الجمعة 2025/5/9 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 38.95 مئويـة
نيوز بار
(( تحقيق خاص )) أدب الطفل والتحديات المعاصرة فى ظل الثوة التقنية
(( تحقيق خاص )) أدب الطفل والتحديات المعاصرة فى ظل الثوة التقنية
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

إعداد - الأحساء

زهير بن جمعة الغزال

 

 

الأطفال هم بذرة الحياة الأولى، ولبنة المجتمع، وركيزة الأمم، وحسبما كان الزرع، يكون الحصاد، فهم أبناء اليوم، ووقود المستقبل، وتنشئتهم الثقافية السليمة، تًخرج أجيالًا قادرة على صنع النهضة وتقدم مجتمعاتهم، فالصغير اليوم، سيكبر غدًا، وسيكون قائدًا أو طبيبًا أومهندسًا أوكاتبًا أو شاعرًا أو عاملًا أمينًا.

لأدب الطفل دور مركزي وفاعل في التنشئة السليمة للطفل، وينبغي عدم التقليل من شأنه، فهو ليس أداة ترفيه فحسب، بل مشروع وطني وتربوي، يجب أن يُحتضن ويُنمّى، فهو يصنع أجيالًا تقرأ وتفكر وتبدع، ونحن بحاجة إلى شراكات بين الأسرة، والمؤسسات التعليمية، والمبدعين من الكتّاب؛ لصناعة أدب يرتقي بعقول أطفالنا، ويواكب متغيرات العصر.

فى هذا التحقيق المهم، نتناول أدب الطفل وتحدياته المعاصرة فى ظل الثورة التقنية العالمية، وعلاقته بالمتغيرات التكنولوجية الحديثة، وتأثيراته الدائمة في مجال النشر الورقي والتقني، وآراء المتخصصين من الكتاب والتربويين والثقافيين والشعراء وحتى الأطباء والتقنيين.

(انسحاب الكتب والورقيات من الساحة العالمية)

تقول الدكتورة حصة العوضي: ليس غريبًا على المهتمين والمختصين بأدب الطفل وثقافته، القلق الشديد بشأن ما يحدث في التطورات المتتالية للأنظمة التقنية في العالم منذ العقود الأخيرة من الزمن، وما تلاه من استغناء الجزء الكبير من البشر عن التواصل المباشر بين بعضهم البعض، حيث لا يختلف في ذلك الكبار والصغار، ولا الغني والفقير، ولا القريب والبعيد.

فمنذ انطلاق الثورة الأخيرة للتقنية الإلكترونية مع اندماج ما يطلق عليه بالذكاء الصناعي الذي غزا الأجهزة المحمولة بسماته الجديدة، والتي لن تشهد إلا على اندحار ما يسمى بالإبداع الفني والثقافي على مستوى العالم، وكذلك التطور الطبيعي لنمو أدمغة الصغار من خلال البحث عن الأمور اليسيرة والسهلة في حل المشاكل والعقبات، مع تغييب العقل الإنساني ومهمته في إدارة وحماية إدراك البشر في جميع مراحله التطورية والإنتاجية.

)أدب الطفل.. صناعة الوعي من المهد)

أمل مطلق الحربي، باحثة دكتوراة - أصول تربية، تقول: يُعدّ أدب الطفل حجر الأساس في بناء الشخصية منذ الطفولة المبكرة؛ فهو أداة تنوير تُسهم في ترسيخ القيم، وتوسيع المدارك، ومن هذا المنطلق، قدمتُ مجموعة من الأعمال المسرحية التي تمزج بين الترفيه والفكرة الهادفة، موجهة للأطفال من عمر 6 إلى 15 سنة، ومن أبرزها "حسام ورحلة الزمان"، والتي قدمت كنص في جمعية الثقافة والفنون بالدمام، تناولت فيها مفاهيم الهوية والانتماء، و"حزام ناسف" التي مثّلت ضمن فعاليات المسرح المدرسي للتوعية بخطر التطرف بأسلوب مبسّط، يناسب وعي الطفل، وكذلك "ضد مجهول" التي تناولت بجرأة قضايا اجتماعية تمس واقع الطفل العربي.  وسعيتُ إلى تبسيط المفاهيم التعليمية من خلال "مسرحية عجيبة في رحلة العجائب"، حيث خضعت الشخصية "عجيبة" لرحلة داخل مدينة التعجب، بهدف مساعدة الأطفال على فهم قواعد النحو ومعرفة الأفعال التي يجوز التعجب منها مباشرة أو عبر فعل مساعد، في قالب قصصي مشوّق.

أما الدكتور سامي الشيخ محمد، أستاذ الأخلاق والحضارة واللاهوت وعلم اجتماع المستقبل بجامعة دمشق، فقال: إن هناك تحديات معاصرة تُواجهها الأسرة والمجتمع، في عملية التنشئة الاجتماعية للأطفال، وهو الأمر الذي يقتضي من الكُتاب والأدباء والمثقفين العاملين في ميدان أدب الأطفال، ضرورة أن يكون أدب الطفل أدبًا هادفًا، يستهدف بناء شخصية الطفل بناءً سليمًا متينًا معززًا بالقيم الاجتماعية والتربوية والأخلاقية التي تسهم إسهامًا فاعلًا في تنمية الجوانب الإيجابية المختلفة في حياة الطفل، فالتركيز على نشر قيم التعاون والمحبة والصدق والاحترام والتسامح والوفاء ومحبة الأوطان والبذل والعطاء والتفوق في التعليم وميادين الحياة المختلفة، وإبراز الآثار السلبية الضارة الناجمة عن نشر المفاهيم والسلوكيات الخاطئة، في النصوص الأدبية وقصص الأطفال ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة.

 (جيل ألفا بحاجة إلى كتب غير تقليديه)

وقالت إيمان راشد فارس: تمضي السنوات وتتطور وتختلف الأجيال عن الأجيال التي سبقتها، نجد هوة الاختلاف تتسع عامًا بعد عام، أطفال اليوم، جيل ألفا، نشأوا على التكنولوجيا الحديثة مع ما يُصاحبها من مميزات، مثل القدرة على سرعة التفكير وإيجاد الحلول، هذا الجيل الحديث من الأطفال لا تستهويه الكتب التقليدية، إنه في حاجة لما يُواكب تفكيره، هو بحاجة لأن نخاطبه بلغة تتناسب مع مفاهيمه ومدركاته التكنولوجية، هم أذكياء جدًا لكنهم بالمقابل يُحبون السرعة في تلقي المعلومة، لا يمتلكون الصبر الكافي لإنهاء قراءة كتاب تقليدي، ولكي نجذبهم للقراءة، يجب أن يكون المحتوى الأدبي، يتناسب مع تطلعاتهم، وأن يكون الكتاب بطباعته مخالفًا لما اعتدنا عليه بالسابق.

أما عواطف عبداللطيف، إعلامية وناشطة اجتماعية، فقالت: أدب الطفل ليس مجرد وسيلة للترفيه، بل هو أداة تعليمية وتربوية تُسهم في بناء شخصية الطفل وتنمية خياله والإبحار به لمساراته المستقبلية، وأضافت، لقد اقتحمت التكنولوجيا حياتنا، ودخلت عقول أطفالنا، وغالبية أطفالنا لم يعد يستهويهم ما كان يجذبنا، لأنهم يتعاملون اليوم مع أمور جديدة، لم تكن متاحة في طفولتنا، واليوم هناك شيء مختلف، طروحات بأفكار مختلفة، غالبها يعتمد على الخيال والغرائب وعلى التسالي الإلكترونية، تأتيه بطريقة جذابة أكثر عبر شاشة، باتت جاذبة لسرعتها وخفتها.

(المعجم الرقمي.. مكان المعجم الورقي)

وأوضحت دكتورة دلال مطر الشامسي، أستاذ مشارك في علوم الأرض، أن أدب الطفل، يُواجه اليوم تحديات اضمحلال المخزون اللغوي العربي لدى الأطفال، بالإضافة إلى اختلاف اهتماماتهم واتجاههم نحو ما تعج به تطبيقات التواصل الاجتماعي والألعاب التي يرتكز الكثير منها على لغات أجنبية أو تراجم غير مقبولة في اللغة العربية. كما يُواجه أدب الطفل، تحديات ضعف المناهج المدرسية في الأدب العربي في المراحل الابتدائية والثانوية، حيث اختفت كثير من المصطلحات والتدريبات التي كانت تثري مخزون الطفل اللغوي والأدبي، وأصبح المعجم الرقمي مكان المعجم الورقي الغني الذي كان يحمله الطفل وينهل من مفرداته بأسمائها وأفعالها.

 (العِلْم في الصغر كالنقش على الحجر)

أكدت د. غالية بنت عيسى الزبيدي، من سلطنة عمان، أننا لا نستطيع أن نبني الرؤى المستقبلية إلا بعد أن نستقرأ الواقع جيدًا. وقالت إن المادة الأدبية، مقروءة أو مرئية أو مسموعة، هي النبع الثالث بعد البيت والمدرسة، التي يستقي منها الطفل ثقافته، وينهل من واحتها الوارفة ما يؤسس فكره ورؤاه، وما يوجه مشاعره وأحاسيسه، وما يقوِّم سلوكه، فمتى ما أولت الحكومات والمدارس والأسر والمجتمعات جل اهتمامها ورعايتها بتلك المادة، كلما كانت أكثر حرصًا على إنتاج طفل ومجتمع وأمة جيدة.

إننا في أشد الحاجة إلى الانسجام مع ثقافة الطفل الجديدة؛ لتعميق ثقافته العربية وغرسها في عوالمه الأدبية والعلمية بأسلوب جديد، يتوأم مع حركة التكنولوجيا وإيقاعها السريع وتقنيات الواقع المعاصر وبرامج الذكاء الاصطناعي.

المشـاهدات 113   تاريخ الإضافـة 07/05/2025   رقم المحتوى 62614
أضف تقييـم