النـص :
(العشيرة) هذه المفردة اللغوية الصعبة في ذهن الجمهور العربي العراقي .وبعد أن أصبح ميراث الأجداد عائقا للتقدم لا تلبث أن تذكر هذه الكلمة حتى يخرج الكثير من الذين يدافعون عن هذا ليقولوا لولا العشيرة لما وجدت من يحميك فأن العشيرة هي من تعطيك وتأويك وتدافع عنك وأن كل البلاد تقوم على القبلية والعشائرية. أخوتي الكرام أنا لا أقول أن مفهوم العشائرية يجب أن يكون منبوذا ومسحوقا بل هو حقيقة ونمط حياة أجتماعي متوارث لابد منه. ألا وهو احد مقومات قوة المجتمع ولكن المبالغة في الأنتماء للعشيرة وتقديسها وإدخال هذا الأنتماء في كل أختيارات المواطن الحياتية والسياسية يجعل للعشائرية عدة سلبيات، بل وتأثيرات خطيرة على المجتمع.فأنه في الانتخابات مثلا سواء النيابية أو مجالس المحافظات أو غيرها تجد كل عشيرة تجمع على أختيار شخص ما ليبدأ أبناء العشيرة بتمجيده وعمل دعاية له والحديث عن منافسة ابن العشيرة المجاورة وهم الذين درسوا مع أبنائهم في نفس المقاعد الدراسية وتربوا في نفس المنطقة. ولطالما كانوا سوية فتراهم يتحدثون عن بعضهم بدونيه واحتقار على أنهم الأفضل والأجدر من الاخر ليس بسبب أن ابنهم أكثر كفاءه بل بسبب هذه العشيرة القوية الجبارة الأقوى والأفضل من كل العشائر.وهم يعلمون أن ابن عشيرتهم سيساعدهم حين ينجح وابن العشيرة المجاورة سيخدم أبناء عشيرته أيضا حينما ينجح فكل نائب يعرف جيدا من انتخبه ومن سيخدمه. وبسبب هذا التقسيم العنصري المتخندق والغير منطقي والغيرمنصف يتم قتل الفكر الثقافي والعلمي ويتم احتكار المناصب للمقربين من هذا النائب.وحينها نقول أين يذهب أصحاب الكفاءات والخبرات هل سيظلون يحملون التذاكر الذاهبة والقادمة ويبحثون عن أنفسهم ويبحثون عن عملهم في أزقة شوارع الدول الاجنبية.. ولوتخيلنا أنه لا وجود للعشائرية في الأنتخابات ألن يبرز الكثير من أصحاب الفكر المتقدم والمثقف وذلك لأن هذه المرة الدعاية التي تقودك هي ثقافة تحمل فكر وخطة تغيير عملية وعلميةمقنعة..اخوتي الكرام نحن لا نريد للعشائرية أن تندثر بل ستظل تاجا على رؤوسنا ورمزا للوطن وسيظل لكبارها الأحترام والتقدير وأن الوطن سيضمنا جميعا وستكون مصلحته والأنتماء له أولا. سوف يفرغ الكثيرون جهودهم المخبأة وطاقاتهم في العمل النيابي إلى الساحة مما قد يساهم في تشكيل أحزاب قويه تفرض نفسها كأي بلد ديمقراطي و يتحول مفهوم الانتماء للعشائرية إلى انتماء للوطن وتنتهي المحسوبية والواسطة فأن العشيرة بشكلها البدائي القديم سيجعل المحسوبية والواسطة تنمو بقوة وتجعلها تتجذر وتسير في جسد الدولة كما يسير السرطان في جسد العليل فلا يستطيع ابن العشيرة النائب أو المسؤول إلا أن يستقبل طلبات أبناء عشيرته ويعمل على تلبيتها فهذه مسؤوليته بالنسبة لهم. وهذا هو الاتفاق البديهي المبرم والمبطن مقابل انتخابه.فيالها من ثقافة تافهه .أن للفكر العشائري تأثير أكثر خطورة على اليافعين فهم نواة المجتمع ومستقبله القادم يتربون ويتعلمون فحينما يتم أفهامهم على أنهم أبناء العشيرة الأقوى والأرقى وأن العشائر الأخرى صغيرة محتقرة فأنها تغرس فيهم العنصرية والتعصب وتترك فيهم شيئا من الجاهلية ليتعلموا الحقد والكراهية من نعومة أظفارهم يتربون على حقيقة وهمية غير موجودة وغير منطقية فلا تعجب من الشجارات في المدارس والجامعات والفزعات وثقافة الدكه العشائرية ومن العقلية المتعصبة اللامنطقية التي تظهر في لحظة ما لتطغى على كل القيم وتتقدم عليها.ياترى هل ستكون للعشائرية والولائم والعزائم حصة الأسد في البلد ويكون لها الحق دائما في ضياع الكثير من التقدم والوعي. هل سيظل شيخ العشيرة الحازم القوي الرئيس المطاع لقبيلته الذي أنتقل الى رحمة الله ربما منذ مئة عام والفكر القديم سيظل ميراث أفكاره متناقلا في صندوق ثمين من جيل إلى جيل ولا يمسه أحد فأنه يتوارثه الأبناء من يد إلى يد دون وعي وكأن العالم لم يتغير والعراق لم يتوحد في جسد واحد ولا يحتضن العديد من العقول والإنجازات..وكأنه لا يوجد فيه ثروة فكرية..أخوتي الكرام نحن لا نريد للعشائرية أن تندثر بل ستظل تاجا على رؤوسنا ورمزا للوطن وسيظل لكبارها الاحترام والتقدير. لكن يبقى الوطن هو من يضمنا جميعا وستكون مصلحته والانتماء له أولا ويجب أن نعلم أبناءنا احترام الجميع ونستدل بقوله تعالى(أن أكرمكم عند الله أتقاكم) لا نريد أن نسيطر على القرية ولا على المدينة او محافظة ولا على الدولة فالقانون يسيطر علينا جميعا لنحيا بشكل أفضل وأجمل. يجب ان نحترم القانون ونبني دولة قوية ذات تأثير بالمنطقة ..وأنا أوأكد أن تحسن مفهوم العشائرية في المجتمع لن يحدث في يوم ولا سنة ولا سنتين بل يحتاج الى التغيير الاجتماعي ولوقت طويل . فيجب أن يبدأ هذا التغيير بأقرب وقت فلا شيء مستحيل وكل أمل يتحقق. يجب أن يبدأ من بيوتنا فالتغيير الكبير يبدأ من البيوت الصغيرة وحين نضع الأنانية جانبا ويكون القلب على مصلحة الوطن فإنه حتى العشائرية ستكون منساقة لمصلحة البلد حين نطهر قلوبنا ونظرتنا للآخرين ونخفض صوت الأنا ونزيل عن كاهلنا هذا العبء الوهمي الثقيل حينها سنكون قوه كشعب وتصبح الحياة أسهل وأفضل..وأخيرا يجب أن ننتمي للوطن قبل العشيرة وحب الوطن أهم من حب العشيره..
|