النـص :
هذا البحث القصير يطرح نقاشًا حول علاقة الأخلاق والحرية في الغرب، من الناحية الفلسفية، تتداول العديد من المدارس الفكرية هذه المواضيع، فمثلاً، قد يرى (الكانطية) أن العقل الذي يمكنه اتخاذ القرارات الأخلاقية الصحيحة هو العقل العام، وليس العقل الفردي، ومن خلال هذا المنظور، يمكن أن يكون العقل هو المرجعية المثلى للسلوك الأخلاقي.والكانطية تشير إلى الفلسفة الأخلاقية والفلسفة العامة التي تتبع أفكار إيمانويل كانط ،يعتبر كانط من أبرز الفلاسفة في التاريخ، وعمله له تأثير كبير على الفلسفة الحديثة وعلى مجموعة واسعة من المجالات الأخرى مثل الأخلاق، والسياسة، والميتافيزيقا ، في الأخلاق، قدم كانط نظرية الواجب الأخلاقي الكانطية، التي تركز على أن الأفعال الصحيحة والخاطئة تعتمد على ما إذا كانت تتوافق مع واجب أخلاقي عام، وليس فقط على النتائج أو العواقب المتوقعة لتلك الأفعال ،على سبيل المثال، يعتقد كانط أنه يجب على الإنسان القول الصدق دائمًا، حتى لو كانت النتائج سلبية، لأن الصدق هو واجب أخلاقي.ان سقوط الاخلاق في الغرب هو نتيجة السقوط على مستوى الفطرة السليمة، الفطرة التي تنتج الاخلاق إذا سقطت سقط منطق التفكير تجاه الاخلاق، السؤال ما هي علاقة الدين بالعقل؟ وهل ان العلاقة بين الدين والعقل علاقة تلازم؟الأحاديث والنصوص الدينية، التي تؤكد أهمية التعقل في حياة الإنسان المتدين، وإلا فمن ينتسب إلى الدين، ويحمل شعاره وعنوانه، ويمارس عباداته وطقوسه، لكنه غير مستخدم لعقله، ولا مستثمرٍ لفكره، فإن تدينه سيكون مبتوراً ناقصاً، بل مشوهاً قاتماً .و هنا نستنتج ان هناك تلازم بين الدين والعقل ، فلو افترضنا اخذ موقف سلبي من الدين ما هي المرجعية البديلة؟ منطقيا فان العقل هو البديل المرجعي للدين، لكن هناك مشكلة في العقل وهي ان العقل مرجعية فردية وليس مرجعية جماعية، أي ان عقلي وعقلك وعقل الاخرين عقولنا مختلفة فكيف يمكن ان نرجع للعقل كبديل مرجعي ؟ المدارس الفكرية الغربية وجدت حل لهذه المشكلة بالاستعانة بالديموقراطية وهو حاكمية ما تنتجه غالبية العقول (حكم الأغلبية)، لكن هنا ظهرت مشكلة أكبر وهي دكتاتورية الأغلبية وممارسة العنف ضد الأقليات (العرقية، الدينية، السياسية)، وبذلك نصل الى ان الديموقراطية لا تكفي لتحكيم العقل كبديل مرجعي للدين والسؤال هنا في ضل حكم الأغلبية من يضمن حقوق الأقليات ، اذ حدثت الكثير من الحالات كالتمييز العنصري على الرغم من التقدم في حقوق الإنسان وتقدم المجتمعات الديمقراطية، إلا أن هناك حالات من التمييز العنصري تحدث بين الأقليات العرقية ، على سبيل المثال، قد تواجه الأقليات العرقية في بعض البلدان الديمقراطية التمييز في مجالات مثل التوظيف أو الوصول إلى الخدمات الصحية ، وفي بعض البلدان الديمقراطية، يمكن أن تواجه الأقليات الدينية قيودًا على حرية ممارسة دياناتهم، سواء من خلال قيود على البناء الديني أو من خلال التمييز في التعامل مع القوانين المتعلقة بالدين .كحل لهذه المشكلة تم إعادة صياغة اللبرالية والتي تنص على ان حريتك مسموح بها ما لم تتجاوز حرية الاخرين (من هم الاخرين الذين تقصدهم اللبرالية الحديثة؟؟)كل شخص عاقل عندما يقارن نفسه بالتأكيد يقارن نفسه بشخص عاقل قادر على اتخاذ القرار وتقييم مدى الضرر في حال مارست حريتي التي قدمتها لي اللبرالية لكن لم يتم تعريف الاخرون لذلك أصبحت مصطلح سائل قابل للتأويل ادخل فيه الأطفال وحتى الحيوانات.نتج النظام الغربي الذي يقوم على (الديموقراطية التي تنص على حق الأغلبية بالحكم، اللبرالية التي تضمن حق الأقلية بالاختلاف) هل انحلت المشكلة الأخلاقية بطرح تلك البدائل؟أصبحت اللبرالية أداة وسلاح بيد الأقلية ضد الأغلبية بسبب التصور اللبرالي للحرية تستند الليبرالية على الإيمان بالنزعة الفردية القائمة على حرية الفكر (ولم تحدد ما هي حدود ذلك الفكر) ، لذلك تحولت الحاجة من العقل الى الرغبة التي تتيح كل شيء و لا وجود لمعيار أخلاقي يشكل سقفا مرجعيا للممارسات و سوقت الينا هذه المسميات على انها الحلول المثلى لمشاكل العالم الا انها اثبتت سقوطها على مستوى الغرب بكثير من المواقف و الدلائل و الشواهد ، فالغرب الذي كنا ننظر اليه على انه النموذج المثالي تبين الان من خلال انحلاله أخلاقيا و انحلال المصطلحات التي كان يرفعا مثل (الإنسانية ، حقوق المرأة ) ما هي الا شعارات فضفاضه تؤدي الى مزيد من الانحلال و السقوط الأخلاقي و لا بد ان يأتي اليوم الذي يشعرون به بالحاجة الى الدين كمرجعية اصيلة و ليست بديلة كسقف ترجع اليه الممارسات التي تم حرفها عن مسارها الطبيعي.
|