
![]() |
لماذا يلهث اودونيس وراء جائزة نوبل؟!! |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
اشارة تحريضية/شوقي كريم حسن #أدونيس يلهث خلف نوبل كما يلهث شاعر عجوز خلف وهج قصيدة فقد قدرته على إنشادها. ليس من العيب أن يطمح مبدع للجائزة، لكن ما يفعله أدونيس يخرج الطموح من سياقه الإبداعي إلى استجداء بائس لمكانةٍ لم تعد تُمنح لمن يكتب، بل لمن يخدم. كل تصريح له في المحافل العالمية يذكّرنا بأنه مستعد لتقديم القرابين الفكرية مقابل أن يُفتح له باب السويد، حتى لو كان الثمن التنكر لما كتبه ذات يوم عن الحرية والهوية. كان يمكن له أن يبقى أيقونة، لكنه اختار أن يغدو ظلًّا باهتًا لمؤسسات منحطة تقيس الأدب بميزان السياسة. انكفأ على نفسه، وصار يرى العالم من فتحة الجائزة، فيحكم على الشعوب وعلى الثورات من منظور يُرضي لجنة الجائزة أكثر. وحين ينحاز المستعمر على حساب المقهور، ويُخون صرخة المظلوم لأنه لا يريد أن يبدو “ثورياً” في نظر الغرب، فإنه يسقط لا كشاعر فقط، بل كإنسان. الجائزة التي يتسابق اليها بصبر الرهبة، لن تعطيه ما فقده: وهج البداية. حين كان أدونيس يكتب ليدمّر المعبد، لا ليُقبل على أعتابه. اليوم، ما تبقى من أدونيس ليس إلا هيكلًا لغويًا مذهلًا، بلا روح، بلا توق، بلا نار. وإن جاءت نوبل، فلن تُعيده، وإن لم تأتِ، فقد خسر ما هو أثمن منها: حريته في أن يكون كما كان. نوبل لا تستحق أدونيس القديم، وأدونيس الجديد لا يستحقها. أدونيس ، لم يك ينتظر تصفيقًا، كان يصنع الدهشة بيديه، يحرّض اللغة على الانقلاب، يزرع القصيدة في أرض محرّمة، لكنه الآن يجلس عند بوابة الجائزة، يطلب اللجوء الأدبي، مستعدًا للتنازل عن كل شراراته السابقة مقابل لفتة من لجنة، تقرر بمنطق السوق لا الشعر. إنه لم يكتفِ بالتراجع، بل راح يهاجم كل ما يُذكّره بأنه كان ذات يوم مشاكسًا، رافضًا، حاملًا للقصيدة كقنبلة. صار يرى في الحرية تهمة، وفي الغضب الشعبي غوغائية، وفي التمرد العربي خيانة للحداثة التي يريدها مرقعة، ناعمة، تُقدَّم على موائد العواصم النظيفة. من أدونيس الثائر إلى أدونيس الساكت، مسافة لا تقطعها السنوات، بل تقطعها الخيانات الصغيرة التي تبدأ بالصمت وتنتهي بالتبرير. كلما فشل في الفوز بالجائزة، راح يبحث عن “نظرية مؤامرة” ضد العرب، كأن الجائزة وعدًا إلهيًا، لا لعبة سياسية قذرة. يعرف حقيقتها، لكنه لا يقوى على الاعتراف بذلك، لأن الاعتراف يعني أن كل محاولاته كانت بلا جدوى، وأن صوته الآن، ليس أكثر من رجع صدى يضيع في قاعة انتظار بلا نهاية. هل يستحق أدونيس الجائزة؟ ربما من حيث اللغة، من حيث التاريخ الشعري، نعم. لكنه في نسخته الأخيرة، لا يستحق أكثر من مرثية حزينة لشاعر غيّر العالم، ثم سمح للعالم أن يغيّره. نوبل لن ترفعه، ولن تغسله من تنازلاته، ولن تمنحه الخلود. الشاعر الحقيقي لا يقف على باب أحد، حتى لو كان الباب يفتح على السماء. في لهاثه هذا، خسر أدونيس أشياء لا تُقاس بجائزة. خسر احترام أولئك الذين آمنوا به كمتمرد، مفجر للأسئلة، صوت لا يُروض. خسر وهج النبرة الأولى، حين كان الشعر عنده عاصفة، لا نداء استغاثة. الآن، لا نكاد نقرأ له دون أن نشعر بتلك الرغبة في الإقناع، في التبرير، في التذكير بأنه “ما زال هنا”، كأن وجوده صار مرهونًا بالاعتراف الخارجي، لا بالوهج الداخلي. الأخطر من ذلك، أن لهاثه هذا فتح بابًا واسعًا لتشكيك الأجيال الجديدة في مصداقية الثقافة برمتها. حين يرى الشاعر الشاب أن أحد رموز الحداثة العربية يحني رأسه بهذه الطريقة، يتساءل: إذا كان أدونيس قد باع صوته، فهل بقي أحد لم يبع؟ وإن كانت الجائزة تفعل كل هذا بكاتب في مثل قامته، فهل الأدب نفسه يستحق أن يُكتب؟ إنها خيانة مزدوجة: خيانة للذات، وخيانة للمعنى. هل أدونيس مضطرًا لكل هذا؟ لا. كان يمكنه أن يبقى كما أحبّه قراؤه: حرًا، متعاليًا على الجوائز، غريبًا كما أراد لنفسه دائمًا. لكن يبدو أن الوحدة أقسى مما ظن، وأن الانتظار بلا جائزة أشبه بالحكم بالمحو. هكذا انكسر شيئًا فشيئًا، ولم تنكسر اللغة، بل انكسر موقفه، وصوته، وصورته التي صنعتها القصائد لا الكراسي الأكاديمية. لن يحصل على نوبل، لأن نوبل لا تُعطى لمن يلهث. تمنحها السياسات، لا القصائد. تمنحها لحظة توافق مصالح، لا لحظة تجلٍّ شعري. وفي النهاية، حين ينظر القارئ العربي إلى أدونيس اليوم، لا يرى فيه الشاعر العظيم الذي كان، بل الرجل الذي أضاع نفسه في الطريق إلى الجائزة، ولم يصل. ولا أحد ينتظر من الشاعر أن يصل، بل أن يظل يمشي، لا أن يركض خلف وهْم، يتبخر كلما اقترب منه أكثر.!!.
|
المشـاهدات 21 تاريخ الإضافـة 25/04/2025 رقم المحتوى 62092 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |