أعلنت أذربيجان وأرمينيا مؤخرا ، على لسان وزيري خارجيتهما إتمام مفاوضات حول نص مشروع "اتفاق سلام وإقامة علاقات بينهما"، بعد فرض اذربيجان سيطرتها الكاملة على أراضيها وعودتها الى سيادتها التامة، التي فقدتها نتيجة احتلال أرميني دام 30 عاما. وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الأرميني ان اتفاق السلام جاهز للتوقيع وأن أرمينيا مستعدة لبدء مشاورات مع أذربيجان بشأن موعد ومكان التوقيع.وذكرفي بيان نشرته وزارة الخارجية الأذربيجانية ان الطرفين توصلا الى اتفاق حول كل بنود مشروع اتفاق السلام، وكما يبدو ان هذا  يعتير خطوة كبيرة الى الأمام لحل القضايا العالقة بين الدولتين.  ومن  الجدير بالذكر ان المفاوضات حول نص الاتفاق كانت تجرى منذ سنة تقريبا على 17 بندا وتم الاتفاق على 15 منها ماعدا بندين. وفي نهاية المطاف انجز الطرفان الاذري والأرميني التوصل الى حل وسط في أمرين وهما التنازل المتبادل عن التقاضي ضد بعضهما البعض في المحاكم الدولية ، والامتناع المتبادل عن نشر قوات للأطراف ثالثة على طول الحدود بين البلدين. وهذان الطلبان ليسا جديدين والجانب الأذربيجاني يطرحهما منذ بدء المفاوضات. أما موضوع فتح طرق النقل بينهما فتم رفعها من نص الاتفاق بطلب من أرمينيا وسيناقش بعدها على حدة.من جانب آخر، لقي خبر إنجاز المفاوضات على نص الاتفاق ترحيبا دوليا واسعا وحثت العديد من الدول الكبرى الطرفين على توقيع الوثيقة. لكن الأمر لا يبدو سهلا كما يراه البعض. حيث بلغت وزارة الخارجية الأذربيجانية دول العالم ان موقف أذربيجان ثابت ومبدئي من توقيع اتفاق السلام بين البلدين  ولكن يتطلب من الجانب  الارمني تعديل بنود  الدستور الأرميني الذي يحتوي على مزاعم على سيادة ووحدة أراضي أذربيجان ، والاتفاق المشترك  ايضاعلى  الغاء دور مجموعة منسك المنبثقة عن منظمة الأمن والتعاون الأوروبي، تلك المجموعة التي فشلت  في تنفيذ مهمتها للمساهمة في تسوية النزاع بين البلدين..من جانب اخر، لا تثق أذربيجان في تصريحات  رئاسة أرمينيا وتريد توثيق كل الخطوات من خلال توقيع اتفاق شامل. كما قال الرئيس الأذربيجاني في كلمة ألقاها في منتدى باكو العالمي ..(ان تصرفات قيادة أرمينيا بعد عام 2020 وفي اطار عملية المفاوضات وقبيل مؤتمر الأطراف (كوب )أدت الى فقدان الثقة عليها كدولة. وان باكو تنظر الى  المواقف لافي الاقوال بل الأفعال) .ومن خلال التغيرات الجيوسياسية  في المنطقة  ،تغيرت سياسة أرمينيا أيضا وهذا مايعلمه رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان الذي يبدو أنه يسعى الى اتخاذ مواقف بنائة في إقامة علاقات  طيبة بين الدولتين. حيث اعلن رئيس وزراء أرمينيا باشينيان مؤخرا ان بلاده مستعدة لقبول دستور جديد للارمينيا. كل هذا يدل على ان أرمينيا تريد توقيع الاتفاق في أقرب وقت ممكن. حتى تحقق ماتريد ومنهاان تخرج من المخرج الذي وضعت نفسها فيه بسبب احتلال أراضي جارتها والاندماج الى مشاريع اقتصادية هائلة تنفذ في المنطقة خاصة من قبل تركيا وأذربيجان وجورجيا والانتفاع الاقتصادي من هذه المشاريع.ومن الواضح ان توقيع الاتفاق لن يحدث قريبا، ومن المرجح ان  يوقع الاتفاق في نهاية السنة. حيث ان أرمينيا تحتاج الى اجراء استفتاء عام لتعديل دستورها. ونتائج الاستفتاء ضرورية لتقييم موقف المجتمع الأرميني تجاه السلام والاستقرار في المنطقة وهذا سيتطلب منها وقتا معينا. الى جانب ذلك، ستعقد قمة المجلس الوزاري لمنظمة الامن والتعاون الأوروبي، التي انبثقت منها مجموعة منسك، في ديسمبر من هذا العام في بروكسل. ويمكن طرح مسألة إلغاء هذه الآلية في اطار هذه القمة.  كذلك من الأمور الأكثر أهمية هو موقف الرأي العام في أرمينيا. فعلى رئاسة أرمينيا ان تبلغ مجتمعها على أهمية توقيع اتفاق السلام مع أذربيجان. وهذا ضروري أيضا للمضي قدما في هذا المسار. اذن امام باشينيان وحكومته مهمة كبيرة وهو تبليغ المجتمع الارمنيني  أهمية المصالحة مع الدولة الجارة و التعايش السلمي معها. ومن المقرر اجراء الانتخابات التشريعية في أرمينيا عام 2026. وعلى ضوء  نتائج الانتخابات أيضا سيظهر  موقف المجتمع الأرميني ورؤيته المستقبلية للبلد. وهذا عنصر مهم جدا في عملية السلام. ومن  هذة الرؤية لواقع الاحداث نستطيع ان نؤكد ،  ان اتفاق السلام  الذي يسعى الطرفان الى توقيعه لا يحل كل المسائل العالقة حاليا بين البلدين. ومع ذلك فيمكن وصفه بباب سيدخل كلا البلدين من خلاله الى مرحلة تالية،  وهي ترسيم الحدود بين الدولتين ومسائل متعلقة بفتح طرق الاتصالات والمواصلات بينهما ومصير المفقودين وغيرها. وان الاتفاق على حل كل هذه المسائل يحتاج الى  فترة زمنية ووقت معين اخر .