
![]() |
حتى لا ينهار البيت البريء وتسقط هيبة الطفولة عبد الجبار حسن في رحاب ثقافة الطفل بعيدا عن تيارات الخداع |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص : شراع مبحر دون مجداف ومرساة ، تنفخ فيه الريح فوق الموج والبحر امتداد على مد البصر .. امواج تعلو وتهبط زبد يتطاير رذاذ يغطي سطح المركب ، احيانا يهدأ ضجيج الموج ، ويبقى البحر ساكنا ، هادئا ساجيا تماما كما هي الحياة .. حياتنا موج تعلو بنا تارة واخرى سلسة تسير داخلها بكل هدوء .. الكاتب كائن تمارس عليه الدنيا شتى ضغوطها وهو كالسابح داخلها ، اما ان تكل ذراعاه او يبقى هكذا في صراع ، اما ان يغرق او يطفو فوق السطح حتى اذا طفا يبقى يعاني الارهاق .. سيكولوجيتنا هي تماما كما الميزان ، اما ان نكون له الوقود او نكون الاحتراق ، اما ان ترجع الكفة او يكون هو في الكفة السفلى ، نركل الحجارة حينا واحيانا كثيرة تدمي منا الاصابع ، احيانا نتعثر كما الفرس الجموح اذا كبت وهكذا نسير عباب الحياة .. نتجرع الكأس بكل مرارة .. الى اين ننظر ؟ الى الشروق تتجه الابصار ام الى الغروب ؟ هل تجرنا اقدامنا نحو الفجر ام نجر الاذيال نحو الاصيل ؟ اسئلة كثيرة تتساقط من ذاكرتنا المتعبة .. هكذا من امتهن الكتابة .. والسؤال هل نتمكن من تحديد مواطن الضعف والجمال التي اخذت تتشابك بل تتعقد احيانا ؟ ولعل الخطة الوحيدة نحو الفرز والتشخيص هي المعيار الحقيقي لقول الحقيقة ... والحقيقة عندما طلب مني الصديق الكاتب والفنان عبد الجبار حسن ان اكتب عن الطفولة ومنجزه الابداعي الجديد وهو المتخصص في هذا العالم الخطير الذي منحه كل الجهد ليصبح الرائد الكبير والمتمكن في فك رموز هذا العالم من خلال الاعمال التي قدمها في المسرح والتلفزيون والبحث احيانا داخل العراق وخارجه ليعلن للجميع ان مسيرته التي لا تخلو من الصعوبة في التعامل مع هذا العالم .. الا انه قال كلمته وثبت للتأريخ حكايته الطويلة وبهدوء نقول : الطفولة عالم واسع يجب ان يحاط برعاية كبيرة ومسؤولة من خلال التعليم والتوعية ، اذا اردنا تحقيق هدف البناء الأمن الذي يرتكز على الوعي ، وفي الغالب نسي الجميع ذلك العالم الذي وجب علينا احاطته برعاية أمنة بعيدة عن الظلم والصراعات والازمات التي اثرت بشكل كبير على هذا العالم الذي اخذ يعاني مع الاسف من الاهمال العابر والمتعمد على الغالب : علما ان الطفولة هي الاصدق في براءة الروح التي لها قوانينها الواسعة والتي ظلت بعيدة عن الاهتمام رغم خطورتها ، فهي الذاكرة التي لا تنسى مهما تقدم العمر بها وبصراحة نؤكد : كثيرة هي القيم التي يمكن ان تنعكس على السلوك العام .. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بألحاح .. هل تمكنا من بلورة هذه القيم في شخصية الطفل من خلال التعامل مع مفردات واعية بعيدة عن تيارات الخداع التي تجعلهم ينزلقون في نهايات مؤلمة نتيجة الاهمال الذي تحدثنا عنه ؟ ورغم هذه السوداوية السائدة في هذا العالم الخطير الذي كان وما زال خارج اهتمامات الدولة ومؤسساتها الثقافية التي تجاهلت تماما بعد ان جعلته خارج اهتماماتها لتنشغل بعالم اخر وتركت واحة الرجاء وينبوع امل وثروة اطماح كبيرة لها احلامها كانت من قبل مجرد امنيات ثم اصبحت بعده حقيقة ارتفعت بها القواعد من حضارة وارفة الظلال طيبة الجني ، مخصبة في كل جانب من جوانبها .. الجميع كانوا يصدون في هذا العالم قبل ان يخرج اليهم بدعوته الى الله نموذجا فريدا للامانة وموطنا للحكمة وموضعا للثقة في غير حدود ، ولكن رغم كل ذلك ظلت فتنة الشهوات وفساد النفوس المنطوية على الضلالة هي المعيار السائد ونقول : افلا يجدر بنا بعد هذا كله ان نختار الطريق الذي يلتقي مع الطفولة وان نحافظ على الأمانة التي استودعنا اياها وان نصدق في الدفاع عنها ورعايتها ؟ هذا هو الامل الذي نخرج به من الضيق الى الفرح ومن الاحساس بالحرج الى اليقين وهذا هو المطلوب .... ونعود لنذكر هل ادركنا ابعاد هذا العالم والواجب الوطني والانساني في التعامل معه؟ لذا اجد من الضروري الدعوة الى عقد ميثاق شرف يحمي هذا العالم وينسجم مع حجم المؤامرات التي تحاك ضده والتي تقودها ماكينة شرسة اعتاد البعض ان يستثمرها بطرق عديدة الهدف منها زعزعة الثقة اولا من اجل اسقاط هيبة الطفولة وليس عيبا ان نعترف باننا نواجه بيت الطفولة المهدد بالانهيار من خلال استراتيجية يتبناها الكاتب والمهتم بهذا العالم وعودة للصراحة : هناك تفاوت والتفاوت كبير جدا بين كاتب واخر بين مهتم وغيره.. تجارب لامست عالم الطفولة ، منها حاولت الدخول الى هذا المجتمع الناصع ، الامر الذي تمكن في التأثير والتغيير في الوعي الذي ما زال لم يتشكل وفق القدرات والتذوق ، لكونه بحاجة الى موجه ياخذ بيده ليكشف له قدرات واعيه في الاستيعاب من خلال ما يقدم له ، اضافة الى دغدغة احلامه التي يصلك هذا العالم الى تحقيقها .. وحتى تكون رحلتنا مع هذا العالم منصفة اقول : حاول البعض من المختصين بثقافة الطفل ان يجرب الكتابة للطفل ، منهم من نجح الى حد ما واخر سقط ولم ينهض .. نعم هناك من سجل حضوره ولكن بفضل غياب دعم الدولة اخفق هو الاخر .. ثم توقف وما لفت انتباهي اصرار الفنان عبد الجبار حسن واستمراره في الكتابة والتمثيل والاخراج ليقدم لنا نماذج مهمة بدأت في رحلته مع التطبيقات العلمية في المسرح من خلال القيم الواعية في التعامل الاخلاقي والمجتمعي .. اذ حاول الكاتب حسن ان يوثق رحلته الطويلة مع عالم الطفولة في منجز ابداعي بحثي جديد حمل عنوان ( في رحاب ثقافة الطفل .. بحوث منهجية عامة ) .. يستعرض المبدع عبد الجبار في بحوثه الحادية عشر الجوانب الاساسية على الثقف بشكل عام والكاتب المسرحي بشكل خاص والتأكيد عليها من خلال القيم الخاصة بالطفل الاجتماعية منها والسلوكية والنفسية ، اضافة الى الانسانية .. كما اسهب الباحث في القواعد الواثقة في الكتابة لمسرح الدمى ، اضافة الى الدور التربوي الذي يتحلى بها .. كما تطرق الى ( استخدلم الدمى في الاساليب التعليمية الحديثة ) في اربعة ابواب وهي دراسة غنية ميدانية معمقة تساعد على تفاعل الطفل لكل ما هو مخصص له من المناهج منبها الى الدور الأبرز للوسائل التعليمية في المجلات التربوية .. كما اشار ايضا الى الكاتب المسرحي ودوره في عملية الثقافة والتعليم من خلال عدة ابواب ( اهمية الكتابة لمسرح الطفل ) و ( تأثير عامل العمر في مسرح الطفل ) الذي اضاف رؤية فنية ثقافية بأسلوب مبسط يتيح للمتلقي ان يشكل له اضاءة مهمة في الفهم والتطلع .. وكذلك تطرق ابا عطيل الى اهمية توظيف ( الراوي في مسرح الطفل ومسرح الدمى ) الذي تناول منذ نشوء المسرح في بداياته مرورا بالمحيط العربي متناولا شخصية الراوي مرشدا على الكاتب المسرحي مراعاة حضور الراوي بالوقت المناسب .. وبصراحة ما شدني لهذه الرحلة البحثية الدقيقة في التناول والطرح والاستنتاج هو تناوله الى ( سايكولوجية الطفل وحاجاته ) الذي اكد فيه على وعي الكاتب المسرحي المختص بشؤون الطفل من خلال تفصيلات عديدة لها وقعها العلمي التي تنوعت بين التأكيد على البناء الدرامي والحوار مؤكدا على بيئة الطفل والمهارات الفردية .. وفي تناوله الى ( الطريقة والاجتهاد ) الذي عرج على الثوابت والقواعد مشيرا ومستذكرا الى رواد المسرح وكذلك الرعيل الاول .. اذ يرحل معهم باسلوب شيق يعمق فيه طريق الاجتهاد في الاخراج والرؤيا ، اضافة الى بحوث اخرى قيمة استطاع من خلالها المتألق عبد الجبار حسن ان يعكس رؤيته الفنية والعلمية في رحلة بحثية مشوقة عكس فيها تجربته الغنية التي تنوعت بين التأليف والاخراج اذ استطاع من خلال كشاف علمي دقيق ان يسلط الضوء على جوانب مهمة في التعامل الثقافي والفني والانساني وكذلك النفسي مع الطفل لينير دروب المعرفة امام المختص ليتح له ان يستوعب ادق الخطوات الفنية والثقافية في تعامله مع الطفل وعالمه الواسع .. انها رحلة وعي متجدد استطاع من خلاله الباحث ان يكشف لنا تجربته في مسرح الطفل الثقافية والفكرية والفنية باسلوب مبسط بعد ان اسس للطفولة قيمها ومعالمها الجميلة والمعقدة في ان واحد .. شكرا للصديق المبدع الرائد الفنان عبد الجبار حسن الذي امتعنا بهذه الرحلة البحثية التي لم تكن دراسة عابرة بل جاهد ليضعها نبراس عمل ومنهاج علمي وثقافي لكل المهتمين بعالم الطفل فهنيئا لنا بهذه القامة الابداعية الكبيرة وهنيئا للعراق على رجالاته الذين ( يفرشون ) تجربتهم خدمة لمن يبحث عن الوعي المتجدد في عالم ما زال يشكو الاهمال غير المنصف. |
المشـاهدات 30 تاريخ الإضافـة 20/04/2025 رقم المحتوى 61798 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |