الأحد 2025/5/11 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
غيوم متفرقة
بغداد 23.95 مئويـة
نيوز بار
نافذة من المهجر رفقًا بالإنسان قبل الحيوان يا منظماتنا الدوليّة
نافذة من المهجر رفقًا بالإنسان قبل الحيوان يا منظماتنا الدوليّة
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب منال الحسن
النـص :

 

 

من السمات الحضاريّة في المجتمعات المتقدّمة الرفق بالحيوان , وهي سمة تنمّ عن رأفة وإحسان وقيمة تستحقّ الثناء والتقدير , وإن الجميع يعلم بأن عددًا ليس قليلاً من العائلات في الغرب يعيش بين أفرادها حيوان أليف , ويعامل وكأنه واحد منهم فيعتنون به ويتابعون أحواله , والذي دفعني لذكر هذا الموضوع , الذي لا يبدو جديداً ولا توجد مفاجأة معيّنة فيه , هو مشاهدتي لمقطع من مقاطع الفيديو لحادث في شارع من شوارع إحدى دول الغرب , وهو لقطّة وأبنائها , حيث تتعرّض هذه القطّة لحادث دهس من إحدى العجلات المسرعة , فتصاب إصابة بليغة , فما كان من الناس الذين تابعوا الحادث إلا أن يهرعوا مسرعين لإسعاف القطّة وإنقاذها من الموت المحتمل أمام أبنائها الصغار الذين لا طاقة لديهم على فعل أيّ شيء , وطبعاً لم يكتفِ الجمهور المتجمّع على القطّة بمحاولاتهم لمعالجتها وإسعافها , بل طلبوا المعونة من جهات صحيّة من خلال الاتصال بالهاتف النقال على الطوارئ التي سرعان ما حضروا بسيارتهم المميزة لإنقاذ الموقف وإسعاف القطّة وعودتها لأبنائها ... وفعلاً تمّ تدارك الموقف وفرح المتجمهرون وهم يدركون أن الحياة قد عادت لهذه القطّة المصابة !

طبعاً هذا المشهد الذي صوّر ليعبّر عن مدى اهتمام الشعوب المتقدّمة بالحيوانات والرفق فيها , وهو أمر كما قلتُ نحترمه ونقدّره , لأنه ينمّ عن خلق إنسانيّ رفيع ...لكنني وجدتُ نفسي أتساءل بوجع شديد , عن المشاهد المروّعة لأشلاء أطفال ونساء وشيوخ وأناس أبرياء يعيشون الموت كلّ لحظة ويجابهون أشرس عدوان وحشيّ من الصهاينة الذين لا يتوقفون عن حرب إبادتهم لأهلنا في فلسطين وتحديداً في غزة المنكوبة , أين رقّة ورأفة وإنسانيّة هذه المجتمعات المتقدّمة من هذه المشاهد التي تبكي الصخر الذي لا روح فيه ولا مشاعر ؟

أين منظّمات حقوق الإنسان الدوليّة مما يحدث من جرائم في غاية الوقاحة والاستهتار والشراسة والهمجيّة ضدّ أهلنا الأبرياء ؟

أليس الإنسان أولى بأن تحفظ حياته وكرامته وأن يحقن دمه كي يعيش مثل سائر البشر آمناً مطمئناً ؟

إنّ ما يحدث من جرائم قصف وتهديم وترويع وقتل للناس الأبرياء يجعل العالم كلّه مسؤولاً عمّا يجري , وإن السكوت على هذه الجرائم هو مشاركة في ارتكابها , فالصورة واضحة , والأحداث تنقل يوميّاً على الشاشات وفي جميع أنحاء العالم , فلماذا لا نرفق بالإنسان الذي هو أعلى قيمة في الوجود كما نعلم , قبل رفقنا بالحيوان , ولو تجمّعت شعوب أوربا على نصرة وإغاثة الضحايا في غزة كما تجمّعوا لإغاثة القطّة , لأنقذوا العشرات من الذين فقدوا أرواحهم الطاهرة لأنهم ظلّوا ينزفون ولا يجدون أحداً يسعفهم .

التحضّر الذي يعيشه الغرب , يجب أن لا يكون محدّداً أو مقتصراً على فئة من الناس باعتبارهم الشعوب المتفوّقة , بينما ينظرون إلينا بوصفنا عالماً ثالثاً متخلّفاً لا يستحقّ الحياة , وبالتالي فإن ما يحصل لهذا العالم لا يعنيهم إنسانيّاً أو حضاريّاً , وهذه النظرة العنصريّة المريضة  لا يمكن أن تقبل , ولا يمكن أن نتقبّل ترويج الإعلام المسموم لها , لأنّ مجتمعاتنا , التي يصفونها بالتخلّف , هي التي وضعت اللبنات الأولى للحضارات , وهي التي سنّت قوانين الإنسانيّة , يوم لم يكن الغرب إلا ظلاماً .

لا أريد هنا أن أدخل بمناقشة للفكر الحديث الذي دسّ سموماً كي يشوّه صورة العرب والمسلمين تحديداً , فإن مثل هذا النقاش سيتوسّع ويجعلني بعيدة عمّا أريد الحديث عنه والإشارة إليه , وهو أن الضحيّة الإنسانيّة هي أثمن وأهمّ من المخلوقات الأخرى , فالإنسان خلقه الله تعالى وطوّع له كل ممكنات الخلق لترتقي  به , أمّا الاستهانة به لأن مرتكب الجريمة بحقّه هو مدلل أمريكا والغرب وهو الكيان الصهيونيّ , فهو أمر نستنكره بشدّة , وإنهم لن يخدعونا برفقهم بالحيوان , الذي لا خلاف عليه طبعاً , ولكن الرفق بالإنسان أوّلاً يا منظّمات  حقوق الإنسان الدوليّة .

المشـاهدات 78   تاريخ الإضافـة 02/05/2025   رقم المحتوى 62394
أضف تقييـم