
![]() |
مبدعة في مهرجان نور تونس للثقافة والابداع الشاعرة والفنانة التشكيلية: عايدة الربيعي |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
تونس -حمدي العطار حين تتلاقى الريشة مع الكلمة، ويصبح الفن التشكيلي مرافقًا للشعر في التعبير عن الهوية والحنين، تتجلى الإبداعات التي تعبّر عن الذات والمكان والذاكرة. في هذا المهرجان الثقافي، وقفت الشاعرة والفنانة التشكيلية عايدة الربيعي لتقدّم تجربتين فنيتين فريدتين: لوحة تشكيلية تنبض بعبق العراق الشعبي، وقصيدة شعرية مفعمة بالحنين والوفاء للأم. وقصيدة ( جنوبيون) *تحليل اللوحة التشكيلية: السمك المسكوف جاءت لوحة الربيعي مستوحاة من وجبة "السمك المسكوف"، إحدى أبرز رموز المطبخ العراقي التقليدي، لا سيما في بغداد. لم تكن اللوحة مجرد تمثيل بصري لطبق طعام، بل كانت نافذة على الموروث الشعبي العراقي، حيث ارتبطت هذه الوجبة باللمة العائلية، والمجالس البغدادية، وحتى بالأدب والفلكلور. قدمت الفنانة في لوحتها تجريدًا بصريًا يجعل من السمك رمزًا للانتماء، ومن نار الشواء شعلة للذاكرة الجمعية، وكأنها توثق اللحظة العراقية من خلال نكهة وروح. •*القراءة الفنية: تندرج هذه اللوحة ضمن أسلوب المدرسة التكعيبية التجريدية، حيث تتداخل الأشكال الهندسية والمنحنيات لتشكّل تكويناً بصرياً معقداً. الفنان هنا لا يسعى إلى تمثيل الواقع كما هو، بل إلى تفكيكه وإعادة تركيبه وفق رؤية ذاتية: - الألوان: استخدم الفنانة ألوانًا زاهية ومتناقضة (الأحمر، الأصفر، الأزرق، الأخضر) لخلق ديناميكية حركية داخل العمل، ما يمنح إحساسًا بالحياة والطاقة. - الأشكال: تُمزج الوجوه البشرية والعناصر الحيوانية بخطوط منحنية ومقطعة تعكس تشوّيش الهوية وربما صراعًا داخليًا. - التكوين: لا يوجد مركز بصري واضح، بل تتوزع الكتل والأشكال بطريقة تفرض على المتلقي التنقل بعينيه عبر اللوحة لاكتشاف معانيها. *القراءة الأدبية: من منظور أدبي، يمكن النظر إلى هذه اللوحة باعتبارها نصًا بصريًا مشحونًا بالرموز: * تفكك الذات: تعدد الوجوه والأجزاء المتقاطعة يوحي بتعدد الأصوات داخل الذات، كما لو أن الشخصية تعاني من تمزق بين الواقع والخيال. - حوار داخلي: الأشكال المتقابلة توحي بحوار داخلي بين أطراف متضادة، ربما بين العقل والعاطفة، أو بين الإنسان وغرائزه. - الزمن والمكان: اللوحة تتجاوز الزمان والمكان المحددين، فالأشكال المجردة تعيد المتلقي إلى عالم الأحلام أو اللاوعي. *خلاصة: اللوحة تحمل أبعادًا رمزية وفنية متعددة، وتستحق التأمل ليس فقط كعمل فني بصري، بل كقصيدة صامتة تعبر عن صراعات النفس البشرية وتعدد وجوهها. إنها لوحة تحفز الخيال، وتدعو إلى تأويلات لا تنتهي. *تحليل قصيدة: "أمي" في قصيدتها "أمي"، تبحر الربيعي في ذاكرة الطفولة وتفاصيل الحياة اليومية التي تشكّلت في ظل الأم. تبدأ القصيدة بنداء حميمي: "إلى من أبصرها كل يوم تغزل من الشمس حبًّا وبيتًا من جموح الصبر: أمي" وتنطلق منها لتصوغ صورة الأم بوصفها الكون كله، متجسدة في كل تفاصيل الحياة. الأم هنا ليست مجرد شخصية عائلية، بل هي كيان شعري مقدّس، تشبه الشمس في إشراقها، وتمدّ أبناءها بالقوة والرغيف والحب. في المقابل، يأتي حضور الأب خافتًا، يظهر ليلًا في استراحة مؤقتة، بينما تبقى الأم يقظة، تحمل عبء النهار وقلق الليل. اللغة في القصيدة حارة، مشبعة بالصور الحسية، وتعكس حالة من التقديس الممزوج بالألم، إذ تتحول الأم إلى رمز وجودي، حاضر في كل لحظة، وصاحبة الفضل في كل انتصار.
*قصيدةجنوبيون: يا شعب الله المختار في الشعر جنوبيون/ لطالما نحن عراقيون/ نتشابه بالموت/ وعند الشهادة/ نعشق الشعر والسياسة...جنوبيون : مصايفنا السجون/ متهمون دائما ،ناطقون/ تهمتنا واحدة/ وانتماؤنا معروف/ سياسيون شيوعيون/ غير ذلك لا نكون.. سجلوا عندكم سادتي: قد يطردني الله من جنته/ أن لم أكن- جنوبية/ جنوبية أنا/ من قدمي/ وحتى رأسي التعليق : في قصيدتها "جنوبيون" تعبّر د. عايدة الربيعي عن فخرها بالانتماء الجنوبي، مستحضرة معاناة أهل الجنوب العراقي وتضحياتهم. تمتزج في النص نبرة التمرد مع الاعتزاز، حيث يُصور الجنوبيون كرموز للشهادة، والصدق، والانتماء السياسي الواضح. الشعر هنا وسيلة للمقاومة، والهوية تتحول إلى تهمة تُحمل بفخر، في رسالة قوية ضد الإقصاء والظلم. *الخاتمة: بين الريشة والكلمة، نجحت عايدة الربيعي في رسم مشاهد من الحياة العراقية برهافة وجمال. لوحتها عن "السمك المسكوف" تروي حكاية وطن، وقصيدتيها "أمي"و "جنوبيون" تشهد على عظمة التضحية والحنان. فكانت مشاركتها في المهرجان تظاهرة فنية وشعرية تشهد على عمق ارتباط الفن بالهوية والوجدان. |
المشـاهدات 164 تاريخ الإضافـة 14/06/2025 رقم المحتوى 63846 |