السبت 2025/4/26 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
السماء صافية
بغداد 32.95 مئويـة
نيوز بار
حين يخذلك القلب …!
حين يخذلك القلب …!
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د. حسين الانصاري
النـص :

 

 

 القلب هذا الجزء النابض في الجسد، لم يكن يومًا مجرد مضخة دم توفر الأوكسجين لديمومة الحياة بل كان صديقي الأقرب الحافظ لأسراري، والمترجم لصمتي، والمشارك في فرحي وأحزاني. القلب فيزيولوجيًا، يُبقي الإنسان حيًّا، وسايكولوجيًا، يمنحه القدرة على الشعور لذا صار رمزًا للحب، ومرآة للمشاعر والانفعالات، ومحورا للقصائد والروايات والأغاني  والموسيقى واللوحات.لكنّ هذا الصديق ورغم كل ما أُعطي من رمزية وجمال، قد يخذل صاحبه في لحظة قد يتحوّل من رمز للحياة إلى سبب في ألمها ومعاناتها، من حارس للأمل إلى بوابةٍ للفقد والقلق، يقلب حياة الإنسان رأسًا على عقب، أو يقوده بصمتٍ نحو النهاية دون نجاة

مرض القلب الجديد الذي  فاجأني خلسة ليس مجرد خلل عضوي بل هو خيانة شعورية وعضوية مزدوجة  خيانة الجسد وخيانة المعنى لان القلب تتبدل معانيه لكن وظيفته باقية حتى آخر لحظة قبل ان يخون صاحبه

كم من إنسان وقف على عتبة الحياة، لا بسبب حادث أو مرض خارجي، بل لأن قلبه قرر فجأة أن يتوقف عن أداء مهمته! أزمات القلب المفاجئة، تصلب وانسداد  الشرايين ،الذبحة الصدرية، ضعف عضلة القلب، وغيرها كلّها لحظات تضع الإنسان في مواجهة حادة مع الحقيقة القلب الصديق قد يخذلك في لحظة، دون سابق إنذار. وكما قال الطبيب الراحل د. محمد غنيم  ذات مرة: “أخطر شيء في الطب هو أن أكثر الأعضاء حياةً، هي الأكثر صمتًا حين تموت.هذه العبارة تنطبق تمامًا على القلب؛  فهو يظل ينبض في صمت، حتى يقرر فجأة أن يصمت تمامًا.

خذلان القلب لا يقتصر على الجانب العضوي. ففي المعنى النفسي والرمزي، كم مرة شعرنا أن قلوبنا “انكسرت”؟ كم مرة أحسسنا بذاك الألم العميق الذي لا يظهر في الأشعة أو التحاليل، لكنه يثقل صدورنا كما لو كان العالم كله جاثمًا على أعماقنا؟

القلب الذي كتب عنه الشعراء والأدباء وتغنى به المطربون.

وتحدث عنه الفلاسفة والمفكرون  وتبادل اسمه العشاق المحبون وفحصه الأطباء والمحللون ، وبلا مقدمات أحيانًا — قد يتوقف، يختل، يتعب، يخون. حينها، لا يعود ذلك الصديق الوفي، بل يصبح مصدر ألم لا يُحتمل، وتهديدًا لا بالحياة فحسب، بل بكل معانيها.

فالقلب كان دومًا بؤرة التعبير عن الفقد والحب والخيانة والألم.  كمايقول نزار قباني قلبي كان مدينة مدينةً مفتوحةً فاحتلها الحزن دون مقاومة

لكن جبران خليل جبران   يرى ان  القلب الحزين  لا يمنعه حزنه من أن ينشد أغنية مع القلوب الفرحة .  فتنهضُ شظاياكَ في صمتِ الفجرِ،تُنحّتْ على وجنتيكَ خيوطُ ضوءٍ صَغيرٍ،تُهمسُ لكَ الحياةُ بِلحنٍ غامضٍ،وكأنها تقولُ بعدَ كلِّ ألمٍ، يبدأُ نَشيدٌ جديدٌ.

تَرتَشفُ من كأسِ الأملِ جرعةً هادئةً،فتَجدُ في حفيفِ الأشجارِ سِرًّا دفينًا،وفي ابتسامةِ الحفيد تتوهجُ الرّحمةُ،

كأنما الدّمعةُ القاتمةُ صهرتْ لؤلؤةً.تَتَلمّسُ في الداخلِ مَفاتيحَ أخرى للنّبضِ،

وترى الجرحَ يوشمُكَ بِعلامةِ شجاعةٍ،تُدركُ أنّ الكسرَ لم يكن هزيمةً،بل دعوةٌ لأن تكتبَ قصيدَتكَ الجديدة

المشـاهدات 34   تاريخ الإضافـة 25/04/2025   رقم المحتوى 62084
أضف تقييـم