الأحد 2025/3/16 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 16.95 مئويـة
نيوز بار
الشاعرة نجاح إبراهيم في "باب توما "
الشاعرة نجاح إبراهيم في "باب توما "
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

 

مؤيد عليوي

(من بابِ توما

أطلّت غرناطةُ، تُحاصرُنا كالهَواء

بفتوحاتِ الرّائحة

مَبهوراً تنظرُ إلى أميرةٍ دِمَشقية

مبتلة بمطرٍ أندلسيّ

تلامسُ أصَابعُك الجدرانَ المعشّقة بالأزَل

فتدارُ الكؤوس التي كانتْ فارغة

بخمرِ بوحِكَ

وكإمرأة وَفّرتْ حبَّها لزمنِ النّخلِ في دمكَ

رفعتْ صلاةً بين سحرٍ يُغوي قديسة

وخاطئة زمناً، عن سجّادة بهائِكَ

أسمّيكَ غرناطة

فيرقصُ المكانُ عُصفوراً

للتوّ طارَ مِنْ صَدري؛

ليَشْهدَ بين يديّ الزّقاق قيامتي. ) 

باب توما حي سكني من أحياء مدينة دمشق أما في نصِّ " أسَمّيكَ غرناطة" من ديوان "عاصفة الجمال "، للشاعرة نجاح ابراهيم/ سوريا، فأنه يجسد وظيفة دلالية تعطي الآخر حريته في التعبير، بمعنى له رمزية ثقافة الحرية والسلام والفرح فقط، لما يتصل به المكان الاصلي" باب توما" في مدينة دمشق،

فمِن آخر النص نجد الحوارُ بين الذات والآخر في "باب توما" وأزقتها حيث الزقاق له نكهة المحبة والألفة بين الناس كأن بيوتَ الزقاق بيتٌ واحد، مع حركة الحياة لمَن في الزقاق، بينما يكون  اسلوب السرد وهو جزء من الشعرية  في هذا النصِّ من خلال توظيف صدمة الكتابة في  السرد الشعري حيث يتحوّل السردُ (من بابِ توما/ أطلّت غرناطةُ...) من لغة الإخبار عن الغائب المؤنث إلى الحاضر المذكر (مَبهوراً تنظرُ إلى أميرةٍ دِمَشقية) ثم تفصحُ الشاعرة نجاح إبراهيم عن الذات بالمرأة في صدمة جديدة وعودة للمؤنث (وكامرأة وَفّرتْ حبَّها..) لتكون المرأة قد ادّخرت مشاعر حبّها، فيما يكون الآخر قد غادرها كأنه ضوءٌ بعد بوحه لها في(أسمّيكَ غرناطة/ فيرقصُ المكانُ عُصفوراً/ للتوّ طارَ مِنْ صَدري / ليَشْهدَ بين يديّ الزّقاق قيامتي) فتعود الذات وحيدة تنشد السلام، أو تريد السلام في طرق دمشق وشوارعها وأزقتها وحاراتها بمدلول إنساني، فكلُّ إنسان سوي يريدُ العيش السلام، ومن جهة نقدية أدبية ثانية يأخذ السرد الشعري معاني متعددة بسبب توظيف المفردات التاريخية بحمولتها المعنوية التي ترمز الى علاقة الحب بين المرأة الذات والاخر الرجل، ( مبهوراً تنظر إلى أميرة دمشقية / مبتلة بمطر أندلسي) فالذات المرأة ترى نفسها عاشقة  أميرة تشبه ولادة بنت المستكفي الاميرة الاندلسية حيث الترف والرقة والشعر والفصاحة وتشبه الاخر الرجل بابن زيدون العاشق والوزير والشاعر، وهو من الشرق حيث وفرة النخيل :

(وكإمرأة وَفّرتْ حبَّها لزمنِ النّخلِ في دمكَ) ففي المقطع الاخير من السطر( لزمن النخل في دمك) فهي تعرفه وتعرف متى يعود زمان الخير في دمه حبها وشغفه بها بتعبيرها (اسميك غرناطة : وفرة الانهار والخير فيها  وفير) كما يشهد الزقاق ثم مفردة القيامة والتي ترتبط بالديانة المسيحية اتصالا بباب توما ومعناها في الواقع ( أسمّيكَ غرناطة /فيرقصُ المكانُ عُصفوراً / للتوّ طارَ مِنْ صَدري؛/ليَشْهدَ بين يديّ الزّقاق قيامتي) فالذات/ المرأة التي اطلقت اسم غرناطة التي تدل على الأنهار والخير في تلك المدينة وربما أرادت رجلا من أصول عربية يعيش في اسبانيا الان وقد التقت به الذات في دمشق/ باب توما، وهكذا تأخذ الالفاظ معانٍ جديدة ضمن سياقها الشعري مثلها كلمة (قيامتي) فالأصل ديني مسيحي يكون في اعياد المسيحيين بمعنى تتحقق لهم الاماني والطلبات فتكون الهبات من المسيح ع في قيامه أيام وليالي تلك الاعياد.. بمعنى قد تحقق للذات مرادها من لقاء الاخر الرجل ورقص قلبها فرحا لذلك اللقاء في الزقاق( فيرقصُ المكانُ عُصفوراً للتوّ طارَ مِنْ صَدري؛) حيث نرى الفرحة غامرة عندما يرقص المكان من حولك لأنك تعيش حالة الفرح والسرور ونلحظ الفرح الغامر في المكان باب توما ..

"عاصفة الجَمال"، للشاعرة السورية نجاح إبراهيم، صدر عام 2018 ، دار المؤلف، في طبعته الأولى ، أما الطبعة الثانية فصدرت عام 2019  من دار السكرية في مصر .

المشـاهدات 23   تاريخ الإضافـة 15/03/2025   رقم المحتوى 60549
أضف تقييـم