام لتوفير معظم المفردات المحببة للصائمين  ( وبضمنها الجوز واللوز والشعرية والزبيب والحبية والبقوليات بأنواعها  ) وكل ما تحتاجه موائد الإفطار والسحور من العصائر والمقبلات والحلويات وأجود أنواع التمور .. أما العوائل المتعففة والفقيرة فكانت آنذاك مطمئنة إلى أن طعامها سيكون حاظراً قبل أذان المغرب .. فمعظم العوائل ما كانت تنسى جارها ولا تتذوق الفطور إلا بعد إيصال ( المقسوم ) للمتعففين ..

وكان باعة الحلويات الرمضانية يستعدون لحجز مواقعهم في مداخل الأزقة وعلى مقربة من الأسواق ، ويهيئون المنصات المنضدية التي تصطف عليها صحون الحلوى المفضلة لدى الصائمين ، وتحيط بها أغصان الشجيرات الطرية وقناني ماء الورد وأكواب الشاي .. فقد اعتاد معظم الصائمين ان يتوجهوا بعد الإفطار إلى هؤلاء الباعة لتناول ما يحبون من الحلوى والمشروبات الرمضانية الساخنة قبل أن يحين موعد الذهاب إلى المساجد والجوامع والمراقد المقدسة لأداء فريضة  ( التراويح  ) والاستماع إلى المحاضرات الدينية وتلاوة آيات من الذكر الحكيم .. وهناك من يتوجه إلى ( مقاهي الطرف ) لممارسة لعبة ( المحيبس ) الشهيرة لحين قيام قارعي الطبول بالتجوال في الأزقة لتنبيه ربات البيوت لتهيئة طعام السحور ..

هذه بعض طقوس الشهر المبارك آنذاك ..

فما أحوجنا إلى استذكارها واحيائها ..

ولكن العتب كله على ( الفيس ) و  ( الواتساب ) والتقنيات والإنترنت ومسلسلات التلفاز ..