الإثنين 2025/3/31 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
السماء صافية
بغداد 17.95 مئويـة
نيوز بار
إشكاليات الخطاب الثقافي بين المثقف والجمهور
إشكاليات الخطاب الثقافي بين المثقف والجمهور
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

علي صحن عبد العزيز

في ظل التطور الهائل من وسائل الأتصال والمعلوماتية وكذلك أنتشار الفضائيات، بدأت تتضائل فرصة الوعي الثقافي لدى أغلب الناس، مما ساهم في تزايد فرص تفعيل الخطاب الثقافي وتحديد أشكالياته المعاصرة بالموازاة مع أنزياح الدور الدلالي المعرفي له وتراجع الوظيفة التوعوية للمثقف في عصر العولمة، حيث بات الكثير من رواد المنتديات الثقافية والأدبية يرّون أن نمطية هذا الخطاب ورتابة موضوعاته، باتتا عبئاً على ذاكرة المتلقي المزدحمة بهموم ومعاناة الثقافة ومشكلاتها ، ولا

نكون مبالغًا إذا ما قلنا : إن أكثر رواد الحضور الذين يأتون إليها لا يأتون للإفادة من موضوعاتها ومتابعة أطروحاتها الثقافية والأدبية كما كان في السابق، بقدر ما يأتون لغاية تأدية الفريضة وإسقاط الواجب الثقافي وتلبية مجاملة المدعوين ، وليس أدل على ذلك إلاّ غياب الدور التشابكي والتفاعلي بين المثقفين والذي كان سائدًا لأستقطاب الجمهور لموضوع الندوة أو المناقشة والإفادة من نقاشات المثقف المحاضر في القضايا المختلفة ، ناهيك عن غياب الدور التفاضلي للمتلقي والذي يبحث عن موضوع الندوات أو الأستضافات التي تلبي ذوقه وتنمي شعوره الثقافي أو الأدبي، أو على الأقل تساعده في حل بعض مشاكله أو تسكين أوجاعه أو آلالامه الفكرية والثقافية ، وعلى ما يبدو أن إشكالية الخطاب الثقافي والأدبي بدأت تتفاقم مع كثرة الناقدين له وأتساع الشرخ الثقافي والتوعوي بين المتلقي والجمهور، إذ بات الأخير يشعر أنه يعيش فصامًا واقعيًا بين الواقع والطموح ، أو بين الطرح الثقافي  والممارسة الفاعلة ، وبات يشعر أيضًا بأزدواجية وتباين نا يطرح داخل الندوات وما يدور في خارجها لتتقطع خطوط الأتصال والتواصل الثقافي في ذهنه بين نمطية الخطاب الثقافي والحقائق المطروحة في الشارع المتمردة على كل ما يطرح ليرخي أعصابه حيث لا يستفزه إلى وعي الندوة أو المناقشة إلاّ بعض مظاهر النقاشات المعطوبة تحت ظل محتوى فكرة المنتديات الثقافية ، وعادة ما يشعرك بعض المحاضرين أو مديرو الندوات الثقافية بأن موضوعهم كيان مُحصن لا تزحزحه حركة الواقع وبأنك تفهمه بشكل مغاير، وبأن كذلك الحدود الثقافية في الخطاب الثقافي قد أزيلت والمسكوت عنه بات مفضوحًا وجليًا في عصرنا الراهن ، وأن الدور الأختزالي إليهم الذي كان يحدد أطر المعرفة المعرفية والثقافية ويسيّر أذواق الجمهور وبحسب وظيفته الثقافية تفككت عراه، وأن الدور المركزي التاريخي له الذي لم يكن من قناة ثقافية واحدة لمّا حوله سواه قد أصبح جزءاً من الماضي العتيق ، وأن الممنوع الثقافي وحتى الأدبي في هذا العصر  غدا مسموحًا بلا حواجز أو قيود لينهل الجهور المتلقي بحسب ذوقه مما هب ودب من مختلف المشارب والمذاهب والتيارات الثقافية ، أننا بحاجة أن يكون للمثقف واجبًا كبيرًا للتواصل مع جمهوره من جديد ،ويجب عليه أيضًا أن يعيد دوره الثقافي الأستكشافي للواقع الثقافي من خلال أحترام عقله وزمنه الذي يعيش فيه، ومن ثم تحديد موضوع ندوته أو أستضافته والتي لاّبد  أن تتعايش مع الواقع ويخرجه من أسلوب الفنطازية الإنشائية والنمطية والسردية إلى أسلوب تحليل الواقع والتقاط خيوطه من أرض الواقع ، وحينها يتفاعل ويشتبك وعي الجمهور داخل الندوة أو المناقشة مع خارجه المعاش على ضوء نقاش ملموس ممتد وشامل للتعامل مع الواقع ، ومن هنالك تبدأ الرحلة الأستكشافية لمضمرات الخطاب الثقافي ومعرفة آليات ومجسات أشتغاله التي تؤسس لحركة تفاعلية داعية لتفكيك الكيان المحصن ونقله إلى ديناميكية الواقع ، كما أن واقع الحال بأن الجمهور يريد أن يقول للمثقف إن ثمة مسؤوليات ومفاهيم مشتركة بيني وبينك في تفحص واقع الثقافة المعاصرة وشروطها الغاية منها تحديد أولويات الخطاب الأدبي بعامة والخطاب الثقافي بخاصة والذي لاّبد أن تنعكس آثاره على تطوير الوعي التوعوي والثقافي العام من خلال القدرة على بث رسالة الثقافة على أبعد مستويات التكوين ، ولعل جمهور المتلقي يريد أن يقول للمثقف أيضًا أننا  ما دمنا نعتقد وإياك بأن المثقف صالح لكل زمان ومكان وأينما يكون وأننا كذلك نعمل سوية على أن تغدو الثقافة منهجًا وسلوكًا لتوحيد الرأي المشترك  وتبليغ رسالتها بشكل سليم في وقتنا الحاضر وبكل ما يحيط به من عوامل ومتغيرات ، فأن غاية الغاية أن نعمل كفريق واحد على تفعيل الواقع الثقافي وإغنائه بالإبداع بعدما ما أصيب من الأعتداء والمحسوبية وحتى التطرف ولنعيده إلى جادة الصواب والواقع الذي نعيشه.

المشـاهدات 58   تاريخ الإضافـة 24/03/2025   رقم المحتوى 60844
أضف تقييـم