
![]() |
مسرح الفنان من ألمانيا إلى روسيا: بناء فني تحركه المرونة فن ينظر إلى المسرحيات باعتبارها مؤلفات تشكيلية وتكوينات فنية رمزية. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
متابعة ـ الدستور مسرح الفنان هو شكل خاص من أشكال الإبداع المسرحي، يختلف تصنيفه عن المسرح العادي، الدرامي والموسيقي، في أن المؤلف – الفنان يضع المسرحية باعتبارها بناء من مجموعة من التكوينات البصرية تتطور في المكان والزمان. فكيف ظهر هذا الشكل الخاص من أشكال الإبداع المسرحي؟ الناقد الفني والمؤرخ المسرحي الروسي فيكتور بيريزكين، يجيب عن هذا التساؤل.يقدم الناقد الفني والمؤرخ المسرحي فيكتور بيريزكين في كتابه “مسرح الفنان في روسيا وألمانيا”، دراسة وافية لمسرح الفنان باعتباره لونا من الإبداع المسرحي.يوضح بيريزكين في الكتاب، الصادر عن مؤسسة هنداوي بترجمة أنور إبراهيم ومراجعة مكارم الغمري، أن الجمع بين موضوعَي ظهور مسرح الفنان في روسيا وألمانيا والممارسة الإبداعية له في هذين البلدَين في كتاب واحد؛ لم يأتِ عفْوَ الخاطر.ويقول “لقد جرَت في هذين البلدَين تحديدًا في الفترة من 1910 إلى 1920 تجاربُ، وضعت من خلالها مبادئ مسرح الفنان باعتباره شكلا خاصا من أشكال الإبداع المسرحي. وقد أجرى هذه التجارب أكبر الفنانين الذين يمثِّلون الموجة الأولى للطليعة التشكيلية في القرن العشرين: فاسيلي كاندينسكي، كازيمير ماليفيتش، ل. ليسيتسكي، ف. تاتلين في روسيا، وفي ألمانيا أساتذة الباوهاوس، وفي مقدِّمتهم أ. شليمر وتلاميذه، وكذلك زملاؤه في المعهد، ومن بينهم كاندينسكي. وجميعهم وضعوا عروضا في شكل تكوينات بصرية تأخذ في التحول والتطور في المكان والزمان المسرحِيَّين.”ويذكر أنه من جانب آخر، فقد عمل في هذه الفترة (1910 ـ 1920) في روسيا وألمانيا تحديدًا، أكبر إصلاحيِّي المسرح في زمنهم، الذين أسسوا مبادئ الإخراج الجديد والسينوغرافيا، وهُمْ أيضًا الذين أَثْروا مصطلحات خشبة المسرح دراميا وموسيقيا، فضلًا عن أنهم اكتشفوا إمكانية وضع عروض ذات نوعية خاصة تمامًا من ناحية الإبداع المسرحي، ألَا وهي عروض مسرح الفنان.
نحو مسرح الفنان
يقول بيريزكين “أدخل فسيفولود مايرهولد إلى روسيا هذه الإمكانية بأنْ قدم فكرة السينوغرافيا الوظيفية، وهو الذي عمل على تحقيقها بالتعاون مع مصممي الديكور، وتتلخص فكرته في فهم السينوغرافيا باعتبارها مكونا عضويا وجزءا لا يتجزأ من الحدث المسرحي يعمل مع الممثلين، ويقف إلى جانبهم على قدم المساواة. وعنده ـ مايرهولد ـ يعمل الديكور المادي، الذي يصممه الإنشائيون أو تلاميذ المخرج على التأثير في الممثلين بشكل استثنائي، وهو هنا يؤدي وظيفة ‘جهاز للأداء’، وبمعنى أنه كان يستوعب في سياق تجديد جماليات المسرح الدرامي.”في السياق نفسه، يذكر أن إيزنشتين، تلميذ مايرهولد، قام بصياغة مفهوم “مونتاج الحِيَل” وتجسيده عند إخراجه مسرحيةَ “الحكيم”. على أن فهم هذا النموذج البصري أو ذاك باعتباره مكونا جوهريا وفعالا “وتمثيليا” في العمل المسرحي، قد وضع الأساس بعيدا عن حدود التتابع الزمني عند كل من مايرهولد وإيزنشتين، لتشييد العروض التمثيلية التي يمكن للنموذج البصري فيها أن يكتسب المغزى الأكبر، ومن ثم يصبح هو المعبر الأساسي عن محتوى العرض المسرحي. وقد ظهرتْ مثل هذه العروض بعد مرور نصف قرن، عندما جاء إلى المسرح فنانون قادرون على إبداع مسرحيات باعتبارها مؤلفات تشكيلية، وتكوينات فنية رمزية ومادية، وأضواء ملونة.ويشير بيريزكين إلى أن “في ألمانيا، كان إيروين بيسكاتور هو المخرج الذي انعكست في إبداعه فكرة السينوغرافيا الوظيفية باعتبارها مكونا لا ينفصم عن العمل المسرحي. وقد تمثلت وظيفة السينوغرافيا في أعماله التي أخرجها في إرسال معلومات بصرية إلى المشاهِدين، لها مضمون تاريخي تسجيلي واجتماعي اقتصادي، تعبّر عن العلاقة النشيطة للمخرج تجاه ما يحدث على خشبة المسرح، وذلك باستخدام وسائل السينما والفانوس السحري (البروجيكتور) والتصوير السينمائي. كانت المشاهد المعروضة على الشاشات تحمل طابعا دعائيا تحريضيا ونقديا فاضحا وهجائيا ساخرا. وقد أصبحت هذه المشاهد بمثابة شخصيات مسرحية مستقلة تحمل دلالات مهمة.”كتب برتولت بريخت في ملاحظاته عن بيسكاتور “لقد حولت السينما الديكور الخلفي المتجمِّد إلى مشارك جديد في الحدث المسرحي على غرار الجوقة الإغريقية.” ويضيف “لقد تحولت الخلفية الآن لتصبح نجم المسرح، ولتحتل مكانا بارزا فيه.”لقد وضع بيسكاتور نظاما كاملا للمشاركة في المسرحية من خلال نماذجَ محددة من صورٍ بالفانوس السحري (البروجيكتور) أو مشاهد سينمائية منتجة أو مصوَّرة خصوصا، وكذلك باستخدام رسوم أصلية صنعها ج. جروس لمسرحية “مغامرة الجندي الشجاع شفيك”. وقد تمت العروض باستخدام شاشة واحدة أو عدة شاشات، وحققت الوظائف “التربوية” و”التعليمية” و”التمثيلية” و”التفسيرية”. وقد قامت هذه العروض على التأثير الحماسي وأحيانا الصادم، وفي بعض مشاهد المسرحية، ولاسيما في لحظات الذروة، تبدو هذه العروض الوسيلة الرئيسية التي يتوجه فيها المخرج لمخاطبة جمهوره، وهو ما يعني أن بنية التكوينات المسرحية عند بيسكاتور ـ من الناحية النظرية ـ قد فتحت اتجاها للحركة نحو مسرح الفنان.
فن السينوغرافيا
يرى الناقد الفني والمؤرخ المسرحي أن الفكرة التي أعلنها بريخت بشأن “تفكيك العناصر” قيمة أخرى كبيرة في ظهور مسرح الفنان، فقد وقفت هذه الفكرة على النقيض من فكرة الجمع بين الفنون المختلفة في مركب مسرحي واحد، الأمر الذي كان سمة محددة للمسرح العالمي بدءا من العصر الرومانسي، وفي الأعمال الفنية الكاملة عند فاجنر، والذي ظل سائدا طوال القرن العشرين وجسَّده ستانيسلافسكي ومَن جاء من بعده، سواء من تبعه أو اختلف معه.وخلافا لذلك، اقترح بريخت أن يتم تفكيك الفنون المختلفة الموجودة في العرض المسرحي، واعتبر أن كل فن من الفنون، بما في ذلك السينوغرافيا، التي تشتمل على جميع الوسائل الممكنة للتعبير البصري، بدءًا من التعبير الرمزي إلى استخدام الفانوس السحري وغيره من وسائل التعبير، يجب أن يكون له تأثيره الخاص، وأن يحدث هذا التأثير على نحو مستقل بعيد عن الوسائل الأخرى.إن الذي حدد هذه البنية على هذا النحو هو أن المسرح الملحمي ـ خلافا للمسرح الدرامي المعتاد ـ مسرح “لا يجسِّد حدثا بعينه” وإنما “يحكي عنه”، إن مبدأ “تفكيك العناصر”، بعد أن استوعب ما تم اكتشافه على يدي مجدّدي المسرح في القرن العشرين، الذين سبقوا بريخت، قد دلّنا على التغيرات الجذرية لمنهج فن الإخراج، بعيدا عن الحدود الزمنية لجماليات المسرح الملحمي تحديدا. وإذا كانت المهمّة الرئيسية للمخرج في المسرح القائم على فكرة المُركب هي تجسيد العمل المسرحي، وكشف الشخصيات والأنماط، إلى آخره، فقد أصبح الأمر الرئيسي بالنسبة إلى المخرجين من طراز ما بعد بريخت، هو تقديم العرض المسرحي “على ما هو عليه”، ومن ثم، فإن العرض بكامله، بما في ذلك النص والأداء التمثيلي، عليهم أن يعملوا في خدمته.ويضيف بيريزكين أن مبدأ “تفكيك العناصر” في ذاته، أيا ما كانت رؤية بريخت له وللسينوغرافيا التي تعمل معه، يبدو بعيدا تماما عن مسرح الفنان. فمع أن بريخت أكد على تكافؤ عناصر المسرحية كافة، فقد ظل العنصر الحاكم بالنسبة إليه هو المسرحية ونصها الشفهي. أما وظيفة العناصر الأخرى، فقد كانت ـ بقدر أكثر أو أقل ـ تشارك في قص الحكاية التي كتبها الكاتب المسرحي، وفي تجسيد النص الشفهي. بعبارة أخرى، فإن بريخت (مثله مثل مايرهولد وبيسكاتور) لم يفترض قط، وهو يعلن عن مبدأ “تفكيك العناصر”، أنه بهذا المبدأ تحديدا يفتح إمكانية تأسيس مسرح الفنان. وقد تحققت هذه الإمكانية في سياق عملية التطور اللاحق لفن المسرح، عندما تم اكتشاف أن العنصر البصري، المتحرر من حتمية خدمة المُركب، والمستقل عن بقية العناصر، بمقدوره في النهاية أن يصبح أساسا لعرض مسرحي متميّز بعد أن امتلك إمكانية التأثير الجمالي المستقل. ليس من قبيل المصادفة أن مصمّمي السينوغرافيا الألمان الذين استغلوا هذه الإمكانية (في الستينات والسبعينات) وأنشَئُوا مسارحهم (مسارح الفن)، كانوا مرتبطين ببريخت، واعتبروا أنفسهم تلاميذه وخلفاءه، والمكملين له.ويؤكد بيريزكين أن استخدام فن السينوغرافيا في مسرح الفنان أدى إلى ازدياد أهمية هذا الفن في العمل المسرحي، الأمر الذي انعكس أثره بشكل خاص في تحقيق الممثل لاستقلاله وظيفيا، وذلك بفضل الصور السينوغرافية. وقد أصبح هذا الاتجاه يمثّل الطابع العام السائد في المسرح العالمي في القرن العشرين. على أن الفنانين الذين تعاونوا بشكل مباشر مع بريخت، كان لهم إسهامهم الخاص، ومنهم ك. نيير في العشرينات والثلاثينات، وك. فون أببين في الخمسينات. وهؤلاء اقترحوا على المخرج رسومات خطيطية تجاوزوا فيها اختصاصاتهم الحرفية، فقام نيير برسم أعمال صوّر فيها الشخصيات في مواقف مميزة في المسرحية، وقد تم تصميم هذه الرسوم التعبيرية منها والغروتسكية والهجائية على الشاشة باعتبارها تعليقات جرافيكية مستقلة ذات مغزى يقدّمها المؤلف المسرحي على الأحداث.أما أببين فقد التزم عند إعداده لخشبة المسرح بالمبدأ الوظيفي الصارم، وفي الوقت نفسه قدَّم في رسومه التخطيطية مشاهدَ الإخراج الرئيسية للمسرحية القادمة Mise en Scène وذلك في ما يتعلق بترتيب الشخصيات وتجميعها وتضادها في الفضاء المسرحي، أي إنه أخرج في الواقع العمل المسرحي القادم من الناحية البصرية. لم يعترض بريخت قط على ذلك، بل إنه طبق هذه الرؤية التي قدمها الفنان، وراح يتبع خطاه في الكثير من الأحيان.ومع أن نيير وأببين لم تكن لديهما طموحات إخراجية قط، فإن سعيهما (الذي كانت تحركه وتدعمه فكرة بريخت بشأن “تفكيك العناصر”) نحو توسيع إمكانات استخدام الفنان للفن في المسرح، وتجاوز الاختصاصات الحرفية (إعداد الفضاء المسرحي باعتباره مكانا لقصّ موضوع المسرحية)، وجد قبولا كبيرا من الجيل التالي من مصمِّمي السينوغرافيا الألمان. وقد أصبح الانجذاب ناحية الإخراج سمة عامة للمدرسة القومية في فن السينوغرافيا، وذلك خلافا ـ مثلا ـ لفناني المسرح الروس والبولنديين، الذين استمر توجههم باقيا ناحية الفنون الجميلة، مع استثناءات قليلة نادرة وإن كانت جوهرية جدا.ويتابع بيريزكين “من هنا، كان من الطبيعي تماما أن الكثير من مصمّمي السينوغرافيا الألمان بدؤوا، في مرحلة أو أخرى من مراحل عملهم، في العمل بالإخراج بعد أن حققوا في حرفتهم قمة النجاح، فالبعض، مثل د. خاكير، إ. شيوتس، م.أ. ماريللي، ف. خيونيج، أخرجوا عملا واحدا، في حين أن البعض الآخَر، مثل ك.إ. خيرمان وف. مينكس، راحوا يخرجون أعمالا مسرحية أكثر إتقانا، عملا وراء الآخر.
تكوينات بصرية
الطموحات الإخراجية لدى مصمّمي السينوغرافيا الألمان (وخاصة هذا التفعيل الذي بدأ بشكل ملحوظ منذ منتصف الثمانينات، وقبلها عند مينكس في السبعينات) لم تكن مرتبطة بشكل مباشر بمشكلة ظهور مسرح الفنان في التربة الألمانية، بالشكل الذي تم تناوله به هنا، وإنما اقتصر هذا التفعيل على كشف إمكانات التعامل مع هذا الشكل الخاص من أشكال الإبداع المسرحي. بالطبع لم يكن الأمر ليقتصر على مجرّد رغبة مصمّم السينوغرافيا في أن يصبح مخرجا، وإنما الأهمّ أن يكون قادرا (بتركيبته الفردية) على استغلال تلك الإمكانات.ويلفت إلى إن الأسماء التي تم ذكرها آنفا هي لفنانين مارسوا الإخراج فيما بعد، فأخرجوا أعمالًا مسرحية، سواء في إطار جماليات المسرح الدرامي المعتاد أو الموسيقي، مع مجرد زيادة استخدامٍ في نسبة المكوِّن البصري والتشكيلي التعبيري، الذي تم استخدامه من جانبهم باعتباره شخصيةً درامية هامة أو مشهدًا أوبراليًّا. ثلاثة مصمِّمين فقط للسينوغرافيا في المسرح الألماني في النصف الثاني من القرن العشرين أقبلوا بإدراك كامل على مسرح الفنان تحديدا، بعدما اقترحوا أشكالا مختلفة لهذا الشكل من الإبداع المسرحي، وهم: خ.زاجرت، أ.مانتيه وأخيم فراير.وكانت السمة العامة لمشروعاتهم تتمثل في أنّ ثلاثتهم وضعوا تكوينات بصرية لعروضهم مستخدمين الوسائل السينوغرافية للتعبير، والتي كانوا يُجيدون استخدامها إجادةً تامة باعتبارهم محترفين. بعبارة أخرى، كان مسرح الفنان في أدائهم مسرحا للمختصين في السينوغرافيا، على أي حال، كانت هذه هي البداية. فراير فقط، الذي قطع شوطا كبيرا إلى الأمام في تأسيس مبادئ مسرح الفنان، متخطيا كلا من زاجرت ومانتيه (من الناحية الزمنية، ومن ثم من ناحية عدد الأعمال التي أخرجها)، وصل في مرحلة معيّنة إلى خلق جوهر هذا الشكل الخاص من أشكال الإبداع المسرحي، أي إلى وضع العمل المسرحي باعتباره بناءً يدخل في تكوينه شخصيات الممثلين ومرونة وانسجام حركاتهم وإيماءاتهم وأوضاعهم.ويكشف بيريزكين أن بالتوازي مع عمليات تطوير إعداد الأشكال الجديدة في فن الإخراج والسينوغرافيا، تم إدخال البحوث والتجارب التي حدثت في مجال الإبداع البصري، وخاصة في النصف الثاني من القرن العشرين، عندما نشطت أشكال كثيرة من عروض الحركة، عروض الحادثة، كل عروض الجسد الممكنة، عروض البرفورمانس، ومن الحركة إلى مسرح الفنان كانت هناك خطوة واحدة، وقد حققها في ألمانيا شخصان فقط؛ أحدهما فراير (الذي كانت أعمال الحركة التي ألّفها، لها الأهمية نفسها التي كانت لأهمية استخدام السينوغرافيا)، والثاني هو ب.شومان الذي جاء إلى مسرح الفنان بفكرة “إحياء التماثيل”، والتي تجسدت في العروض التي أعدها من خلال تكوينات لموضوعات للعرائس تتحرّك وتصدر أصواتا عن طريق ممثلين منفّذين.وأخيرا ظهر في روسيا مسرح الفنان متأخرا كثيرا عن مثيله في ألمانيا، عندما ظهر في التسعينات فقط على يدي م. إيسايف وب. سيمتشينكو من مدينة بطرسبورغ، اللذين قاما بإخراج عروض مسرحية من فصلٍ واحد من نوع الحركة وعروض البرفورمانس، مع أنهما كانا يملكان بعض الخبرة في العمل في إعداد المسرحيات. أما بالنسبة إلى فناني المسرح الروسي، الذين غلب على إبداعهم التجسيد الكامل، لمَا يشبه فكرة السينوغرافيا الفعالة في مسرح الفنان؛ فهؤلاء وضعوا في النصف الثاني من القرن العشرين صورا بصرية ذات أهمية رفيعة، ولكن أحدا منهم لم يذهب بعيدًا عن جماليات المسرحَين الدرامي والموسيقي.
محمد الحمامصي |
المشـاهدات 2169 تاريخ الإضافـة 27/05/2025 رقم المحتوى 63387 |