الجمعة 2025/3/21 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
غائم
بغداد 17.34 مئويـة
نيوز بار
الابتكار ..عنوان الحضارة والازدهار
الابتكار ..عنوان الحضارة والازدهار
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب محمود آل جمعة المياحي
النـص :

يعتبر الابتكار( Innovations ) عنصرا أساسيا في تطوير البلدان وازدهارها ، فمن خلال الابتكار والاختراع تتمكن المجتمعات من تطوير بيئتها ، اذ تشكل العقول المبدعة النبض الذي يدفع الامة الى الامام مما ينعكس إيجابا على تسارع تقدمها ويسهم في تحسين جودة الحياة فيها ، وقديما كان الابتكار يُـعد واحدا من فروع الفلسفة وأحد ادواتها الإجرائية الملموسة ، وفي أدبـياتنا العرفية نقول للشخص الذي يأتي بشيء غير مألوف بانه ( يتفلسف ) !! ولكن المتفلسف هو مبتكر ومخترع يساهم في فتح افاق جديدة لحياتنا ، والذي يدفع المرء الى الابتكار هو وجود حاجة او ( مشكلة ) او عقبة تعيق المسير الى الامام !! وكيف يتمكن المبتكر من إيجاد حل لهذه المشكلة ، يرى العالم توراتس عام 1962 ان الابتكار هو احساس بحل مشكلة يعاني منها المحيط الذي يعيش فيه الافراد ضمن المجتمعات .ان الابتكار في بلد مثل العراق صاحب حضارة عريقة عُـرفت بحضارة وادي الرافدين (موسبتيميا-Mesopotamia) وتُعد اقدم الحضارات في العالم له حكاية اعمق من الفلسفة واعمق من التكنلوجيا واقدم مما وصل اليه الذكاء الاصطناعي اليوم !! وقد ترجمها عالم الاثار الأمريكي صمؤيل نوح كريمر من جامعة شيكاغو بكلمات وهو يقف على ارض الوركاء في الناصرية فصاح باعلى صوته .. من هنا بدأ التاريخ .. من هنا بدأت الحضارة.. من هنا بدأ كل شيء..! على هذه الأرض ولـِد اول حرف الذي صنع الكلمة وبه صُقلت الالواح وتوالت الرُقم الطينية لـتـّدون اول حضارة مكتوبة بالأحرف المسمارية ، ثم جاءت الابتكارات العديدة كالعجلة والمحراث والفخار والنسيج  وسن القوانين والتشريعات وتأسست أولى القرى الزراعية تلتها أنظمة الري المتطورة آنذاك حيث عثر على اول سد لتجميع المياه وهو سد كرسو 2800 ق .م في منطقة شرق الشطرة في الناصرية ، فعلى مر العصور شهدت بلاد وادي الرافدين نهوضا حضاريا عظيما وكان الانسان الرافديني متميزا مبدعا مبتكرا في كل مجالات الحياة حيث ترك لنا ارثا كبيرا لايزال يدهشنا حتى يومنا هذا .اما الابتكارات والاختراعات والاكتشافات في العهد الإسلامي فقد برز علماء افذاذ اذهلوا الدنيا بما أتو به من علوم ونظريات واكتشافات خصوصا للفترة ما بين القرن الثامن الميلادي (773 م ) الى القرن الثالث عشر الميلادي (1258 م ) نذكر منهم ابن الهيثم مؤسس علم البصريات وابن سينا في الطب والجاحظ في علم الحيوان ومحمد بن موسى الخوارزمي في علم الجبر ، وقد اشترك مع العالم يوسف الكندي في تصحيح كتاب (سيدانت ) لمؤلفه الهندي (كونكاه ) في علم الحساب والأرقام ، ولا يخفى على احد اليوم ان الذكاء الاصطناعي يعتمد على الخوارزميات وما أتت به من معادلات ونظريات ومسائل حسابية ، اما اول من قام بقياس المسافة بين الأرض والشمس هو العالم الفلكي ثابت بن مُرة منتصف القرن التاسع الميلادي واعلن ان السنة تتكون من 365 يوم و6 ساعات و9 دقائق ، وكان اجداده السومريون قد قسّموا الأسبوع الى سبعة أيام واليوم 12 ساعة ( كل ساعة سومرية بساعتين ) ، ولم يسع المجال ان نذكر العديد من الابتكارات والاكتشافات والاختراعات والتي عـّبر عنها العالم الفلكي الأمريكي موريس شتايلان بكلمته المشهورة ( نحن لم نكتشف شيء بل نحن نعيد ما اكتشفه السومريون !!) وهذا بحد ذاته شهادة على عبقرية وذكاء وتميز العقول العراقية منذ قديم الزمان ، فالقوم احفاد القوم ومازالت صفة الذكاء متوارثة عند العراقيين بدلالة التصنيف العالمي لذكاء الشعوب الذي صنف ذكاء الشعب العراقي بنسبة 89% وحصوله على المرتبة الاولى عربيا و المرتبة 61 عالميا ، ولكن الحضارة متلونة مرة تتفوق ومرة تتأخر وحسب ظروف كل مرحلة ، وكـُلنا يتذكر برنامج العلم للجميع الذي يقدمه الأستاذ كامل ادهم الدباغ الذي استمر حوالي ثلاثة عقود من القرن الماضي، كان يستضيف كثير من الشباب المبدعين والمخترعين من مختلف الاعمار وكانت الجمعية العلمية ومقرها في حديقة الزوراء تحتضن كل من لديه فكرة او اختراع وتـُقدم له كافة التسهيلات في سبيل تحويل الفكرة الى واقع ملموس يسهم في تـَقدم البلد علميا وتكنلوجيا ، وبالاشارة الى حديث الامين العام للجامعة العربية السابق الدكتور عمرو موسى قال ..الامة العربية امامها خيارين اما الابتكار او الاندثار !! فالامة التي ليس فيها ابتكار واختراع وتجديد ! ستزول بفعل الدول المبتكرة ،وهذه هي الصين تسجل كل سنة نصف مليون براعة اختراع ،اما في أمريكا فيوجد 90 الف عالم ذكاء اصطناعي ولا يوجد في بلدنا عالم واحد للذكاء الاصطناعي !! ، ومع هذا وذاك نجد المبدع الرافديني يثبت وجوده فالدكتور العراقي علي البكري له 35 براءة اختراع في مجال الكهرباء مسجلة لدى الجهاز المركزي للسيطرة النوعية ، كذلك الدكتور العراقي عبد الرزاق جاسم له 29 براءة اختراع في مجال الهندسة الميكانيكية ، وهناك العديد من براءآت الاختراع المسجلة واخرى تنـتظر التسجيل ، كما لايمكن ان ننسى مدارس الموهوبين التي تاسست عام 1998 والتي تسهم في تخريج علماء صغار لهم مستقبل واعد اذا ما تهيئت لهم بيئة داعمة و متكاملة لاسيما وانهم في بلد صاغ ابجديات العالم قبل آلاف السنين ، وسترجع بغداد واحة للعقول المبدعة والمبتكرة باذن الله .  

 

المشـاهدات 30   تاريخ الإضافـة 19/03/2025   رقم المحتوى 60745
أضف تقييـم